وتواجه العقارات الاستراتيجية في لندن منذ سنوات هجمة شراء مكثفة من أغنياء العالم، خاصة من مليارديرات العالم النامي وسياسييه الذين يهاجرون الى لندن لوضع ثرواتهم في بنوكها وشراء مساكن لأسرهم في الاحياء التي تتوافر فيها المدارس الخاصة.
فجاذبية لندن للاجانب تفوق جاذبية معظم عواصم المال العالمية، إذ إن الحكومة البريطانية تتبنى نظاماً ضريبياً يتساهل مع المستثمرين الاجانب في الضرائب، كما أنّ فيها قنوات الاستثمار والادوات المالية المرغوبة من الاجانب مصحوبة مع الخبرات القانونية والمحاسبية.
ويقول خبراء توظيف ثروات في لندن إن المدارس الخاصة في لندن تعدّ من أفضل مدارس العالم ويرغب معظم الاثرياء الاجانب تعليم ابنائهم في المدارس الخاصة البريطانية واللهجة الانكليزية الارستقراطية ومنذ الصغر. وهذا يجعل من لندن عاصمة المال الاولى عالمياً من حيث الجاذبية في الاستثمار وعقد الصفقات التجارية.
إضافة الى ذلك فان الجنيه الاسترليني المستقر والذي يتذبذب عادة بين هامش محدود يراوح بين 1.55 و1.65 دولار يمثل ضماناً لاستثمارات الاثرياء الاجانب مقارنة مع عملات الاقتصادات الناشئة المضطربة.
في تقريرها الأخير، قالت وكالة "نايت فرانك" البريطانية المتخصصة في العقارات الفاخرة، ومقرّها في لندن، إن الطلبات التي وصلتها من أثرياء في الارجنتين وأوكرانيا وتركيا فاقت التوقعات خلال العام الماضي. ومعظم هذه الطلبات تبحث عن مسكن في موقع استراتيجي بالعاصمة البريطانية دون تحديد سعر معيّن.
وتأتي هذه الهجمة في أعقاب هجمة مماثلة شرق أوسطية في عام "الربيع العربي".
وكانت طلبات عائلات سياسيي دول الربيع العربي وبطانتهم قد صنعت مانشيتات الصحافة البريطانية طوال سنوات الثورة العربية التي أسقطت ثلاثة حكام عرب دفعة واحدة وفي فترة ستة أشهر فقط خلال العام 2011. حيث سقط بن علي في تونس ومبارك في مصر والعقيد القذافي في ليبيا.
وقالت وكالة "نايت فرانك" في تقريرها الصادر بداية الشهر الجاري إن الطلبات الكبيرة من أثرياء الاقتصادات الناشئة يحدث رغم الارتفاع الجنوني في اسعار الشقق والمساكن وسط لندن، وغير آبهة بالارتفاع الجنوني في الاسعار خلال العامين الماضيين.
وشهدت لندن موجات متتالية من المشترين الاجانب أكبرها كان في أعوام استفحال أزمة اليورو والربيع العربي. ويحاول العديد من المشترين الاجانب استباق الضرائب الجديدة التي ستفرضها الحكومة البريطانية على مشتريات المساكن الفخمة.
وحسب احصائيات "نايت فرانك"، فإن اسعار المساكن ارتفعت في لندن في المتوسط بحوالى 14.9% في الأشهر الثلاثة الاخيرة من العام الماضي مقارنة بمستوياتها في الفترة نفسها من العام 2012. لكن بعض العقارات الفاخرة جداً في أحياء مثل تشيلسي و"نوتنيغهيل غيت" و"كينزنغتون" و"هامستيد"، ارتفعت بمعدلات أعلى كثيراً من هذه النسبة.
من هذا المنطلق يقول منتقدون للحكومة البريطانية، إن أسعار العقارات في لندن أصبحت خارج نطاق القدرة المالية لمعظم سكانها، لا سيما الشباب الذين يدخلون سوق العمل لاول مرة ويطالبونها بفعل شيء لحماية السكان من هذا الارتفاع.
وينوي وزير الخزانة البريطاني جورج اوزبورن فرض ضريبة على المشترين الاجانب ابتداءً من العام المقبل 2015.
وتأتي هذه الضريبة في محاولة من حكومة حزب المحافظين الحاكم للاستجابة للمخاوف التي يبديها سكان لندن من الهجمة الاجنبية الشرسة على عقارات لندن، لكن هل ستمنع هذه الضريبة المشترين الاجانب من التدفق على لندن؟