في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب المغرب في 8 سبتمبر/ أيلول، فعّل معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث ما يسمى بـ"الميثاق الدولي للفضاء والكوارث الكبرى". وجرى توفير بيانات الأقمار الاصطناعية من خلال الميثاق لمساعدة فرق الاستجابة للطوارئ على الأرض.
بالإضافة إلى ذلك، استُخدِمت قياسات الرادار من مهمة القمر الاصطناعي الأوروبي كوبرنيكوس سينتينل-1 لتحليل كيفية تحرك الأرض نتيجة للزلزال، وذلك لدعم البحث العلمي والتخطيط لإعادة الإعمار.
وضرب زلزال بقوة 6.8 درجات جبال الأطلس، على بعد حوالي 75 كيلومتراً من مراكش، وسط المغرب، في وقت متأخر من مساء يوم الجمعة 8 سبتمبر. وأودى الزلزال، النادر في المنطقة، بحياة آلاف الأشخاص، وتسبب في انهيار المباني والمنازل وإغلاق الطرق، ما جعل المنقذين بحاجة إلى كل مساعدة يمكن الاستعانة بها لإنقاذ الأرواح، بما في ذلك الأقمار الاصطناعية.
ما هو الميثاق الدولي للفضاء والكوارث الكبرى؟
في مواجهة حالات الطوارئ الكبرى، تتسلّح جهات الإغاثة بمعلومات سريعة وموثوقة ودقيقة تساعد على إنقاذ الأرواح والحد من الأضرار التي تلحق بالممتلكات والبنية التحتية والبيئة.
وتراقب الأقمار الاصطناعية الأرض بشكل روتيني من الفضاء، وتقدّم البيانات لدعم رسم خرائط الأضرار السريعة، وتوفر أداة موضوعية للمساعدة في إدارة الكوارث مثل زلزال المغرب.
ولأنّ قمراً اصطناعياً لا يكفي لحظة الكارثة، أطلقت وكالة الفضاء الأوروبية والمركز الفرنسي للأبحاث الفضائية الميثاق الدولي للفضاء والكوارث الكبرى في 1999، وانضمت إليهما وكالة الفضاء الكندية في عام 2000.
ويستفيد الميثاق، الذي يضم 16 عضواً حالياً، من عمليات الرصد التي تُجرى من عدد كبير من الأقمار الاصطناعية، ويوفر نظاماً موحداً للحصول على البيانات الفضائية وتقديمها للمساعدة في إدارة الكوارث.
ومن خلال الجمع بين أدوات مراقبة الأرض من وكالات الفضاء المختلفة، يسمح الميثاق بالتنسيق والاستجابة السريعة لحالات الكوارث الكبرى، وبالتالي مساعدة سلطات الحماية المدنية والمنظمات.
ويكمن تفرّد المبادرة في قدرتها على تعبئة الوكالات في جميع أنحاء العالم والاستفادة من معرفتها وأقمارها الاصطناعية من خلال نقطة وصول واحدة، تعمل 24 ساعة في اليوم، 7 أيام في الأسبوع، ومن دون أي كلفة على المستخدم.
ومنذ تفعيله لأول مرة في 2000، استخدم الميثاق في مئات المناسبات، وهو ما ساعد على الاستجابة للكوارث مثل الفيضانات والأعاصير وأمواج تسونامي والزلازل.
خرائط وصور من بيانات الأقمار الاصطناعية
خلال زلزال المغرب فُعِّلت أيضاً خدمة كوبرنيكوس لرسم خرائط الطوارئ، للمساعدة في تبادل بيانات الأقمار الاصطناعية، بما يتماشى مع التعاون العملي القائم على الميثاق.
واستخدمت الصور الملتقطة من الأقمار الاصطناعية الفرنسية عالية الدقة لإنشاء خرائط تفصيلية للأضرار في المناطق المتأثّرة.
يمكن لرجال الإنقاذ استخدام هذه الخرائط لتحديد أفضل مسار للعمل، من خلال تحديد الطرق التي يجب سلوكها والجسور التي يجب تجنبها في حالة الانهيار، على سبيل المثال.
تتبّع تغيرات سطح الأرض
بينما تستمر الاستجابة لكارثة المغرب، يستخدم العلماء قياسات من مهمة كوبرنيكوس سينتينل-1 للمقارنة بين ما قبل الكارثة وما بعدها في المنطقة.
وتحمل مهمة كوبرنيكوس سنتينل-1 أداة رادارية يمكنها استشعار الأرض و"الرؤية" من خلال السحب، سواء ليلاً أو نهاراً.
ومن بين الاستخدامات العديدة للمهمة، أنها تتتبع بشكل روتيني التغيرات الطفيفة في ارتفاع سطح الأرض. عندما يحدث زلزال، من الواضح أن التغيرات في السطح تكون أكثر وضوحاً.
تسمح صور الرادار هذه للعلماء بمراقبة وتحليل التأثيرات الدقيقة التي تحدثها الزلازل على سطح الأرض.
وتشير مديرة برامج مراقبة الأرض في وكالة الفضاء الأوروبية سيمونيتا تشيلي، في حديثها إلى موقع الوكالة، إلى أنّ "الميثاق وخدمة كوبرنيكوس لرسم خرائط الطوارئ هما أداتان قيّمتان للغاية لدعم جهود الإغاثة الحيوية عند وقوع الكوارث".
وتوضح أنّ "الأقمار الاصطناعية التي تدور حول الأرض فريدة من نوعها من حيث قدرتها، ليس فقط على توفير مناظر واسعة للمناطق المتضررة، ولكن أيضاً معلومات مفصلة للغاية".
وتتابع: "مهمة كوبرنيكوس سنتينل-1 تحمل راداراً، ويمكنها الرؤية عبر السحب"، و"في حالة زلزال المغرب، كانت قيمة المهمة هي قياس كيفية تحول السطح، وهو أمر سيكون مهماً بمجرد انتهاء الأزمة المباشرة، وبدء عملية الترميم".