في السابق، استثمر إعلام النظام السوري في الاحتجاجات التي لم تطاول رئيسه، ليظهر "شفافيته" في نقل الصورة، وهو ما حصل خلال تظاهرات "بدنا نعيش" في بداية العام، والتي حوّلها إعلام النظام لمشهد هزلي يلقي فيه المتظاهرون الورود على جنوده.
شهدت مدينة السويداء السورية، منذ يوم الأحد 7 يونيو، حركة احتجاجيّةً، ندّد فيها المتظاهرون بالفساد وطالبوا بالتغيير، وبرحيل نظام بشار الأسد. التظاهرات التي اعتُبرت انتفاضةً معيشيّة، أو "ثورةً جديدة" من قبل البعض، امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات عليها، وبصورٍ منها. لكنّ إعلام النظام لم يغطّها هذه المرة، فما الذي عرض على شاشاته؟ فعلياً، عرضت شاشات النظام ثلاثة أنواع من المواد الإعلامية، بحسب مضمونها، إلى جانب برامج ملء الفراغ، كالمسلسلات وبرامج الأطفال. وهي:
النوع الأول هو التقارير والريبورتاجات والتحليلات السياسية التي ترصد الاحتجاجات الأميركية؛ إذ إنّ إعلام النظام السوري خصّص معظم ساعات بثه لعرض ما يحدث في أميركا، منذ مقتل المواطن الأسود جورج فلويد بعدما جثا شرطي أبيض على عنقه؛ فلم يوفّر إعلام النظام السوري هذه المناسبة للتشفي من أميركا التي فرضت قانون قيصر، والذي سيدخل حيّز التطبيق بعد أيام. وفي معظم التقارير، لوى إعلام النظام السوري عنق القضية الأميركية، فحولها من حركة أميركية داخلية تنبذ العنصرية إلى حركة أميركية شعبية تنبذ سياسات أميركا الخارجية "والمعادية لسورية ومحور المقاومة"؛ فتعاطى مع الاحتجاجات الأميركية كانتصار جديد للنظام السوري بوجه الإمبريالية العالمية. ولم تخلُ حلقات التحليل السياسي التي عُرضت في اليوم الأول للاحتجاجات المعيشية من التنديد باستخدام العنف ضد المتظاهرين ومهاجمة الإعلام الأميركي "الذي ينحاز لترامب ضد الشعب الأميركي" (!) ليبدو أن إعلام النظام يعيش حالة فصام مع الواقع أكثر من أي وقتٍ مضى. وتسبب ذلك بموجة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، فطالب البعض، ساخراً، بنقل مراسلي "الإخبارية السورية" من نيويورك إلى مدينة السويداء. وازدادت جرعة السخرية بعد أن عرض النظام السوري تقريراً عن انتشار ضفادع القصب السامة في ولاية فلوريدا الأميركية؛ وهو تقرير لم يخلُ من الشماتة والتشفي "من العدو الذي تنهال عليه المصيبة تلو الأخرى"، مذكّراً بأن "أميركا هي الأولى عالمياً بعدد الإصابات بفيروس كورونا وأنها تعيش بحالة أمنية مضطربة بسبب المظاهرات والإجراءات القمعية وأن الضفادع هي مصيبة جديدة".
اقــرأ أيضاً
أما النوع الثاني، فهو مواد إعلامية ترفيهية مبتذلة توحي بأن البلاد تعيش بحالة من الاستقرار والرخاء وأن الناس ليس لديهم ما يشغلهم سوى مناقشة بعض القضايا في البلاد المحيطة؛ كالحديث عن استخدام الألعاب النارية في اليابان للترفيه عن الشعب في ظل أزمة كورونا والحديث عن إنقاذ جرذٍ في المجاري الألمانية. وبين هذا الصنف من الأخبار، كان "نقاش" تداوله السوريون على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وعرضته قناة "سما" الفضائية" في برنامجها الصباحي يوم الإثنين، وتمحور حول "الأسباب التي دفعت الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب لتقبيل يد زوجها قبل أشهر في السعودية".
وفي النوع الثالث، مواد إعلامية ترصد الشارع السوري وتحاكمه وتوبّخه، لتحمّل الناس مسؤولية كلّ مصيبة حلّت بهم. وقد تم تخصيص العديد من البرامج لذلك، مثل "أنت الرقيب" الذي تعرضه قناة "الإخبارية"، وفيه تجولت كاميرا القناة في شوارع جديدة عرطوز في ريف دمشق في ذات الوقت الذي كان فيه الناس في السويداء يهتفون للحرية من الأسد، لتسأل عن "المسؤول عن غلاء الأسعار" وتنتظر الجواب المعتاد، وهو التجار. وهاجمت مراسلة الإخبارية الناس لأنهم "يلعبون دوراً سلبياً"، ولا يشاركون الدولة في ضبط الفساد ومحاربته.
وفي صباح اليوم التالي، استمرّت "الإخبارية" بالتسويق لذات الفكر من خلال برنامجها الصباحي، الذي بدا أكثر تعالياً وسفاهةً، حين استضاف خبيرة غذائية لتعلم الناس "المتذمرين" من نقص المواد الغذائية "كيف يستفيدون من الظرف الحالي للقيام بنظام غذائي يساعدهم على تحسين مظهرهم" (!)، من خلال الاعتماد على بدائل رخيصة ومتوفرة عن المواد الغذائية الرئيسية كاللحوم والدجاج والفواكه. كما استضاف البرنامج "خبيرة نفسية" لتتحدث عن "المرونة النفسية"، وتهاجم "المتذمرين الذين يلقون اللوم على الدولة بمصيبتهم"، بدلاً من التمتع بالمرونة والبحث المستمر لإيجاد حلول بديلة.
كلّ هذا، وشاشات النظام لم تخلُ من حديث عن "حراكٍ" في سورية، إذ أشارت في نشراتها الإخبارية إلى "تظاهرات حاشدة" في الحسكة تنديداً "بالاحتلال الأميركي"، ومطالبةً برفع العقوبات؛ فيما تحدثت عن "تظاهرات في دير الزور ضد ممارسات قسد المدعومة من واشنطن"، الثلاثاء.
النوع الأول هو التقارير والريبورتاجات والتحليلات السياسية التي ترصد الاحتجاجات الأميركية؛ إذ إنّ إعلام النظام السوري خصّص معظم ساعات بثه لعرض ما يحدث في أميركا، منذ مقتل المواطن الأسود جورج فلويد بعدما جثا شرطي أبيض على عنقه؛ فلم يوفّر إعلام النظام السوري هذه المناسبة للتشفي من أميركا التي فرضت قانون قيصر، والذي سيدخل حيّز التطبيق بعد أيام. وفي معظم التقارير، لوى إعلام النظام السوري عنق القضية الأميركية، فحولها من حركة أميركية داخلية تنبذ العنصرية إلى حركة أميركية شعبية تنبذ سياسات أميركا الخارجية "والمعادية لسورية ومحور المقاومة"؛ فتعاطى مع الاحتجاجات الأميركية كانتصار جديد للنظام السوري بوجه الإمبريالية العالمية. ولم تخلُ حلقات التحليل السياسي التي عُرضت في اليوم الأول للاحتجاجات المعيشية من التنديد باستخدام العنف ضد المتظاهرين ومهاجمة الإعلام الأميركي "الذي ينحاز لترامب ضد الشعب الأميركي" (!) ليبدو أن إعلام النظام يعيش حالة فصام مع الواقع أكثر من أي وقتٍ مضى. وتسبب ذلك بموجة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، فطالب البعض، ساخراً، بنقل مراسلي "الإخبارية السورية" من نيويورك إلى مدينة السويداء. وازدادت جرعة السخرية بعد أن عرض النظام السوري تقريراً عن انتشار ضفادع القصب السامة في ولاية فلوريدا الأميركية؛ وهو تقرير لم يخلُ من الشماتة والتشفي "من العدو الذي تنهال عليه المصيبة تلو الأخرى"، مذكّراً بأن "أميركا هي الأولى عالمياً بعدد الإصابات بفيروس كورونا وأنها تعيش بحالة أمنية مضطربة بسبب المظاهرات والإجراءات القمعية وأن الضفادع هي مصيبة جديدة".
أما النوع الثاني، فهو مواد إعلامية ترفيهية مبتذلة توحي بأن البلاد تعيش بحالة من الاستقرار والرخاء وأن الناس ليس لديهم ما يشغلهم سوى مناقشة بعض القضايا في البلاد المحيطة؛ كالحديث عن استخدام الألعاب النارية في اليابان للترفيه عن الشعب في ظل أزمة كورونا والحديث عن إنقاذ جرذٍ في المجاري الألمانية. وبين هذا الصنف من الأخبار، كان "نقاش" تداوله السوريون على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وعرضته قناة "سما" الفضائية" في برنامجها الصباحي يوم الإثنين، وتمحور حول "الأسباب التي دفعت الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب لتقبيل يد زوجها قبل أشهر في السعودية".
وفي النوع الثالث، مواد إعلامية ترصد الشارع السوري وتحاكمه وتوبّخه، لتحمّل الناس مسؤولية كلّ مصيبة حلّت بهم. وقد تم تخصيص العديد من البرامج لذلك، مثل "أنت الرقيب" الذي تعرضه قناة "الإخبارية"، وفيه تجولت كاميرا القناة في شوارع جديدة عرطوز في ريف دمشق في ذات الوقت الذي كان فيه الناس في السويداء يهتفون للحرية من الأسد، لتسأل عن "المسؤول عن غلاء الأسعار" وتنتظر الجواب المعتاد، وهو التجار. وهاجمت مراسلة الإخبارية الناس لأنهم "يلعبون دوراً سلبياً"، ولا يشاركون الدولة في ضبط الفساد ومحاربته.
وفي صباح اليوم التالي، استمرّت "الإخبارية" بالتسويق لذات الفكر من خلال برنامجها الصباحي، الذي بدا أكثر تعالياً وسفاهةً، حين استضاف خبيرة غذائية لتعلم الناس "المتذمرين" من نقص المواد الغذائية "كيف يستفيدون من الظرف الحالي للقيام بنظام غذائي يساعدهم على تحسين مظهرهم" (!)، من خلال الاعتماد على بدائل رخيصة ومتوفرة عن المواد الغذائية الرئيسية كاللحوم والدجاج والفواكه. كما استضاف البرنامج "خبيرة نفسية" لتتحدث عن "المرونة النفسية"، وتهاجم "المتذمرين الذين يلقون اللوم على الدولة بمصيبتهم"، بدلاً من التمتع بالمرونة والبحث المستمر لإيجاد حلول بديلة.
كلّ هذا، وشاشات النظام لم تخلُ من حديث عن "حراكٍ" في سورية، إذ أشارت في نشراتها الإخبارية إلى "تظاهرات حاشدة" في الحسكة تنديداً "بالاحتلال الأميركي"، ومطالبةً برفع العقوبات؛ فيما تحدثت عن "تظاهرات في دير الزور ضد ممارسات قسد المدعومة من واشنطن"، الثلاثاء.