مرت أكثر من 175 عاماً على تسجيل براءة اختراع جهاز الفاكس، وتحول خلال فترة من حياته إلى أداة لا غنى عنها داخل الشركات. استمرت أجهزة الفاكس التقليدية في قطاعات مثل الرعاية الصحية والخدمات المالية والعقارات، على الرغم من الإقبال العالمي على البريد الإلكتروني والرسائل الفورية والحوسبة السحابية، وسط وعود حكومات متزايدة بالتخلي عن استخدامها. لكن هل يمكن لوباء فيروس كورونا أن يرسل آلة الفاكس إلى مقبرة التاريخ؟
تكنولوجيا قديمة
تشرح "بي بي سي" أنه في بعض القطاعات مثل الرعاية الصحية، تشبث جهاز الفاكس بعناد، بكونه طريقة لمشاركة السجلات الصحية الورقية ونتائج الاختبارات والمستندات. وفي مقاطعة نيو برانزويك الكندية، تسبب 1500 فاكس في ترك السكان ينتظرون أياماً لمعرفة نتائج اختباراتهم المتعلقة بالفيروس. وتعرضت أجهزة الفاكس قبل أشهر أيضاً للهجوم في تورنتو، حيث ألقى مسؤولو الصحة العامة باللوم عليها في التأخيرات الكبيرة في معالجة النتائج والإبلاغ عنها. وكانت الاستجابة عبارة عن نظام جديد كشف عنه في وقت سابق من هذا العام، والذي أدى إلى خفض عدد النتائج المختبرية التي تم تلقيها عبر الفاكس إلى نحو 10 في المائة من الإجمالي.
وفي قطاعات مثل العقارات والخدمات المالية، تستمر أجهزة الفاكس في العمل. وحدّثه البعض ليلائم العصر الحديث، معتمداً على التكنولوجيا التي تسمح بإرسال واستلام الفاكسات في تنسيقات إلكترونية.
محاولات التخلص من الفاكس
اقترحت حكومة هولندا، في مايو/ أيار، على البرلمان تشريعات من شأنها استبدال أجهزة الفاكس وأقراص DVD ببدائل إلكترونية في محاولة لتحديث كيفية تخزين بيانات المرضى والوصول إليها. وفي هولندا، كانت الحاجة إلى التغيير واضحة أثناء الوباء. مع ارتفاع معدلات الدخول إلى المستشفيات، أضاع العاملون في الرعاية الصحية وقتاً ثميناً في تعقب سجلات المرضى ونتائج الاختبارات. لطالما عانى قطاع الرعاية الصحية الهولندي من حقيقة أن جهاز الفاكس قد عفى عليه الزمن، لكنه ظلّ حيوياً لإدارة المستشفى.
وجهود مماثلة جارية في اليابان، حيث وعدت الحكومة بالتخلص من أجهزة الفاكس بعدما أعرب طبيب عن إحباطه بشأن اتفاقية إرسال تقارير طبية مكتوبة بخط اليد بالفاكس إلى مسؤولي الصحة العامة. ولا تقتصر الحركة على قطاع الرعاية الصحية فقط. بدأت المكاتب العامة في اليونان هذا العام بوقف العمل بأجهزة الفاكس بعدما عزز الوباء الحاجة إلى الرقمنة.
عقلية ترفض التخلي عن الفاكس
على عكس برامج الكمبيوتر، يُنظر إلى جهاز الفاكس على أنه آمن للغاية ويصعب اختراقه، كما أنه سهل الاستخدام نسبياً ويتلقى المرسلون تأكيداً بالاستلام، ما يجعله خياراً مناسباً لمن يبحثون عن أثر قانوني يمكن استخدامه في المحكمة. صحيح أن الجائحة سلّطت الضوء على الحاجة إلى تحسين البنية التحتية لتكنولوجيا الصحة العامة، إلا أنه ليس كل الأطراف مقتنعين بأن الوباء سيؤدي إلى نهاية جهاز الفاكس. ويرى معسكر أن الفاكس سيستمر في القيام بدور ما لمجرد أنه من الصعب كسر العادات القديمة، وفي بعض الحالات قد لا يعرف ما هو الحل الأفضل.