انضمت بريطانيا في العام 1973 للاتحاد الأوروبي. وفي العام 1975 صوت الشعب البريطاني في استفتاء شعبي، بغالبية الثلثين لصالح البقاء في المجموعة الأوروبية، غير أن التحديات الدولية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أعادت خلط الأوراق وقسمت الشعب البريطاني بين مؤيد ومعارض للبقاء في الاتحاد الأوروبي. معسكران تواجها في الثالث والعشرين من يونيو في صناديق الاقتراع في استفتاء القرن لتحديد مصير المملكة المتحدة وعلاقتها المستقبلية مع المنظومة الأوروبية.
وبين خياري البقاء أو الخروج من الاتحاد، انقسم المجتمع البريطاني، بشكل غير مسبوق، إذ تداخلت التحالفات، وتقاطعت المصالح المتباينة، والتقى خصوم الأمس في خندق واحد، وتشتت حلفاء قاتلوا لسنوات طويلة جنباً إلى جنب. وانقسم المشهد السياسي إلى معسكريين رئيسيين، أحدهما يُدعى "بريطانيا أقوى في الاتحاد الأوروبي"، والآخر يدعو أنصاره لـ"التصويت للخروج" من الاتحاد، وعلى ضفاف كل منهما وقفت قوى سياسية واجتماعية واقتصادية لم تشأ التماهي مع أي من المعسكرين رغم تبنيها لوجهة نظر هذا المعسكر أو ذاك.
ومنذ انطلاق الحملات الدعائية رسمياً في منتصف إبريل/ نيسان الماضي، اتسم الخطاب في المعسكرين بـ"السلبية". وقد اعتمدت حملة "البقاء"، ووجها الأبرز رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، خطاب "التخويف" و"التفزيع" من مخاطر الخروج، في حين وظفت حملة "الخروج" والأحزاب اليمينية الشعبوية خطاب "الكراهية" زاعمين أن قوانين الاتحاد الأوروبي هي السبب في تدفق المهاجرين إلى بريطانيا، مما أثر سلبيا على مستوى المعيشة، وعلى مستوى الخدمات العامة، ولا سيما في قطاعات الصحة والتعليم والإسكان والمواصلات. وما بين الحملتين، عاشت بريطانيا، ومعها باقي الدول الأوروبية، العديد من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية.