واعتبرت دول الاتحاد الأوروبي والصين نفسها أكثر المتضررين من هذه الرسوم والمستهدفة المباشرة من القرار، خصوصاً بعد استثناء كندا والمكسيك منه.
وقالت مديرة "صندوق النقد الدولي" كريستين لاغارد، إنها تخشى من تصعيد "متبادل" للثأر التجاري بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس ترامب على واردات الصلب والألمنيوم، ما قد يقوض الثقة والاستثمار.
وأضافت خلال منتدى لصحيفة "واشنطن بوست" حول قضايا المرأة، أمس الخميس، أن الأثر الاقتصادي المباشر للرسوم ليس هو أكثر ما يقلقها، ولكن دوره في "إطلاق ردود انتقامية من شركاء تجاريين حول العالم"، بحسب ما نقلت وكالة "رويترز".
ولفتت إلى أن "ذلك التصعيد هو في حد ذاته الخطر بسبب أثره على جميع تلك الاقتصادات وأثره على الثقة أيضاً"، مشيرة إلى أن التجارة ظلت محركاً للنمو الذي حقق تعافياً عالمياً أقوى خلال الأشهر الأخيرة.
وعبّرت الصين، اليوم الجمعة، عن "معارضتها الشديدة" للرسوم الأميركية التي أعلن ترامب فرضها على الواردات من الصلب والألمنيوم، منددةً بـ"هجوم" على النظام التجاري المتعدد الأطراف.
وقالت وزارة التجارة الصينية في بيان، إن "سوء استخدام بند الأمن القومي من قبل الولايات المتحدة يشكل هجوماً متعمداً على النظام التجاري المتعدد الأطراف (...) وسيكون له بالتأكيد تأثير خطير على نظام التجارة العالمي". وأضافت الوزارة أن "الصين تعارض ذلك بشدة".
ولم تقتصر الانتقادات التي طاولت القرار الأميركي على الصين، إذ اعتبرت اليابان، اليوم، أن الرسوم التي فرضتها الولايات المتحدة "مؤسفة"، قائلة إن هذا الإجراء يمكن أن يكون له "تأثير خطير" على العلاقات الاقتصادية بين طوكيو وواشنطن.
وقال وزير الخارجية الياباني تارو كانو، في بيان: "سنتخذ التدابير المناسبة بعد أن ندرس بعناية النتائج المترتبة (لهذه الرسوم) على الاقتصاد الياباني".
واعتبر الوزير الياباني أن الإجراء الأميركي "قد يكون له أثر خطير على العلاقات الاقتصادية بين الحليفين، اليابان والولايات المتحدة، وكذلك على الاقتصاد العالمي".
وفي السياق، حذر الناطق باسم الحكومة يوشيهيدي سوغا، من أن هذا الإجراء "يُمكن أن يهدد كل الاقتصاد العالمي"، مشيراً إلى أن "طوكيو تطلب من الولايات المتحدة عدم تطبيقه عليها".
وانتقد الاتحاد الأوروبي بشدة هذه القرارات، في وقت يفكر بفرض رسوم على صادرات أميركية معينة موجهة سياسياً لتطاول الإنتاج الصادر من بعض الولايات الأميركية الجمهورية المؤيدة لترامب، رغم تأكيده على أن "الحوار يبقى الخيار الأول" بعد فرض الرسوم.
وقالت المفوضة الأوروبية للتجارة سيسيليا مالمستروم، مساء أمس الخميس، إن "الاتحاد الأوروبي يجب أن يُعفى من الرسوم الجمركية الأميركية على الصلب والألمنيوم التي فرضها الرئيس ترامب".
وأضافت عبر "تويتر"، أن "الاتحاد الأوروبي شريك مقرب من الولايات المتحدة، ونواصل الاعتقاد بأن الاتحاد الأوروبي يجب أن يُعفى من هذه الإجراءات".
Twitter Post
|
وأكدت على هامش مؤتمر في بروكسل، أن الاتحاد لا يمثل تهديداً على أمن الولايات المتحدة، وإنه يتوقع استثناءه من الرسوم الجمركية على واردات الصلب. وأضافت: "ظلننا نقول طوال الوقت إن أوروبا بكل تأكيد لا تمثل تهديداً للأمن الداخلي الأميركي ومن ثم نتوقع أن يتم استثناؤنا. نتوقع وضوحاً بشأن ما قاله الرئيس. ما زلنا عند الرأي القائل إن هذا القرار ليس جيداً. إنه غير جيد للاقتصاد العالمي".
وفي السياق، أعلن وزير المال الفرنسي برونو لو مير، أن فرنسا "تأسف" لإعلان فرض رسوم على واردات الولايات المتحدة من الصلب والألمنيوم.
وقال لو مير على "تويتر"، إن "حرباً تجارية لن تُسفر سوى عن خاسرين". وأضاف: "سنقيّم مع شركائنا الأوروبيين العواقب على صناعاتنا، والرد الواجب اتخاذه".
Twitter Post
|
وفي ألمانيا، قالت وزيرة الاقتصاد بريجيته تسيبريز، اليوم، إن الرسوم الجمركية التي أعلنها ترامب ستمثل عبئاً على الشركات في أكبر اقتصاد بأوروبا.
وأضافت في بيان: "لقد أمر برسوم جمركية عقابية لا تتفق مع قواعد منظمة التجارة العالمية وهو بهذا الفعل يزيد أسعار المستهلكين ويجعل عمل شركاتنا الصغيرة والكبيرة أكثر صعوبة"، لافتة إلى أن الرسوم تمثل إهانة لشركاء الولايات المتحدة المقربين مثل الاتحاد الأوروبي وألمانيا". وأشارت إلى أن بلادها ستنسق عن كثب مع المفوضية الأوروبية للرد "بهدوء لكن بوضوح".
ولم تقف المملكة المتحدة متفرجة على قرارات ترامب، إذ انتقد الوزير البريطاني للتجارة الدولية ليام فوكس، مساء أمس، القرار قائلاً إن ذلك يشكل "طريقة سيئة" لإدارة الأعمال التجارية.
واعتبر فوكس أن "الحمائية والرسوم لم تنجحا يوماً"، مشيراً إلى أنه سيتوجه إلى واشنطن الأسبوع المقبل لإجراء محادثات مع المسؤولين الأميركيين بشأن الرسوم والإعفاءات المحتملة لحلفاء الولايات المتحدة.
في السياق، أكدت الحكومة البرازيلية أنها ستتخذ "الإجراءات اللازمة" في المنتديات الثنائية والمتعددة الأطراف من أجل حماية مصالحها بعد فرض الولايات المتحدة رسوماً جمركية مرتفعة على واردات الصلب والألمنيوم.
وقالت وزارتا الخارجية والتجارة في بيان مشترك، إن الإجراءات ستعيق بشدة الصادرات البرازيلية، وإنها لا تتماشى مع التزامات الولايات المتحدة تجاه "منظمة التجارة العالمية".
إلى ذلك، قال جميل ارتيم، مستشار الرئيس التركي، اليوم الجمعة، في حديث لقناة "تي آر تي" التلفزيونية الإخبارية الحكومية، إن بلاده قد ترد بإجراءات طويلة الأجل على رسوم الواردات والصلب. وكان ارتيم قال في وقت سابق من هذا الأسبوع، إن تركيا قد ترد على مثل تلك الخطوة من جانب الولايات المتحدة عبر زيادة الرسوم على واردات القطن الأميركي.
وفي أميركا، انتقد السناتور الجمهوري أورين هاتش، رئيس لجنة المال في مجلس الشيوخ، الرسوم الجمركية، لكنه أكد أنه سيعمل مع البيت الأبيض "لتخفيف الضرر".
من جهة أخرى، أكد السناتور الجمهوري جيف فليك أنه سيقدم مشروع قانون لإلغاء الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألمنيوم.
وعبّر رئيس مجلس النواب الأميركي بول رايان، عن خشيته من "عواقب غير مقصودة" للرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم، مشيراً إلى أنه سيواصل حض البيت الأبيض على تضييق سياسة الرسوم الجمركية لتركز "فقط على الدول والممارسات التي تنتهك قانون التجارة".
ووقع ترامب، مساء الخميس، قرار فرض رسوم جمركية من 25% و10% على واردات الصلب والألمنيوم على التوالي، متجاهلاً التحذيرات من "حرب تجارية" عالمية واحتجاجات حلفائه في أوروبا والداخل.
Twitter Post
|
وقال البيت الأبيض إن القرار سيصبح نافذاً بعد 15 يوماً. وأوضح مسؤول أميركي أن القرار يستثني كندا والمكسيك في الوقت الحالي، وأن الشركاء الأمنيين والتجاريين للولايات المتحدة يمكن أن يتفاوضوا لتجنب الرسوم.
ودافع ترامب عن القرار قائلاً: "أنفذ وعداً قطعته خلال الحملة"، مؤكداً أن الولايات المتحدة كانت لعقود ضحية ممارسات تجارية، شبّهها بـ"عدوان". وتحدث عن القضايا الدفاعية والتجارية وأشار إلى ألمانيا. وقال إن "لدينا أصدقاء واعداء أيضاً استفادوا منّا بشكل هائل منذ سنوات في التجارة والدفاع".
وبلغ إجمالي واردات الولايات المتحدة من الصلب في العام الماضي، 33.46 مليار دولار، في مقابل 24.28 مليار دولار عام 2016، بزيادة نسبتها 37.8%، وفقاً لبيانات وزارة التجارة الأميركية.
وبلغت واردات الألمنيوم 17.31 مليار دولار، في مقابل 13.14 مليارا، بزيادة حجمها 31.7%.
(العربي الجديد)