وشهدت القمة الخليجية الـ38 في الكويت غياب الملفات الاقتصادية لأول مرة في تاريخ قمم مجلس التعاون في مؤشر على مستقبل غامض في مجالات التعاون الاقتصادي بين دول الخليج.
وتمثلت أكبر الأضرار التي لحقت بمجلس التعاون الخليجي جراء حصار 3 دول خليجية بالإضافة إلى مصر لقطر منذ الخامس من يونيو/حزيران الماضي، في تعطّل 5 مشروعات مشتركة وهي: الاتحاد الجمركي، ومنطقة التجارة الحرة والسوق المشتركة، والبنك المركزي والعملة الموحدة، وإنشاء السكك الحديدية، والربط الكهربائي.
ومن المرتقب أن يتواصل تآكل التجارة البينية بين دول الخليج الست في ظل توقف التجارة بين قطر من ناحية وكل من السعودية والإمارات والبحرين من ناحية أخرى. وحسب المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون الخليجي، بلغت قيمة التجارة البينية لدول الخليج نحو 50.5 مليار دولار في عام 2015.
تعرّف إلى الخسائر في الـ "إنفو فيديو" التالي:
أما قيمة التبادل التجاري بين قطر ودول الخليج في العام الماضي فبلغ 37.9 مليار ريال (10.4 مليارات دولار)، بنسبة 11.7% من إجمالي التبادل مع دول العالم البالغ نحو 324 مليار ريال (89 مليار دولار)، حسب بيانات وزارة التخطيط القطرية. وبعد أن اضطرت قطر إلى التحول للاستيراد من دول أخرى بدلاً من دول الحصار، تقلّصت التجارة البينية بين دول الخليج خلال الفترة الأخيرة وتحديدا منذ نصف عام بعد بدء الحصار.
وكانت التوقعات تصب في أن يصبح مجلس التعاون الخليجي سادس أكبر اقتصاد في العالم عبر وحدة دوله الغنية بالثروات الطبيعية، إلا أن هذه الآمال تبخرت في ظل تفاقم الخلافات بعد حصار قطر.
ويعد مجلس التعاون الخليجي واحداً من أكبر التكتلات، إذ بلغ حجم اقتصاد دوله بنهاية عام 2015 نحو 1.5 تريليون دولار، إلا أنه فقد قدرته على النمو في ظل الانقسامات الأخيرة واستمرار الأزمة الخليجية والتراجع في الشراكة الاقتصادية على المستويين الرسمي والخاص.
وفي سياق الخسائر التي تكبدّتها المنطقة أكد رجل الأعمال القطري، علي حسين الخلف لـ "العربي الجديد" أن دول الخليج ستفقد مشروعات مهمة لدفع التنمية ومنها الربط الكهربائي وإنشاء السكك الحديدية الخليجية. وأشار الخلف إلى أن الخسائر سيتقاسمها الجميع، موضحاً أن مختلف القطاعات الإنتاجية سيتأثر أداؤها بالأزمة الخليجية.
وحسب تقرير صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، في يوليو/ تموز الماضي فإن الحصار يكبّد الأعمال التجارية في الخليج خسائر ضخمة ويضرب بيئة الاستثمار.
وذكرت الصحيفة أن مكانة دول الخليج كـ"مركز آمن ومستقر للأعمال التجارية في منطقة الشرق الأوسط المضطربة"، بدأ بالاهتزاز.
وكان تقرير أصدرته "بلومبيرغ بيزنس ويك" في سبتمبر/ أيلول الماضي أكد أن الشرخ الدبلوماسي بعد الحصار سيجبر المديرين التنفيذيين والمصرفيين والمستثمرين، فضلاً عن صناع القرار الأجانب، على إعادة النظر في مقارباتهم لمنطقة الخليج، والتي كانت من أكثر أجزاء العالم تماسكاً واستقراراً.
ومن جهته، أكد الرئيس التنفيذي السابق للبنك التجاري القطري، عبد الله الرئيسي، لـ"العربي الجديد" أن أي شكل من أشكال الوحدة الاقتصادية بين دول الخليج لن يتحقق طالما واصلت دول الحصار تعسفها مع قطر.
وأشار إلى أن الملفات المالية ستكون الأكثر تأثراً بهذه الأزمة في ظل عدم الثقة التي ظهرت بين دول الخليج ولا سيما بعد الحرب الاقتصادية التي أعلنتها بعض دول الحصار على الريال القطري في محاولة لإضعافه، وهذه هي المرة الأولى التي تتعرض فيها عملة خليجية لمؤامرة من دول خليجية، موضحاً أن الحكومة القطرية نجحت في امتصاص هذه الإجراءات والحفاظ على قوة عملتها.
وأضاف الرئيسي أن القمة الخليجية لم تنجح في تحقيق الوحدة الاقتصادية والمالية لدول مجلس التعاون، وبالتالي قد يتفاقم الخلاف وتنهار المشروعات المشتركة. وشدّد المصرفي القطري على أن الخسائر ستطاول جميع دول الخليج بلا استثناء.