منذ انطلاق الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير/ شباط الماضي، تحوّل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى إحدى الشخصيات المفضلة للعديد من نجوم هوليوود، بحسب صحيفة ذا غارديان البريطانية.
في يونيو/ حزيران الماضي، دخل الممثل الأميركي الشهير بن ستيلر مكتب زيلينسكي، واحتضنه قائلاً: "أنت بطلي". كان ستيلر واحداً من بين الكثيرين من مشاهير عالم الفن والترفيه، الذين قطعوا طريقاً طويلة للقاء الرئيس الأوكراني، تتضمّن رحلة بالقطار عبر بولندا، بسبب تعطّل حركة الطيران في المجال الجوي لأوكرانيا.
من جهته، زار الممثل شون بن أوكرانيا 3 مرات، بهدف تصوير فيلمٍ وثائقي عن الحرب، ومن المتوقع ظهور زيلينسكي فيه.
وفي آخر زيارة، قدم بن لزيلينسكي واحدة من جائزتي أوسكار فاز بها في مسيرته. طلب الممثل من الرئيس الاحتفاظ بالجائزة إلى ما بعد انتصار أوكرانيا في الحرب، كتعبيرٍ عن ثقته بقدرة البلاد على تجاوز محنة الحرب.
وقال بن عند تسليمه الجائزة لزيلينسكي في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي: "أشعر بالسوء. هذا لك. إنّه مجرد غرضٍ رمزي سخيف، ولكن إذا كنت أعرف أنّه معك هنا، فسأشعر بالتحسن وبالدافع للقتال".
وبحسب "ذا غارديان"، استضاف زيلينسكي شخصيات عديدة، من بينها المغامر البريطاني بير غريلز، ومؤسس مجموعة فيرجن ريتشارد برانسون، والممثلة جيسيكا تشاستين، ومغني فرقة "يوتو" الشهيرة بونو، والمذيع التلفزيوني ديفيد ليترمان، والشيف الإسباني الأميركي الشهير خوسيه أندريس، إضافة إلى المؤرخ تيموثي سنايدر.
وبرز من بين الزوار، الممثلة أنجلينا جولي، ونجم أفلام الحركة جان كلود فان دام، الذي زار البلاد قبل عامين خلال تصوير عملٍ لـ"نتفليكس". وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ظهر فان دام في مقاطع فيديو مع جنود أوكرانيين، وهو يردّد شعار الحرب الأوكراني التقليدي: "المجد لأوكرانيا، المجد للأبطال".
كذلك، ينشط العديد من المشاهير ممّن لم يزوروا أوكرانيا في جمع التبرّعات للناس هناك. وتبرز الممثلة الأوكرانية المولد ميلا كونيس، وزوجها أشتون كوتشر، اللذان كانا صديقين لعائلة زيلينسكي قبل الحرب، فقد جمعا أكثر من 30 مليون دولار من التبرعات بعد وقتٍ قصير على بداية الحرب.
وبحسب ما تنقله "ذا غارديان" عن المقربين من زيلينسكي، فإنّ الأخير هو الذي أبقى نجوم هوليوود على اتصال بما يجري في أوكرانيا، بعد أن هدأت التغطية الإعلامية الأولى.
وقالت رئيسة جمعية نقاد هوليوود، نيكي فاولر، وهي أيضاً نصف أوكرانية: "إنه يملك مهارة فطرية للخطابة بحكم خلفيته. وتابعت: "أعتقد أن هذا السبب في قدرته على التأثير في الكثير من المشاهير". وبحسب فاولر "تحترم" هوليوود زيلينسكي وتنظر إليه بوصفه "بطلاً حقيقياً"، وتضيف: "من لا يريد دعم شخص كهذا؟".
وأشارت فاولر إلى أن الرئيس الأوكراني أثار اهتمام هوليوود وكذلك الناس في الولايات المتحدة، وهو ما يوافق عليه الصحافي في مجلة هوليوود ريبورتر، إيتان فلاسينغ، الذي يشير إلى أنّ قدرة زيلينسكي على "التحكم في دورة الأخبار على مدار 24 ساعة باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي ومقاطع الفيديو قد ولّدت له احتراماً كبيراً في هوليوود، بدلاً من أن تكون مجرد شهرة عابرة".
وكان زيلينسكي قد ألقى خطاباً لقي ترحيباً حاراً في مهرجان كان السينمائي في مايو/ أيار الماضي، واختارته مجلات "تايم" و"بوليتيكو" و"فاينانشال تايمز" شخصية عام 2022.
وابتكر زيلينسكي ممشى المشاهير الأوكراني، حيث جرى تكريم أولئك الذين يعتبرون أكبر مؤيدي أوكرانيا من خلال لوحة تحمل اسمهم.
وبحسب المستشارة الصحافية السابقة لزيلينسكي، يوليا مندل، فإنّ الرئيس بحكم عمله سابقاً كممثل "يقدر تأثير الممثلين، وخاصة في هوليوود"، مشيرةً إلى أنه "جعل أوكرانيا أكثر شهرة في جميع أنحاء العالم".
وكانت مندل من بين أولئك الذين ساعدوا في تنظيم التواصل مع المشاهير، بما فيهم إيلون ماسك، الذي كان في البداية من أشد المؤيدين لأوكرانيا، قبل تبني ما اعتبره البعض موقفاً أقرب لروسيا.
ورأت مندل أن زيلينسكي تواصل بنجاح مع الغرب، بسبب "تركيز جهوده لجعل الناس، بما في ذلك النجوم، وليس السياسيون، يفهمون ما يحدث في أوكرانيا".
وقالت: "عند بداية الحرب كان عدوانياً للغاية، لكنه كان يعبر عن الأفكار والمشاعر الجماعية للعديد من الأوكرانيين". لكن، وبحسب مندل، فإنّ خطاب زيلينسكي صار أكثر اعتدالاً بعد النجاحات الأوكرانية بمساعدة الغرب، مشيرةً إلى أنّه "يريد أن يظهر أوكرانيا شريكة للدول الغربية".
بالنسبة إلى الأستاذ في جامعة كورنيل ومؤلف كتاب "طريقة زيلينسكي"، غرانت فاريد، فإن جاذبية الرئيس تأتي من دفعه الغرب إلى مساعدته، انطلاقاً من القيم والمبادئ الغربية نفسها، معتبراً أنّ الرئيس الأوكراني بدأ مشروعاً أوروبياً جديداً.
وتراجعت شعبية زيلينسكي المحلية هذا الصيف، بعد أن قال في مقابلة إنّه قرّر عدم الإعلان عن اقتراب موعد الغزو الروسي، خوفاً على الاقتصاد، وهو أمر وجد بعض الأوكرانيين صعوبة في مسامحته عليه.
مع ذلك، يواصل الأوكرانيون دعم زيلينسكي، ففي النهاية تحافظ شعبيته على الاهتمام بقضيتهم، وتعتبر زيارات المشاهير، وفقاً لميندل، "أمراً مهماً" بالنسبة إليهم أيضاً.