وقال خاشقجي "تشعر ابنتاي بسعادة عارمة من صدور المرسوم الملكي الأسبوع الماضي الذي يمنح المرأة حق القيادة في المملكة العربية السعودية. أنا أيضا أحتفل، على الرغم من الهلع الذي يصيب الأهل عندما يبدأ أولادهم بالقيادة. هل سيكونون بأمان؟ ماذا لو حصل معهم حادث؟".
وأضاف "لقد شاركت بحملات لسنوات عديدة دعما لحصول النساء السعوديات على نفس حقوق الرجال، بما في ذلك حق القيادة. على مدى السنوات الثلاثين الماضية، عندما رفعت النساء أصواتهن – حتى أن بعضهن تظاهر علنا – اعتُبر ذلك أكثر من إهانة في المملكة العربية السعودية. وتم نبذ هؤلاء النساء من قبل المسؤولين الحكوميين، الذين دائما ما ادعوا أنهم يتعرضون لضغوط من رجال الدين المحافظين. ولكن السهولة التي تمّ بها رفع الحظر طويل الأمد عن قيادة المرأة تظهر بوضوح أن للحكومة سلطة سياسية (والكلمة الفصل) في دفع الإصلاحات قدماً. وأقول للنساء اللواتي تظاهرن، إنني أشعر بالامتنان العميق لهن. وينبغي أن يعتذر منهن أولئك الذين قاموا بمضايقتهن وإذلالهن؛ ويجب على حكومة المملكة العربية السعودية وشعبها تكريمهن".
واعتبر خاشقجي أنّ "المملكة العربية السعودية شهدت خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، وللمرة الأولى أيضا، مشاركة العائلات باحتفالات اليوم الوطني. كما أن الشباب رقصوا في الشوارع، وعلت نغمات الموسيقى الصاخبة. كان هذا مشهدا لطالما حلمت به، لكن لم أجرؤ على الأمل بأنه سيتحقق في حياتي".
وأضاف "ما توصلنا إليه في مجتمع محافظ جدا في جوهره، حصل في وقت قياسي. ونحن نفخر بأن بلدنا هو الدولة العربية الوحيدة التي لم يتم استعمارها يوماً. وعاصمتنا، الرياض، في قلب بلدنا، مثل أي بلد، تميل لأن تكون محافظة أكثر من المناطق الساحلية. لذلك كانت هذه التغييرات مفاجئة بشكل غير متوقع ومرحب بها على نطاق واسع في البلاد. ومن المؤكد أنه سيكون هناك منتقدون للقرار. أنا أرحب بآرائهم كما فعلت مع مناصري قيادة المرأة الجريئين، فنحن بحاجة لأن يكون لدينا متسع لجميع الآراء التي ينبغي الاستماع إليها، من أجل حرية التعبير. فالحداثة هي أكثر من الموسيقى والقيادة".
وقال إنّه "لطالما كان في المملكة العربية السعودية مجال للمناقشة والحوار. وفي حين أن
مساحة إبداء الآراء، خاصة تلك التي تتعارض مع سياسة الحكومة، متواضعة بالمقارنة مع الغرب، إلا أنها كانت ثابتة إلى حد ما. مؤخراً، هذه المساحة اختفت، واختفاؤها لم يلفت الانتباه مثل الإعلان عن السماح للنساء بالقيادة".
وأكد أنه "قبل يوم من هذا الإعلان، اعتُقل رجل الأعمال الثري الساخر السياسي جميل فارسي. شخصية يتقاطع فيها صائغ المجوهرات – يمكن لجميل أن يخبرك عن نوعية وحجم ألماسة من على مسافة – وجون أوليفر، هو واحد من عشرات السعوديين من كل أطياف الفكر السياسي، متهمون بعدم تقديم دعم غير مشروط لسياسات الحكومة".
وأشار إلى أنّ "العديد من هؤلاء المعتقلين انتقدوا حملة الحكومة ضد قطر. وقال بيان سعودي رسمي إن المعتقلين يتآمرون على أمن البلاد ويخططون لنشر الفوضى، مدعومين من بلدين لم يذكرهما البيان. ومع ذلك، فإن الإعلام الرسمي ربط مباشرة بينهم وبين قطر ولمؤامرة مزعومة ضد الرياض. الأخبار المحلية مهووسة بهذه الاعتقالات وبموضوع قطر. فقد اختفت عن الصفحات الأولى من الصحف أخبار خطة التحول الاقتصادي الطموحة في المملكة العربية السعودية؛ حتى المواجهة التقليدية مع إيران في سورية واليمن احتلت أهمية ثانوية".
ورأى أنّ "شيطنة المعتقلين على وسائل الإعلام الاجتماعية وفي المؤسسات الإعلامية الرئيسية، نقلت النقاش إلى الظل. هذه الحوارات تحدث حالياً بهدوء، بشكل سري، كي لا ينتهي أصحابها على القائمة السوداء الرسمية. فالسعوديون مطالبون بتسمية أي شخص (غير متيّم) بآراء الحكومة. حتى أن للقائمة السوداء الهاشتاغ الخاصة بها. إنها حالة أورويلية غريبة".
وقال "ينبغي علينا بدلاً من ذلك أن نركز، مثلما فعلنا في قضية قيادة المرأة، على ارتفاع معدل البطالة المذهل في البلاد، وتزايد حجم القطاع العام، والتنويع الاقتصادي المتأخر، والتحوّل الحاصل في الأعراف الاجتماعية. كل هذه القضايا تحظى بمناصرة ولي العهد محمد بن سلمان، وتمثله في الداخل والخارج. ولكن عمليات الاعتقال هذه وما يتصل بها من إسكات حاد للمناقشة والنقاش، ستقوض بشدة علامته الشخصية الفارقة كزعيم شاب وحيوي وقائد يتطلع إلى المستقبل".