هل أمست "إكس" منصة حربية؟

04 ديسمبر 2024
يصف إيلون ماسك "إكس" بـ"ساحة البلدة" (ياب آريينز/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أصبحت منصة "إكس" تحت إدارة إيلون ماسك ساحة حربية افتراضية تُستخدم لنشر التطورات العسكرية والإنذارات الرسمية، كما حدث في عملية السابع من أكتوبر 2023 ضد الاحتلال الإسرائيلي، مما يعكس تحولاً في استخدام المنصات في النزاعات الحديثة.

- ازدادت أهمية "إكس" خلال عملية "ردع العدوان" في سوريا، حيث تُستخدم لنشر خرائط التقدم والعمليات العسكرية، مما يبرز دورها كمساحة للنشر والنقاش بين الدول والجماعات، مع تزايد المحتوى الحربي.

- تثير هذه التحولات تساؤلات حول أخلاقيات استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الحروب، حيث تُستخدم لنشر إنذارات الإخلاء والمحتوى الحربي، مما يبرز التحديات الأخلاقية والإنسانية المرتبطة باستخدام هذه المنصات.

هناك نكتة للكوميديان الأميركي شان غيلز مفادها بأن الحرب في الشرق الأوسط "كلها على الإنترنت". سواء كنا نتحدث عن الجيش الأميركي أو الفصائل المسلحة، تحوّلت وسائل التواصل الاجتماعي إلى منصات لتبادل الأخبار والتحركات في ظل تحيزات الإعلام الرسمي الذي انتشرت فيه منذ الانتفاضات العربية عام 2011.

ومنذ التغير الكبير الذي شهده العالم، واستحواذ إيلون ماسك على "تويتر" وتغيير اسمها إلى "إكس"، وتبديل قواعد الاستخدام التي أصبحت أكثر "حرية"، تحولت هذه المنصة إلى ما يُشبه منصّة حربيّة، خصوصاً بعد عملية السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ضد الاحتلال الإسرائيلي؛ إذ أمست، إضافة إلى أنها منصة لنشر التطورات العسكرية من الطرفين (إلى جانب تليغرام)، منصةً رسمية لإنذارات الإخلاء التي يطلقها الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي.

ازداد وضوح دور "إكس" مع انطلاق عملية "ردع العدوان" التي شنّتها الفصائل السورية المسلحة على محافظتي حلب وإدلب انتهت بالسيطرة عليهما، وتحوّلت إلى مساحة لنشر خرائط التقدم والعمليات العسكرية والمواجهات مع الجيش السوري. بصورة ما، تحولت "إكس" من منصة تواصل اجتماعي إلى أخرى تتشارك فيها الدول والأفراد والجماعات ذات المساحة للنشر وأحياناً النقاش.

هناك محتوى هائل على المنصة، ابتداءً بتسجيلات الدرونات التي تقصف الجيش السوري، مروراً إلى تلك الأوكرانية، وصولاً إلى التي تُطلقها كتائب القسام. توازياً، تبث الجهات "الرسميّة" فيديوهات مضادة، فضلاً عن صور الجثث والقتلى. وهنا السؤال: ماسك وصف "إكس" بأنها ساحة البلدة، أي ما يشبه فضاءً عاماً، يمكن عبره تبادل الأخبار والآراء من دون أي تدخل. لكن هل بث الحرب على "إكس" جزء من هذه المقاربة؟

نطرح السؤال السابق بعدما تحوّلت المنصة إلى وسيلة جدية لتداول الأخبار، فمن لا يمتلك حساباً لن يرى خرائط أدرعي مباشرة، وإنذارات الإخلاء، ولن يتمكّن الجنود السوريون من الهرب بعيداً عن تقدّم فصائل "ردع العدوان"، كحال أحد الجنود الذي لم يتفقد الخريطة فوجد نفسه أسيراً بيد الفصائل المسلحة. هكذا، فإن الانقطاع عن "إكس" يعني الرهان على الحياة أو الموت.

لا نناقش هنا المحتوى الإخباري، بل ذلك الرسمي والميداني، الذي تتحكم به شركة خاصة مالكها ملياردير يعمل ضمن حكومة دونالد ترامب. "ساحة البلدة" هذه هي ملك لشخص واحد، ومليئة بالمحتوى الحربيّ وذاك اليميني، إلى حد أن علّقت صحيفة ذا غارديان البريطانية حسابها على هذه المنصة.

ما من نموذج حالي لفهم دور وسائل التواصل الاجتماعي بدقة سوى الحديث عن الأخبار الزائفة، وعن تلك المتحيزة لطرف على حساب آخر. لكن ماذا عن الأخبار الحقيقية، تلك التي قد تُهدد حيوات الأفراد: هل تبقى بيد شخص واحد؟ ماذا عن الكرامة الإنسانية للجثة، وكرامة "الأسرى"؟ وغيرها من المحتوى الذي يساهم أيضاً في التحشيد. هل من المعقول أن تتحول "ساحة البلدة" إلى فضاء لاستعراض الجثث؟

لا نحاول هنا أن ننفي قيمة هذه المنصة، لكنها في ذات الوقت شديدة الإشكالية، خصوصاً أمام توظيفها في الحروب؛ إذ قالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أنياس كالامار: "الإنذارات التي أصدرها الجيش الإسرائيلي لسكان الضاحية الجنوبية المكتظة في بيروت لم تكن كافية. يُظهر تحليلنا أن الإنذارات التي أصدرها الجيش الإسرائيلي لم تتضمن خرائط مضللة فحسب، بل صدرت أيضاً في غضون مهلة قصيرة (في إحدى الحالات قبل أقل من 30 دقيقة من شن الغارات) وفي منتصف الليل، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في الوقت الذي يكون فيه كثير من الناس نائمين أو غير متصلين بالإنترنت أو لا يتابعون التقارير الإعلامية".

المساهمون