استمع إلى الملخص
- يواجه إنشاء المجلس معارضة من جهات متعددة، حيث يرى البعض أن الحكومة تفتقر إلى هيئة عليا للإشراف على الاستراتيجية الأوسع، بينما يُفضل تعزيز الهيئات القائمة لتجنب التعقيدات الإدارية.
- تهدف إسرائيل لتصبح رائدة في الذكاء الاصطناعي، مع استخدامات مثيرة للجدل في التطبيقات العسكرية، مما يثير تساؤلات حول الأبعاد الأخلاقية.
تبذل الحكومة الإسرائيلية جهوداً لتسريع إنشاء مجلس وطني داخل مكتب بنيامين نتنياهو يسيطر على الذكاء الاصطناعي، إذ سيكون بمثابة هيئة مركزية لتنسيق الأنشطة الحكومية في مجال الذكاء الاصطناعي. وسيعدّل بنيامين نتنياهو القانون لنقل المركز الذي كان من المقرر إنشاؤه في الأصل داخل وزارة الابتكار والعلوم والتكنولوجيا، للعمل تحت إشراف المجلس الوطني في مكتبه، وفقاً لموقع كالكاليست تِك الإسرائيلي المتخصص في الشؤون التكنولوجية.
مجلس الذكاء الاصطناعي المرتقب يمكن تشبيهه بالمديرية الوطنية للسايبر التي تقع داخل مكتب نتنياهو أيضاً، بعد أن كانت "الهيئة الوطنية للأمن السيبراني" كياناً أمنياً إسرائيلياً مسؤولاً عن حماية الفضاء السيبراني المدني الإسرائيلي في الفترة من 2016 إلى 2018. في نهاية 2017 قرّرت الحكومة الإسرائيلية دمج الهيئة الوطنية للأمن السيبراني مع المكتب الوطني الإسرائيلي للفضاء السيبراني الذي تأسّس في عام 2012، وهي وحدة في مكتب رئيس الوزراء، تعمل بمثابة مكتب السياسة السيبرانية للحكومة.
جهود مثيرة للجدل
كان المدير العام لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، يوسي شيلي، يدفع باتجاه إنشاء المديرية على الرغم من معارضة جهات عدة، بما في ذلك مجلس الأمن القومي، بحسب ما أورده "كالكاليست تِك" الذي أوضح أن مناقشة في مكتب رئيس الوزراء قد عُقدت بقيادة شيلي. وخلُص الأخير إلى أنه على الرغم من أن هناك عملاً كبيراً يُنجز بالفعل، إلا أن هناك بعض المجالات التي يجب تسريع وتيرة العمل فيها أكثر. ويعتقد أيضاً أن الحكومة تفتقر إلى هيئة عليا للإشراف على الاستراتيجية الأوسع نطاقاً للذكاء الاصطناعي.
ورداً على خطة شيلي لإنشاء مديرية إضافية للذكاء الاصطناعي، أصدر المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي، وهو جزء من مكتب رئيس الوزراء، رسالة تحذّر من إنشاء هيئة إدارية أخرى في هذا المجال. وجاء في الرسالة، التي وقّعها مسؤول كبير في مجلس الأمن القومي: "لا حاجة لإنشاء هيئة إدارية أخرى للذكاء الاصطناعي، يجب تعزيز الهيئات القائمة. في الإطار الحالي، فإن إضافة المزيد من الإدارة غير ضرورية وقد تؤدي إلى نتائج عكسية"، وفقاً للموقع الإخباري نفسه.
الذكاء الاصطناعي للريادة والقتل
تسعى إسرائيل إلى تولي دور رائد على مستوى الذكاء الاصطناعي الذي يطاول مختلف مناحي الحياة تدريجياً. وكان نتنياهو قد صرح، في سبتمبر/ أيلول 2023، بأن "الذكاء الاصطناعي مجال أقوى بكثير من السايبر، أقوى بما لا يقاس من السايبر، وقد حدّدنا هدف تحويل دولة إسرائيل إلى الدولة الثالثة في العالم في هذا المجال، وهو هدف طموح للغاية"، وذلك بعد عودته من الولايات المتحدة حيث عقد لقاء مع الملياردير ورجل الأعمال إيلون ماسك.
لكنها طبعاً توسّع هذا التطور من التطبيقات المدنية إلى العسكرية، إذ إن شركات التكنولوجيا في دولة الاحتلال على علاقة وثيقة جداً بالجيش، وتقنيات الذكاء الاصطناعي المتوفرة استُخدمت وما تزال في قتل الفلسطينيين ومراقبتهم والتضييق عليهم. وقدّمت حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة على غزة صورة مرعبةً عن الشكل الدموي الذي قد يتخذه استخدام الذكاء الاصطناعي، في حرب قيل إنها الأولى التي توضح قدرات هذه التقنية في هذا المجال. وكشفت تحقيقات وتقارير صحافية مختلفة أنّ قوات الاحتلال تعتمد على أنظمة تعمل بالذكاء الاصطناعي لتوليد الأهداف التي يتعين قصفها، وأبرزها "غوسبل" الذي يحدد مراكز وبنى تحتية، و"لافندر" الذي يحدد الأفراد، و"أين أبي؟" لتتبع المسلحين المشتبه بهم واستهدافهم عندما يكونون في المنزل مع عائلاتهم.
وطوال عقود شكّلت غزة مختبراً لقوات الاحتلال من أجل اختبار أسلحة وتقنيات حديثة على الفلسطينيين قبل بيعها للخارج. فاستخدم الاحتلال طائرات من دون طيار وأسلحة آلية وأبراجاً تعمل بالذكاء الاصطناعي لإنشاء "مناطق قتل آلية" على الحدود مع القطاع. كما أطلق عام 2021 روبوت "جاغوار" العسكري، وروّج له كـ"أحد أول الروبوتات العسكرية في العالم التي يمكنها أن تحل محل الجنود على الحدود". وفي الضفة الغربية، كشف تقرير لمنظمة العفو الدولية أن إسرائيل تجبر الفلسطينيين على الخضوع لمسح التعرف إلى الوجوه، لمساعدة الجنود عند نقاط التفتيش شديدة التحصين، وإخضاع الفلسطينيين للاستجواب والاحتجاز. ونشرت مؤسسة كارنيغي ورقة تحليلية قالت فيها إنه "على الرغم من أن إسرائيل لطالما فرضت القيود والرقابة على الفلسطينيين، إلا أن ما تقوم به الآن من استخدام لتقنيات الذكاء الاصطناعي سيساعدها على جمع المزيد من البيانات الشاملة بشكل أكثر كفاءة".