يُمضي اللبنانيون المنكوبون بتصعيد العدوان الإسرائيلي على بلدهم منذ 23 سبتمبر/ أيلول الماضي، وتكثيف العمليات العسكرية والتدمير والقتل، أيامهم في التعامل مع أوضاع إنسانية ذات تعقيدات عميقة جداً.
يواجه قسم كبير من هؤلاء المنكوبين، وتحديداً من ذوي الإمكانات المادية المحدودة، مشكلة فقدان كثير من الاحتياجات الضرورية، بعدما تركوا بيوتهم في لمحة بصر لم تمنحهم حتى فرصة النظر إلى الوراء. والمشاهد السائدة بالنسبة إلى أولئك الذين رحلوا ربما بمجرد ملابسهم، ولم يجمعوا شيئاً مما كانت تحتويه منازلهم، سواء بسبب تدميرها السريع بعد إنذارات بالإخلاء، أو بسبب توجههم إلى أماكن بعيدة، تظهر أن معظمهم يحاولون التعامل مع ظروف الحياة البدائية التي أجبروا على الانتقال إليها.
فعلياً تتحكم وسائل الحياة البدائية بقسم كبير من منكوبي الحرب الذين لا يفكرون إلا بتفادي الأسوأ، وسط الحرب التي جعلت مسار مستقبلهم إلى الوراء، في وقت كانت تطلعاتهم منذ سنوات تتمحور حول الصمود في مواجهة أزمات كبيرة، لكن مع فارق وجود سقف فوق رؤوسهم سابقاً.
والبدائية واضحة في أماكن كثيرة قصدها منكوبون، من خيام في الشوارع ومدارس باتت مراكز إيواء، وربما في أي مكان أقل مستوى لجأوا إليه لمجرد إيجاد فسحة أمان ضرورية. لكن المستغرب الغياب الكامل لوسائل التصدي لهذه البدائية من خلال جهود الدولة اللبنانية والمساعدات التي أرسلتها دول عدة، والتي لا تُرى ربما بسبب العدد الكبير للمنكوبين. والمخاطر المحدقة كبيرة في انتظار حصول انتهاء الحرب وإعادة القليل من أمور الحياة العادية إلى نصابها.
(العربي الجديد)