وكان الموقع قد نشر وثائق تخص رئيس حزب حركة المشروع، محسن مرزوق، لتتم إثر ذلك قرصنته وتعطيل عمله قبل أن تتم استعادته. غير أن حملة التشكيك والإزعاج لم تهدأ حيث تلقى الصحافي في موقع إنكيفادا، وليد الماجري، تهديدا صريحا بالقتل عبر "فيسبوك".
التعاطي الإعلامي مع فضيحة "أوراق بنما" في تونس لم يكن بالمستوى المطلوب، حسب أغلب المحللين، حيث خيرت بعض القنوات الإذاعية والتلفزيونية الخاصة التعامل مع هذا الحدث العالمي حسب الأجندات السياسية لمديريها وإعلامييها.
وقد انتقد عضو المكتب التنفيذي لنقابة الصحافيين، زياد دبار، هذا التماشي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، حيث أكد قائلا: "على عكس وسائل الإعلام العالمية التي تعاملت مع وثائق بنما على أساس صحتها من عدمها، يطرح الإعلام التونسي أسئلة حول مصدر هذه الوثائق بقصد التشويش والتشكيك بدل مساندة موقع إنكيفادا، والانخراط في مسار محاسبة المتورطين قضائيا".
وبسبب حملة التشكيك، التي تعرض لها كل العاملين في الموقع عقب نشر مقال مغلوط وقرصنة الموقع والتشكيك في الوثائق، التي نشرت، بخصوص السياسي محسن مرزوق، بحجة أنها واهية ولا تحمل أية تهم صريحة، دُعي رئيس تحرير موقع إنكيفادا، وليد الماجري، إلى الحضور في البرنامج الحواري السياسي "التاسعة" على قناة الحوار التونسي، غير أن الحوار سرعان ما حاد عن هدفه ليتحول إلى مضايقة ومحاكمة للماجري، الأمر الذي استنكره الصحافيون في تونس.
وقد هاجم صحافي برنامج "التاسعة"، محمد بوغلاب، موقع إنكيفادا والاتحاد الدولي للصحافيين بسبب وجود مقره في واشنطن، وتلقيه تمويلا من جورج سوروس. وتساءل بوغلاب عن مصدر تمويل الموقع محاولا التشكيك في مصداقيته ونزاهته.
هذا الهجوم أثار ضجة على المواقع الاجتماعية بين مساند للصحافي،، وليد الماجري وموقع إنكيفادا، وبين مصدق لرواية صحافيي قناة التاسعة، حول عدم مصداقية الموقع، غير أن النقاش الإلكتروني حاد عن السلمية ليقوم أحد الناشطين بإرسال رسالة لوليد الماجري، هدده فيها بالقتل، فكتب بلهجة تهديدية وكلمات نابية: "سأقوم بقطع رأسك عن جسدك لو تجرأت على ذكر السيد محسن في المرة القادمة"، ورجح إعلاميون أن المقصود هنا هو السياسي محسن مرزوق.
وكانت نقابة الصحافيين التونسيين قد أصدرت أمس، الخميس، بيان تضامن مع موقع إنكيفادا بمشاركة الائتلاف المدني للدفاع عن حرية التعبير، جاء فيه: "يندد الائتلاف بتضايق أطراف من المحتويات الإعلامية التي تتناول قضايا مصيرية تهم التونسيات والتونسيين، على غرار التعذيب والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، تعكس الرغبة في محتويات نمطية تصب في خانة البروباغندا السياسية التي سادت تحت حكم الدكتاتورية والاستبداد".
موقع "إنكيفادا" الإلكتروني التونسي شارك في نشر "أوراق بنما" المسربة ضمن 109 وسائل إعلام حول العالم. وكان السياسي رئيس حزب حركة المشروع، محسن مرزوق، أول اسم كشفته "أوراق بنما" في تونس.
وعلى الرغم من إعلان الموقع الإلكتروني عن اعتماده سياسة المراحل في كشف المورطين، إلا أن جدلا حادا حدث على مواقع التواصل وعلى وسائل الإعلام التونسية بسبب التشكيك في مصداقية الموقع إثر الإعلان عن قرصنته بعد ساعات من نشر الوثائق.
وحول تعامل الإعلام التونسي والناشطين على المواقع مع تسريبات وثائق بنما الخاصة بتونس، أكد الكاتب الصحافي، شكري بن عيسى، لـ"العربي الجديد"، أنه "تم التعامل بسذاجة كبرى مع هذه المستجدات الهامة ولم يتم التعمق في أبعادها وتداعياتها".
وأضاف: "كان من الضروري أن تثير هذه الوثائق تدخلا عاجلا من الحكومة والمعارضة وهيئة مكافحة الفساد، وتحليلا عميقا وجديا من طرف الإعلاميين والخبراء، والتعامل معها بطريقة مهنية وعلمية بدل السقوط في فخ التجاذبات السياسية. من الضروري أيضا دعم الصحافة الاستقصائية في تونس لدورها الهام في فضح الفساد والتشهير به عبر إيجاد تقنيات متطورة في مجال الاتصال والإعلامية، وتكوين مختصين في دراسة الوثائق والتمييز بينها ضمانا للمصداقية".