في السنوات الأخيرة، لمع اسم فرقة مياس اللبنانية، التي أبهرت الجمهور بتقديمها عروضا راقصة أكروباتية حية تمزج بين الفلكلور الصيني والرقص الشرقي في برامج المواهب العربية والعالمية، وحصولها على اللقب بنسختي "آرابز غوت تالنت" وAmerica's Got Talent. إلا أن سحر "مياس" بدا وكأنه قد خبا في الفيديو كليب الأول الذي نشرته أخيراً عبر قناتها الرسمية على موقع يوتيوب.
تولى مهمة الإخراج مدير الفرقة ومصمم الرقص نديم شرفان الذي يتميز برؤية إخراجية قوية في تصميم اللوحات الراقصة في العروض الحية، لكنه لم يتمكن من نقل اللوحات التي صممها بأفضل شكل في الفيديو، فبدت الصورة جامدة بعض الشيء، رغم الحركية الجماعية داخل الكادر. هكذا ظهر كأن العروض الأكروباتية التي تؤديها "مياس" تفقد الكثير من قيمتها إن لم تُقدّم في عرض حي مباشر. وعلى الرغم من أن الكليب يتكون من أربع رقصات متتالية، فإنها فشلت في تلاحقها في خلق أي سياق درامي يجمعها.
نقاط القوة في الكليب لا تتعلق بالبعد الحكائي أو الإخراج السينمائي، وإنما تكمن في جماليات الإكسسوارات والأزياء والتكوينات الجسدية والرقصات التي لا يعيبها شيء سوى أننا حفظناها وباتت متوقعة، إذ نشعر أننا نشاهد لوحات مكررة من عروض "مياس" السابقة، مع تعديلات بسيطة بالكاد تترك أثراً.
الفرقة قد استعانت بالموسيقي هاري هاديشيان لصناعة الموسيقى الخاصة بالفيديو، ولم تعد استخدام القطع الموسيقية التي استهلكتها في برامج المسابقات. لكن الموسيقى الجديدة لم تحفزها على ابتكار رقصة جديدة، ما يضعنا أمام السؤال: هل قدمت "مياس" كل ما لديها في برامج المواهب ولم يعد لديها أي قدرة على الابتكار والتجديد؟ وهل تغليف العروض الراقصة بعباءة القضايا النسوية يضمن استمرارها؟
الكليب عنوانه "حرة"، لكن محتواه لا يُطابق الأفكار النسوية التي تغلفه، والتي يُشير إليها نديم شوفان في اللقاءات الصحافية؛ حيث ذكر أن عنوان "حرة" هو تجسيد لما تمثله الفرقة من إمكانات المرأة العربية والفن الذي تقدمه والمعارك التي تخوضها في سبيله. لكن تصريحات شوفان الكثيرة والدائمة عن النسوية تتناقض مع صورة الفرقة في الواقع؛ حيث تغيب أي ملامح فردية للنساء بالفرقة، والصوت الوحيد الذي يعبر عنها هو صوت شوفان الذي يقود الفرقة ويتحكم بمختلف قراراتها ويقدم كل التصريحات الإعلامية بالنيابة عن الفتيات؛ لتظل أسماؤهن في الظل بينما يلمع اسمه إعلامياً. كما أنّ مسألة انعدام الفردانية ربما تكون السبب في عدم نجاح الكليب، فالتعامل مع أجساد النساء ككتلة واحدة طوال الوقت، من دون الاهتمام بأي أداء فردي، يؤدي إلى ضعف بالتواصل بين المشاهد والنساء الحاضرات على الشاشة، فالابهار البصري والحركات الجماعية المضبوطة، لا يمكن أن تُغني أبداً عن الملامح النسائية الفردية.