أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين، أخيراً، إطلاق مشروع مدونة خاصة بالتغطية الصحافية للإرهاب عبر موقع مرصد الأخلاقيات المهنية الذي تم إنشاؤه، منذ شهر ديسمبر/كانون الثاني الماضي. وشارك في هذه المبادرة إلى جانب أعضاء النقابة صحافيون ورؤساء تحرير ومسيرو الصحف التونسية. وتأتي هذه الخطوة تفاعلاً مع الجهود المبذولة من أجل إرساء قواعد ثابتة لإنجاح التغطية الصحافية للأحداث الإرهابية التي تشهدها البلاد منذ أكثر من ثلاث سنوات.
وفي تعريف هذه المدونة جاء على موقع المرصد تقديم شامل حول أسباب إنشائها والأهداف المرجوة من العمل على تطويرها. وقد عرف الموقع هذه المدونة كالآتي "هذه المدونة التحريرية الخاصة بالتغطية الصحافية للأحداث الإرهابية نتاج عمل جماعي وتعاوني شارك فيه صحافيات وصحافيون ينتمون إلى عدّة مؤسّسات عمومية، وخاصة من مجالات الإعلام المختلفة: صحافة مكتوبة وإلكترونية وإذاعة وتلفزة ووكالة أنباء. وعلى هذا النحو فإن هذه المدونة تعبير عن إرادة الصحافيين لتعديل ممارساتهم في مجال تغطية الإرهاب. فالصحافة التونسية، والميديا بشكل عام، تتعرض إلى نقد كثير ومتواتر، منذ التغطية التلفزيونية لأحداث الشعانبي وبمناسبة كل حدث إرهابي".
وحول الغاية من إحداثها تم التنصيص على أن هذه المدونة تطمح إلى أن تكون مرجعاً يهتدي به الصحافيّون والهيئات التحريرية في عملهم اليومي حتى لا يكون التعاطي مع الأحداث الإرهابية نتاجاً للعفوية والارتجال والمقاربات الفردية. كما اعتبرت المدونة التزاماً بالنسبة إلى الصحافيين أمام الرأي العام وقاعدة للمساءلة من منطلق المبادئ التي وضعها الصحافيون لأنفسهم. وهي أيضاً منظومة معايير يستند إليها الجمهور لتقييم الأداء الصحافي من زاوية المعايير الأخلاقية والتحريرية، وهي من هذا المنظور تمثل آلية تدريب الجمهور على التفكير النقدي في الصحافة.
وسجلت المدونة جملة النقاط التي يجب على الصحافي الاعتماد عليها واحترامها أثناء تغطيته للعمليات الإرهابية. ومن بين هذه النقاط نذكر ضرورة التزام الصحافي بالقيم المضمنة في المواثيق الأخلاقية الدولية والمواثيق الوطنية للصحافيين كالدقة والموضوعية والتمييز بين الخبر والتعليق والاعتراف بالأخطاء والاستقلالية وتجنب الإثارة والحث على النزاهة والدفاع عن حق الجمهور في الحقيقة. كما نبهت المدونة إلى ضرورة تعامل الصحافي بحذر مع التسميات التي تطلقها التنظيمات الإرهابية على نفسها وذلك بإضافة تعبيرات مخصوصة مثل "التنظيمات المصنفة إرهابية" (أو ما يسمى بـأنصار الشريعة أو ما يسمى بالدولة الإسلامية).
ووضعت المدونة، أيضاً، معايير قواعد تنظم المعايير المتصلة بنشر صور وهويات ضحايا الإرهابيين ومعايير متصلة باتخاذ التنظيمات الإرهابية والإرهابيين كمصادر والتعامل مع المصادر الحكومية ومع المصادر الأمنية وغيرها من المعايير الخاصة بكل الجزئيات المتعلقة بتغطية العمليات الإرهابية.
كما أكدت المدونة ضرورة توخي الصحافي الحذر عبر الالتزام بجملة من الإجراءات التي تضمن سلامته الشخصية وعدم التشويش على الجهات الأمنية أثناء قيامهم بواجبهم وحسن إدارة البرامج الحوارية الخاصة بهذه العمليات وحماية المعطيات الشخصية لعائلات الضحايا وغيرها من القواعد التي تؤمن نقلاً مثالياً لأخبار العمليات الإرهابية.
وحول الجدوى من بعث هذه المدونة أكد عضو المكتب التنفيذي لنقابة الصحافيين، زياد دبار، لـ"العربي الجديد" أن الأخطاء المهنية التي وقع فيها صحافيون تونسيون أثناء تغطية العمليات الإرهابية حتمت إرساء قواعد عامة ومشتركة يلتزم الجميع باحترمها وتطبيقها حرفياً من أجل ضمان عمل صحافي ناجع ومهني.
وأضاف دبار أن "إرساء هذه القواعد وجعلها ضمن خطة عمل المؤسسات الإعلامية سيجنب الصحافيين الارتجال والوقوع في فخ التسرع وإطلاق الأحكام وغيرها من الأخطاء التي نعمل على أن تحل محلها الجدية واحترام حقوق الإنسان والحذر والتحكم في الأعصاب ومساندة القوى الأمنية وتسهيل عملها".