كتاب بوريس جونسون.. مذكرات مهرج

23 أكتوبر 2024
نُسخ من كتاب بوريس جونسون معروضة في مكتبة بلندن /10 أكتوبر 2024(Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- مبيعات الكتاب وتوقعات السوق: حقق كتاب مذكرات بوريس جونسون مبيعات بلغت 42 ألف نسخة في الأسبوع الأول، وهو أقل من التوقعات مقارنة بمذكرات رؤساء وزراء سابقين. يتناول الكتاب حياة جونسون السياسية والصحافية.

- محتوى الكتاب وردود الفعل: يتضمن قصصاً مثيرة للجدل مثل احتمال وضع جهاز تنصت من قبل نتنياهو، وتلقى نقداً حاداً من وسائل الإعلام لافتقاره للندم على بعض الأحداث المثيرة للجدل.

- أسرار القادة والعلاقات الدولية: يكشف جونسون عن تفاصيل شخصية حول قادة عالميين وعلاقته المعقدة مع ترامب، وينتقد زملاءه في حزب المحافظين وفضيحة بارتي غيت.

حقق كتاب مذكرات رئيس الحكومة البريطاني السابق بوريس جونسون مبيعات بلغت أكثر من 42 ألف نسخة خلال الأسبوع الأول من طرحه في الأسواق، رغم أن التوقعات كانت أعلى بكثير، مقارنة بنسب البيع في الأسبوع الأول لمذكرات رؤساء سابقين مثل طوني بلير الذي بيع له 92 ألف نسخة، ومارغريت تاتشر بأكثر من 110 آلاف نسخة.

الكتاب، الذي نُشر عن دار هاربر كولينز التابعة لروبرت مردوخ، يمتد على 784 صفحة ويحمل عنوان "Unleashed" (مُطلق العنان)، ويستعرض مراحل وهواجس حياة جونسون، الذي شغل عدة مناصب، منها عضو البرلمان، عمدة لندن، وزير الخارجية (في عهد حكومة تيريزا ماي)، ورئيس الوزراء، بالإضافة إلى كونه صحافياً معارضاً وأحد أبرز الوجوه المطالبة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

نشر جونسون مقتطفات من الكتاب، الذي يُباع حالياً بثلاثين جنيها إسترلينيا (حوالي 39 دولارا أميركيا)، في صحيفة التلغراف بداية الشهر الحالي، قبل طرحه للأسواق، في خطة تسويقية لم تحقق التوقعات حتى الآن. وقد تصدرت قصته حول احتمال وضع رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جهاز تنصت في مرحاضه عناوين الأخبار، لكن مع صدور الكتاب، تناولت وسائل الإعلام قصصاً أخرى غريبة، بما في ذلك ادعاء جونسون بأنه حاول إقناع الأمير هاري بالبقاء في الصفوف الأمامية للعائلة المالكة، وتفكيره في "غارة" عسكرية على هولندا للاستيلاء على لقاحات كوفيد، وعلاقته مع الولايات المتحدة ورئيسها السابق دونالد ترامب، والحرب الروسية الأوكرانية.

مذكرات جونسون: نقد حاد ومراجعات سلبية

وصفت صحيفة "ذا إندبندنت" كتاب مذكرات جونسون بأنه "وقح ويمكن التنبؤ به"، ومنحته نجمة واحدة فقط. وفي مراجعة له، قال تونكو فاراداراجان، الزميل في كلية الحقوق بجامعة نيويورك، في مقال له بصحيفة "وول ستريت جورنال": "هذا هو بوريس الكلاسيكي. بالطبع إنه مضحك. لكنه لا يتوقع منك أن تقتنع بفكرة أنه مزيج من اثنين من أفضل رؤساء الوزراء المحافظين في تاريخ بريطانيا. بدلاً من ذلك، يدعوك إلى قبول فكرة أنه واثق من نفسه ومنتصر بما يكفي ليطلق نكتة صغيرة على حساب نفسه. ويذكرك مراراً وتكراراً بنقاط ضعفه، ويخبرك أنه "تاجر هفوات"، وكل هذا من أجل أن يخدعك ويربطك به كرجل وقح قد يكون من النخبة، ولكنه ليس نخبوياً على الإطلاق".

ويضيف فاراداراجان في مقاله: "لقد خرج مدققو الحقائق، وسيخرجون، بأعداد كبيرة، للتشكيك في العديد من التأكيدات التي قدمها السيد جونسون. ولكن هل هناك من سيقرأ كتابه دون كيس من الملح على الجانب، يأخذ منه قرصة كلما لزم الأمر؟ بعض الادعاءات ستترك القراء مذهولين. هل زرع بنيامين نتنياهو حقاً، كما يقترح السيد جونسون بخبث، جهاز تنصت "في صندوق الرعد" عندما طلب استخدام حمام السيد جونسون "الخاص تمامًا" في وزارة الخارجية في لندن؟ لن نعرف أبدًا، لكنني أود أن أصدق أنه فعل ذلك".

كما شمل الكتاب توصيفات ساخرة وناقدة لعدد من زملائه وشخصيات سياسية أخرى، مثل وصفه رئيسة الحكومة السابقة من حزبه، تيريزا ماي، بـ"عجوز غاضبة"، قائلاً: "ذات مرة، عندما كانت تلقي خطابًا، وقفت فوقي على منصتها، ولوحت بذراعيها الشاحبتين نحو السماء مثل بعض الكاهنات من صفحات رايدر هاجارد".

في صحيفة "ذا نيويورك تايمز"، كتب رئيس مكتب لندن لصحيفة "تايمز"، مارك لاندلر، مقالًا يتناول فيه علاقة بوريس جونسون بدونالد ترامب، الذي قد يعود لسدة الحكم في الولايات المتحدة. وقال لاندلر: "بالنسبة لجونسون، فإن مدح ترامب لا يتعلق فقط باستعداء جميع الأشخاص المناسبين. إن عودة ترامب من شأنها أن تضع الأساس لما يعتقد البعض في بريطانيا أنه أمر لا مفر منه في سياستهم: عودة بوريس جونسون".

وأضاف لاندلر أنه "لا يوجد شيء في كتاب جونسون المكون من 738 صفحة يدحض هذه النظرية. لديه سطر ثابت حول فرص عودته إلى السياسة في الخطوط الأمامية: 'تقريباً نفس فرص التناسخ في شكل زيتونة أو قطع الرأس بواسطة قرص طائر'".

ورأى الكاتب أن فرص جونسون في العودة تبدو ضئيلة، وأن مذكراته حظيت باستقبال لاذع في بريطانيا، حيث انتقده المراجعون لافتقاره إلى الندم على الحفلات التي أقيمت في داونينغ ستريت والتي انتهكت قيود الإغلاق أثناء جائحة فيروس كورونا. وكان ذلك أحد العروض الفضائحية التي دفعت المشرعين من حزبه المحافظ إلى إبعاده عن منصبه. لكنه أضاف: "ومع ذلك، هناك شعور بأن جونسون، مثل ترامب، محصن ضد الانتقادات التي من شأنها أن تغرق شخصيات سياسية أخرى".

جونسون وكواليس غارة لقاح كوفيد

كشف بوريس جونسون في مذكراته أنه كان يخطط لشن غارة عسكرية على مستودع في هولندا للاستيلاء على خمسة ملايين جرعة من لقاح كوفيد، التي زعم أنها محتجزة بشكل غير قانوني من قبل الحكومة الهولندية. لكن بعد استعراض الخيارات، حذره أحد مستشاريه العسكريين بأن ذلك سيتسبب في غزو دولة حليفة في الناتو. وكتب جونسون: "كنت أعلم أنه كان على حق. وافقت سراً على ما اعتقدوه جميعاً، لكن لم أرغب في قوله بصوت عالٍ: أن الأمر برمته كان جنوناً".

وفي مراجعة له في صحيفة "فايننشال تايمز"، عبّر عضو البرلمان عن حزب المحافظين، جيسي نورمان، عن خيبة أمله من تصرفات جونسون، مشيراً إلى أن الكتاب يتجاهل العديد من الأفعال المثيرة للجدل، مثل "كذبه، وإساءة استغلاله للمحسوبية، وسوء تقديره لشخصيته، وعدم اكتراثه بالتفاصيل"، ولم يتطرق إلى الضحايا إلى حد كبير. واعتبر بعض القراء أن الكتاب لا يعدو كونه "رحلة مهرج متهورة تتركهم باردين".

وأضاف نورمان: "كانت المهمة المركزية لجونسون كرئيس للوزراء حيوية ونبيلة: الارتقاء، على حد تعبيره، للحد من التفاوتات الإقليمية الهائلة في المملكة المتحدة ومعالجة الهدر المروع للمواهب البشرية في مجتمعاتها المتخلفة. هذا الطموح حيوي ونبيل، ولكن كما يظهر هذا الكتاب، فإن المأساة الحقيقية هي أن جونسون لم يتمكن من قيادة ثبات السياسة، أو استقرار الغرض أو اتساق الدعم المطلوب لتحقيقه".

جونسون يكشف أسرار قادة العالم 

تناول بوريس جونسون في كتابه مجموعة من الزعماء والقادة، بما في ذلك الملكة إليزابيث الثانية. وعادةً ما تكون المعلومات المتبادلة بين الملك ورئيس الوزراء خاصة، لكن جونسون لم يتردد في الكشف عن تفاصيل شخصية، حيث أشار إلى أن الملكة الراحلة "أصيبت بنوع من سرطان العظام" قبل وفاتها في سبتمبر/أيلول 2022، رغم أن "الشيخوخة" كانت السبب الرسمي لوفاتها. وبذلك، أصبح جونسون أول سياسي بارز يتحدث علناً عن كيفية وفاتها.

كما اتهم جونسون الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنه "مصدر إزعاج إيجابي"، مشيراً إلى محاولته "وضع حذائه الكوبي في بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي". وذكر أن ماكرون غضّ الطرف عن عبور المهاجرين غير النظاميين للقناة الإنكليزية، مُشيراً إلى ذلك كنوع من "الضربة العقابية" لبريطانيا بسبب خروجها من الاتحاد الأوروبي، مضيفًا: "فلا عجب أن يحاول كير ستارمر من حزب العمال إعادة ضبط الاتحاد الأوروبي".

وفي ملاحظة مثيرة للجدل، ذكر جونسون أنه قدّم هدية بسيطة - صورة مطبوعة من ويكيبيديا - إلى الرئيس الأميركي جو بايدن خلال قمة مجموعة السبع، قائلاً: "أشك في أننا أنفقنا عليها حتى بنساً واحداً. كان ذلك أمرًا سيئًا للغاية؛ والذي أعتقد أنه سيحظى بموافقة دافعي الضرائب في المملكة المتحدة".

وعن زملائه من حزب المحافظين، الذين غالباً ما يُطلق عليهم أكثر الناخبين تآمراً في العالم، وصف عملية الإطاحة به بسبب فضيحة بارتي غيت بأنها "أسوأ من جريمة".

مذكرات جونسون بين الهزل والجدية

اعتبر مارتن كيتل، الكاتب والمحرر في صحيفة "ذا غارديان"، أن كتاب بوريس جونسون هو "مذكرات مهرّج وليس رئيس وزراء". وأشار إلى أن معظم مذكرات رؤساء الوزراء، التي تُكتب بعد فقدانهم للسلطة، تسعى إلى أن تكون تأملية على مستوى ما. فعلى سبيل المثال، يبدأ ديفيد كاميرون كتابه بالاعتراف بأنه لا يزال يعاني من قلق يومي بشأن الدعوة لاستفتاء الخروج البريطاني، بينما يتساءل جون ميجور بشكل أكثر تجريدًا عن سبب دخوله السياسة.

لكن جونسون، وفقًا لكيتل، لا يتأمل ولا يفعل ذلك أبدًا، كما أن مذكراته الجديدة، التي تحمل عنوان "Unleashed"، لا تتجاوز هذه الحدود.

المساهمون