سينما ودراما

في ضوء ما يحدث من عدوان إسرائيلي دموي شرس على قطاع غزة، إلى حدّ التطهير العرقي المُمنهج، والإبادة الجماعية المُدبّرة، يتساءل المرء عمّا يمكن أن تُقدّمه السينما العالمية والعربية في هذا الصدد

"العربي الجديد"، في ملفّه هذا، يبحث في تساؤلات عدّة: إلى أي مدى استطاعت السينما إعادة تجسيد تلك الجرائم؟ هل تمكّنت من نقل حالة الضحية في لحظاتها الأخيرة، وكيف؟ وإذا لا، لماذا؟ أليست هناك أفلامٌ تروي الجريمة/الإبادة من وجهة نظر مرتكبها؟

كيف نتمثّل ما لا يمكن تصوّره من فرط فظاعته؟ سؤال أرّق بال المخرجين الذين سعوا إلى تصوير قصص الإبادة الجماعية في تاريخ البشرية، فاختلفت مقارباتهم، لتلافي السقوط في كلّ تصوّر، ربما ينجم عنه تطبيعٌ معها، أو استغلالها لتحقيق جماليات غير مؤاتية.

التصاق السينما بالواقع، واستمداد حبكات كثيرة منه، أوكل لها أحياناً مهمة المشاركة في كتابة السرديات التاريخية الكبرى، بلغتها ووسائل تعبيرها الخاصة، وجعلتها (المشاركة) وسيطاً تعبيرياً فعّالاً.

لن تكون هناك أفلام عن هذا. لا يملك المخرجون العرب ميزانيات لتصوير الحروب. لا تريد الحكومات العربية تمويل أفلام تكون وسيلة تحريض سياسي. حتى الضحايا يسكتون. حجم الرقابة والخوف من الانتقام مهول. بمجرد أن تضع كاميرا أمام شاهدٍ، يخاف الشاهد فيتلعثم ويسكت.

الحديث عن العلاقة بين السينما والإبادة ذو شجون، ليس لأن الموضوع يحمل بعداً سياسياً، فهذا لم يعد مطروحاً بالنسبة إلى ناقد سينمائي، يرصد باستمرار مرارة واقع عربي مفكّك وخيباته، بل لأن ما يحدث في غزة، يدعو إلى التفكير في هذه العلاقة القائمة منذ الأزل.

لا يمكن صنع فيلمٍ عن المذابح البشرية والإبادات، على تنوّع أسبابها، من دون مذابح وإبادات وموت عميم في الواقع. فالضحايا جُزِّر بهم وأُبيدوا، وانتهى الأمر. هذا، بحدّ ذاته، سبب مُحبط لولوج عالم الفن، عدا عن عالم السينما الذي يحكي عن الحياة، لا عن الموت.

رفع الستار، مساء أمس الجمعة، عن الدورة العشرين للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، التي ستستمر حتى 2 ديسمبر/ كانون الأول المقبل.