قال محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي، اليوم الاثنين، أمام البرلمان إن صندوق النقد الدولي أرجأ زيارة لخبرائه في إطار المراجعة الخامسة إلى أجل غير معلوم عقب الاتفاق بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل على الزيادة في رواتب موظفي القطاع الحكومي.
وأكد العباسي أن خبراء صندوق النقد كانوا سيؤدون زيارة للمراجعة الخامسة لمنح تونس شريحة قرض جديدة غير أن قرار الزيادة في الأجور أجّل هذه المهمة، موضحاً أن البنك المركزي لم يتلقّ أي إشعار من الصندوق بشأن موعد المهمة المقبلة لخبرائه.
وأفاد المحافظ أن المؤسسة المقرضة تراقب الوضع في تونس عقب الزيادات في الرواتب، مشيرا إلى أن صندوق النقد نبّه تونس في وقت سابق حول إمكانية وقف برنامج الدعم الاقتصادي إذا لم تلتزم الحكومة ببرنامج الإصلاح المتفق عليه.
وأضاف أن كل التمويلات الخارجية المدرجة في موازنة العام الحالي متوقفة على قرار صندوق النقد بشأن صرف شريحة القرض الجديدة، مؤكدا أن موافقته ستمكننا من أقناع بقية المقرضين بمنح تونس التمويلات الخارجية اللازمة لموازنة 2019 والمقدرة بـ10 مليارات دينار أي نحو 3.3 مليارات دولار.
وكانت تونس تنتظر أن يصادق مجلس إدارة صندوق النقد نهاية فبراير/ شباط الحالي على صرف شريحة قرض لفائدة تونس بقيمة 255 مليون دولار، غير أن قرار الحكومة الزيادة في رواتب الموظفين بعد إضرابين عامين نفذهما الاتحاد العام التونسي للشغل أجّل قرار صرف شريحة القرض.
وأفاد محافظ المركزي بأن البنك لا يمكنه أن يفعل أكثر للدفاع عن العملة المحلية الدينار في ظل هبوط احتياطي النقد الأجنبي إلى ما يعادل واردات 84 يوما، وذلك بسبب تراجع الإنتاج في قطاعات حيوية مثل الفوسفات والعجز الكبير في قطاع الطاقة.
واعتبر أن المؤسسة النقدية دفعت إلى اتخاذ قرارات صعبة للغاية على غرار الترفيع في نسبة الفائدة المديرية لتجنب تداعيات وخيمة على تونس، مشيرا إلى أن التضخم هو العدو رقم واحد للاقتصاد.
ورفع البنك المركزي سعر الفائدة بواقع 1% لتصل إلى 7.75%، لمواجهة التضخم المرتفع، فيما تشير البيانات الرسمية إلى أن المركزي رفع الفائدة بما يقارب الضعف خلال 9 سنوات، حيث كانت 4% في يناير/ كانون الثاني 2011.
لكن محافظ البنك المركزي دافع عن قرار زيادة سعر الفائدة، مشيراً إلى أن الزيادات المتواترة في سعر الفائدة ساهمت في كبح التضخم خلال يناير/ كانون الثاني، ليتراجع إلى حدود 7.1%، بعد أن بلغ 7.3% بنهاية 2018، وتوقع أن ينحصر التضخم في حدود 6.8% العام الحالي.
وبين العباسي أن الوضع الذي يمر به الاقتصاد التونسي من ضعف في نشاط الصناعات المصدرة الذي أثّر سلبا على التوازنات الخارجية، مع تراجع إنتاج الفوسفات من 8 آلاف طن إلى 3 آلاف طن، إضافة إلى الفجوة الكبيرة بين الاستثمار والادخار مما استوجب اللجوء إلى التداين الخارجي.
ودعا محافظ البنك المركزي التونسي إلى استرجاع الأنشطة الصناعية، محذرا من انتقال متسارع للاقتصاد المحلي من اقتصاد مصنّع إلى اقتصاد "ريع" يقوم على التوريد والاتجار في المواد الموردة التي يسوّق جزء كبير منها في السوق الموازية.
وأوضح العباسي أنه في حالة عدم اتخاذ مجلس الإدارة لقرار الترفيع، فإن طلب الاستهلاك سيسجل ارتفاعا، ما سيعود بالنفع على الموردين ولا ينفع المنتجين المحليين.
وأضاف العباسي أنه لو لم يتم اتخاذ هذه القرارات لما كان لنا اليوم رصيد عملة في مستوى 84 يوما، موضحا أن ترقيمنا السيادي يتدهور لأنه لم يتم القيام بالإصلاحات الهيكلية التي تم التعهد بها.
واعتبر المحافظ أن ميزان الطاقة تدهور بصفة مقلقة للغاية، مع عجز كبير في الطاقة وفي المواد الأولية والنصف المصنعة، ما جعل خدمة الدين سنة 2018 تبلغ حوالي 6.7 مليارات دينار ما يعادل 2.5 مليار دولار وينتظر أن تتجاوز 9 مليارات دينار في 2019 أي زهاء 3 مليارات دولار.