تطالعنا مواقع التواصل الاجتماعي بالمزيد من المهرجانات الفنية التي تقام على أرض مصر المحروسة، وبالذات مهرجانات السينما التي تأخذ نصيب الأسد من الاهتمام الإعلامي، ومن ميزانية الدولة أيضاً، التي تسخّر لها الكثير من الإمكانيات لضمان المشروعية والنجاح والاستمرار.
بلا شك، تشكر الدولة على اهتمامها، ولكن أين الأفلام السينمائية المصرية التي ستعرض في هذه المهرجانات الكبيرة البديعة المهمة؟! الإجابة: لا وجود لها، أو توخياً للدقّة يمكن القول إنّ إنتاج السينما المصرية تقلّص عددياً، وتراجع نوعياً.
على الرغم المحاولات المستميتة لصانعي أفلام طموحين حالمين بسينما غير السائدة، إلّا أنّ الظروف تبقيهم مقيّدين، بدءاً من محدودية الميزانية التي تقيد خيال المبدع، وتجبره على تقديم تنازلات تحجّم العمل. وبالطبع أنا لا أقدم رأياً كاملاً وشاملاً عن هذه الأفلام، لكنّني أتكلّم بشكلٍ عام، وهو ما يمكن تأكيده من خلال قرار اللجنة المصرية عدم ترشيح أي فيلم مصري لمسابقة أوسكار أفضل فيلم أجنبي، نظراً لعدم وجود فيلم يستحق الاختيار.
ولهذا، أدعو كل الأطراف السينمائية، سواء من الدولة أو صانعي الأفلام، للبحث عن صيغة وتصورات مناسبة تتيح لهم تجاوز الأزمة، لتعود السينما المصرية كما كانت جريئة وطموحة.
كذلك، تطالعنا الأخبار أيضاً عن خناقات الفنانة س. ضربت س زوجها، وزوجها ضربها، نقلت الفنانة س إلى الرعاية المركزة، الجماهير تبتهل إلى الله لكي ينقذ الفنانة س، الفنانة س تطمئن جمهورها وتطلب الطلاق. يتم الطلاق بعد اتهامات متبادلة بالسرقة وأمور أخرى.
ثمّ، الفنانة س تتصالح مع زوجها. الفنانة س ترقص مع زوجها في كباريه في بلاد الواق الواق. منصات التواصل الاجتماعي تشتعل ويهاجم المستخدمون "العروسين". لكن، وفي خضم هذه الرغوة الصابونية، لم نسمع عن أغنية جديدة، ولم نسمع عن خلافات فنيّة تثري الأعمال الموسيقية.
أذكر الجدل الذي أثاره عبد الحليم حافظ عندما أطلق أغنيته الأيقونية "على حسب وداد"، والخلاف الكبير بين محمد فوزي الذي رفض تغيير اللحن الأصلي لهذه الأغنية الفلكلورية، وبين ملحّنها بليغ حمدي الذي أصرّ على خياراته الفنية وقدم حججه وعرض وجهة نظره.
هكذا كانت الحياة الفنية في مصر، وهكذا كانت الريادة المصرية للثقافة والفن. لماذا تصطبغ الحياة الفنية الآن بهذه الترهات والتفاهات التي لا تسمن ولا تغني من جوع؟ إن لم يتكاتف أهل الفن لإنقاذ الفن المصري من السحابة السوداء التي تحجبه، فسيدفع الكلّ الثمن. الكلّ من دون تمييز أو استثناء.