وصل الحراك الشعبي الرافض لاستمرار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في السلطة، إلى قطاع الطاقة، بعد أن نظم عمال إضراباً عن العمل في أحد المشروعات بحقل ضخم للغاز جنوب البلاد، ما دفع شركة سوناطراك الحكومية للمحروقات، إلى إصدار بيان، تنفي فيه توقف أو تذبذب إنتاج حقول النفط والغاز الكائنة في الجنوب.
ونظم عمال تابعون لإحدى الشركات المتعاقدة مع سوناطراك، وقفة احتجاجية، أمس الجمعة في "حقل الغاز3" بحاسي الرمل بمحافظة الاغواط (520 كلم جنوب العاصمة الجزائرية)، لمساندة الحراك الشعبي، في مؤشر على التحاق قطاعات اقتصادية حساسة بالاحتجاجات المطالبة برحيل بوتفليقة.
كما اتسعت الاحتجاجات في مناطق الغاز، لتشمل أيضا حاسي مسعود في محافظة ورقلة (900 كلم جنوب العاصمة) أكبر مناطق الجزائر إنتاجا للغاز، حيث نفذ العمال وقفات احتجاجية رمزية داخل الحقول لمدة ساعة ونصف من الزمن، اليوم السبت، ثم عادوا إلى العمل مجددا.
وينتظر أن يكون، يوم الثلاثاء القادم، موعدا لأكبر الاحتجاجات العمالية في قطاع الطاقة، وفقا لدعوات نقابية، وذلك بالتزامن مع عيد النصر (ذكرى وقف إطلاق النار وإقرار الاستعمار الفرنسي استفتاء تقرير المصير للشعب الجزائري).
وقال محمد بلكوار، أمين محافظة ورقلة في فدرالية البترول والغاز التابعة للشركة الجزائرية للتنقيب واستغلال الغاز والنفط (متعاقدة مع سوناطراك ) إن "الوقفات الاحتجاجية التي نظمها عمال قطاع الطاقة إلى حد الساعة وإن كانت دون تأثير، إلا أنها كانت من الناحية الرمزية مهمة، أكدنا أننا مع حراك الشعب الجزائري ضد النظام الحالي، كما تعد الوقفات تحذيرا لما هو قادم من خطوات احتجاجية قد تكون كبيرة".
وأضاف بلكوار لـ"العربي الجديد" أن " الجزائريين قرروا الخروج للشارع يوم الثلاثاء المقبل، ولا يمكن تضييع هذا الموعد، قد نقرر خفض الإنتاج بنسب لا تتعدى 5 في المائة في البداية، للضغط فقط، ندري أن للنظام الحالي التزامات مع الخارج وضغطا استهلاكيا داخليا قد نساعد على رحيله".
ومن جانبه نفى مصدر رسمي في شركة سوناطراك، في تصريح لوكالة الأناضول، اليوم السبت، توقف أو تذبذب إلإنتاج من الحقول النفطية والغازية جنوب البلاد.
وأبدت بعض عواصم الجنوب الأوروبي مؤخرا قلقها من تأثير الانسداد السياسي الذي تعيشه الجزائر، على إمدادات الطاقة، لكون الجزائر الممون الرئيسي للمنطقة بالغاز الطبيعي، فيما تسعى هذه الأخيرة لإرسال طمأنات لزبائنها.
أول المخاوف جاء من باريس، إذ كشفت مجلة "لو نوفيل أوبسرفاتور" الفرنسية في عددها الصادر في الثامن والعشرين من فبراير/ شباط الماضي، على لسان مسؤول في قصر الإليزيه أن "الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جدّ قلق مما تعيشه الجزائر، لعدة أسباب منها احتمال تضرر جنوب فرنسا خاصة، من اضطرابات في إمدادات الغاز، ولا سيما أن الجزائر تعدّ الممون الأول لفرنسا".
وتعدّ مدريد، ثاني عاصمة أوروبية تبدي مخاوفها من احتمال انفلات الأوضاع الأمنية في الجزائر، وتأثير ذلك على تدفق الغاز، إذ كشفت عدة صحف في مقدمتها "الباييس" في الثاني من مارس/ آذار الجاري، عن وجود مخاوف لدى السلطات الإسبانية من تضرر العلاقات التجارية والاقتصادية والطاقة بين البلدين في حال سقوط البلاد في مستنقع الفوضى، أو التغيير المفاجئ للنظام، فالجزائر تعدّ ثالث مستورد من إسبانيا وأول ممون للدولة الأوروبية بالغاز الطبيعي.
وتعتبر الجزائر من أهم مموني القارّة الأوروبية بالغاز الطبيعي، إذ تستورد القارّة العجوز قرابة 30% من حاجاتها من الغاز من الجزائر عبر ثلاثة أنابيب.
وحسب بيانات رسمية، تحوز إيطاليا أكبر حصة من الغاز الجزائري بنحو 60%، تليها إسبانيا بنحو 20%، وفرنسا 12%، ثم البرتغال 7%، وسلوفينيا 1%.
ووسط توالي المخاوف الغربية من مستقبل إمدادات الغاز الجزائري نحو الجنوب الأوروبي، تسعى السلطات الجزائرية إلى طمأنة الدول المستوردة.
وقال مصطفى بنحمودة المسؤول في شركة سوناطراك النفطية في تصريحات لـ"العربي الجديد" في وقت سابق من مارس/آذار الجاري، إن "الجزائر تلتزم باحترام كل ما جاء في العقود المبرمة مع شركائها وزبائنها"، مضيفاً أنه "لا خوف على تدفق الغاز الجزائري".
وأوضح بنحمودة: "الحقول تقع في الجنوب الجزائري، وهي مؤمنة جيداً من حيث الإنتاج والظروف الأمنية، مشيرا إلى أن إنتاج الجزائر يصل إلى 135 مليار متر مكعب سنوياً، وأن الحكومة تسعى إلى زيادته هذا العام بعد دخول الحقول الجديدة حيز الاستغلال.