Hercules and Love Affair: عيون زجاجية لا تتحدث

أخيراً، أصدرت فرقة Hercules and Love Affair، ألبوماً جديداً يحمل عنوان In Amber. العمل يحمل صبغة عاطفية، كونه يعيد الفرقة إلى شكلها الأصلي، الذي تشكلت عليه في عهدها الأول ببداية الألفية الجديدة، حين تمكنت من فرض أسلوبها الخاص بمزج موسيقى الديسكو والهاوس. هذا الإصدار هو الخامس في مسيرة Hercules and Love Affair، وقد استغرق التحضير له قرابة خمسة أعوام.

في In Amber، تتخلى Hercules and Love Affair نسبياً عن أسلوبها الموسيقي الحيوي المعهود، الذي يحفز على الرقص، لتختار موسيقى أكثر سكينة تحفز على التأمل والاسترسال مع الطروحات الجديدة التي تحتويها الكلمات، وتكتسب جاذبيتها بسبب غرابتها؛ إذ هي قائمة فعلياً على جمع الأضداد، وتسبح في فضاء الهوامش التي تخلقها المشاعر المتناقضة؛ ولا سيما حين تحثنا الأغاني، في اللحظات الأكثر تشاؤماً، على التسليم بحتمية الفناء، قبل أن تعود لتبحث عن السلام داخل هذه الحقيقة.

افتتاحية الألبوم، Grace، تختلف عن كل الأغاني الافتتاحية في إصدارات Hercules and Love Affair السابقة، فهي تبدأ بنقطة منخفضة جداً، وتبدو عالقة فيها وغير قادرة على الخروج عنها، ويفتتح الغناء فيها بتلر، مؤدياً بأسلوب قريب من الروك، كلمات تحاول أن تمهد للغرابة القادمة. فهي تنذر بمواجهة مختلفة مع الوسط المحيط بعد فترة طويلة من العزلة، حيث يرد: " بعد كل هذه الأخطاء، لا يزال بإمكاني إظهار وجهي". وترافقها همهمات تركز بمعظمها حول الأنا، لشخص يبدو لوهلة منعزلاً وغير قادر على المواجهة، وبلحظات أخرى يبدو في مكانة ليست بعيدة عن جنون العظمة.

تبدأ بوادر العدمية تظهر في الأغنية الثانية من الألبوم، One، إذ تمضي بالحديث عن الموت بشكل مباشر، وبالتقاطع مع صور شعرية متعددة تتناول الفكرة ذاتها، لترد عبارات من قبيل: "الاحتراق، إننا في طريق حتمي نحو الشمس". وفي الأغنية التالية، You've Won This War، تتحول وجهة الخطاب من وجهة عشوائية غير واضحة، لتصبح متجهة إلى الموتى مباشرةً؛ حيث يرد: "لقد ربحت الحرب، بالاعتراف بالهزيمة. ستنام بهدوء ليلاً بعد انتصارك الأخير اليوم".

في الأغنية التالية، Christian Prayers، تتحول هوية المتكلم ضمن حفل التأبين ذاته، ليحمل الميت الميكروفون ويبدأ بالتعبير عن مشاعر هذه اللحظة، التي تبدو لوهلة أنها تحققت، وأحياناً تبدو على وشك التحقق. يرد في الأغنية: "لا مزيد من الصلوات المسيحية والمسيحية، لا مزيد من الدموع المسيحية. عندما أرحل، لا تحاولوا الاستئناف. لا تنادوا الجنة عندما أمضي، دعوني أنام داخل التراب واسمحوا لي بأن أتعفن".

وفي الأغنية التالية، Dissociation، يكمل الميت غناءه، لكنه بدلاً من مخاطبة الناس في حفل التأبين، يبدأ بمناجاة قوة خفية لتوصله سريعاً إلى حالة العدم. يقول: "التفكك، عيناي غير قادرتين على التركيز؛ عيون زجاجية لا تتحدث. أنا هنا، اسحبني إلى الداخل". وتتواصل ذات الحالة في الأغنية التالية، Contempt For You، مع تحول بوجهة الخطاب نحو الأنا أو الجسد في لحظة الانعتاق، ليقول: "هذا الجسد هو مكان، لم يكن محبوباً أبداً. بالتأكيد أنا سعيد لأنني نجوت، ليس لدي شيء سوى الازدراء لك. بالتأكيد أنا سعيد لأنني نجوت".

ومع الاقتراب للنهاية، تبدأ الروح بالتحرر من كل الحواجز الجسدية، لتطرح حينها فلسفتها الأخلاقية الخالصة. ففي أغنية Poisonous Storytelling، يرد: "علينا أن نكون حذرين من الروايات الجديدة، لأن الجميع يتعفن من رواية القصص السامة. إله السماء بلا رحم، التربية النسوية للإنسان، انهيار التنوع البيولوجي ورواية القصص السامة". ويُختتم الألبوم بأغنية Repent، التي تعلن عن الندم على الكثير من الأشياء التي لن يسعف الوقت بتغييرها.