قالت مصادر سورية متطابقة إن أسعار الخضر والفواكه في أسواق العاصمة دمشق ارتفعت بأكثر من 40% خلال الأسبوع الماضي وحده، بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار إلى أكثر من 300 ليرة، وصعوبة نقل المنتجات الزراعية من المدن الساحلية إلى دمشق.
وقال رئيس جمعية حماية المستهلك، عدنان دخاخني، إن أسعار الخضر والمواد الأساسية ارتفعت 500% حالياً، وأن الخضر وحدها تستنزف حالياً دخل الموظف كاملاً، كما أن كثيراً من الفواكه والمواد الكمالية ارتفعت بنسبة 700% منذ بداية الثورة في عام 2011.
والمشكلة التي تواجه المواطن السوري لا تقف عند الغلاء فقط، ولكنها تمتد إلى ارتفاعات على
مدار الساعة، حيث إنه لا يستطيع حساب كلفة مشتريات المواد الغذائية والخضار والفواكه التي ترتفع في اليوم الواحد أكثر من مرة. ففي كل مرة يرتفع سعر الدولار تزداد الأسعار، لكن مع انخفاضه تبقى الأسعار على حالها.
ويقول مواطنون في دمشق إن وضع السكان في العاصمة صعب للغاية، وأن الأمور تتجه نحو الأسوأ، كما أن نسبة كبيرة من سكان دمشق باتو غير قادرين على شراء الضروريات اليومية لإعالة أسرهم.
وقال علي مستو، من حي دمر في دمشق: تعاني أسواق العاصمة من قلة عرض الخضار والفواكه وارتفاع الأسعار "بشكل جنوني"، فقد وصل سعر كلج البندورة إلى 260 ليرة، والبطاطا 130 ليرة، والكوسا 230 ليرة، وتعدى سعر كلج الفليفلة 400 ليرة والباذنجان 270 ليرة، وهي أعلى أسعار منذ بداية الثورة، بحسب وصف المواطن مستو من دمشق.
ويضيف مستو، الذي يعمل بالتجارة، في اتصال مع "العربي الجديد": لم تعد أسعار الفواكه تشغل السوريين بسبب الفقر وارتفاع أسعارها. فقد وصل سعر كلج الموز الصومالي إلى 1000 ليرة، والتفاح 250 ليرة، والبرتقال المستورد 300 ليرة، والبرتقال المحلي 250 ليرة، والكيوي 1100 ليرة، مشيراً إلى أن الأسعار تضاعفت خلال الأسابيع الأخيرة بعد توقف الاستيراد من الأردن وإغلاق معبر نصيب وتراجع سعر صرف الليرة السورية "لأن كل شيء بات يقاس على الدولار بسورية" .
وفي الوقت الذي استمرت خلاله وزارة التجارة السورية بالتنكر لدورها الرقابي وتأمين المعروض السلعي الذي يوازي الطلب بأسعار تتناسب ودخول السوريين، كما يقول المحلل الاقتصادي علي الشامي، تضاعفت الأسعار خلال الأسابيع الأخيرة بعد توقف الاستيراد من الأردن وإغلاق معبر نصيب.
وأوضحت نشرة أسعار الخضار الصادر عن مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدمشق، أن "سعر البندورة البلاستيكية بلغ 200 ليرة، والخيار المحلي البلاستيكي والباذنجان 200 ليرة، والكوسا 130 ليرة، والبطاطا 130 ليرة.
وأشارت النشرة إلى ارتفاع أسعار الفواكه خلال نشرتها الأسبوعية، فسعر كلج التفاح 220 ليرة، والليمون 200 ليرة، والبرتقال 145 ليرة.
اقرأ أيضاً: السوريون يتناولون لحوماً فاسدة جرّاء الحرب والفقر
وعزا المحلل الشامي الأسباب إلى أنها اقتصادية بحتة وتتعلق بقلة العرض السلعي بالأسواق نتيجة تصدير المنتجات عبر مرفأي طرطوس واللاذقية إلى روسيا والعراق، وأخيراً إلى الخليج عبر مصر.
ويكشف غلاء الأسعار والسعي لتمويل الحرب مدى كذب ادعاء حكومة بشار الأسد بحرصها
على مستوى حياة السوريين، كما يتم التشدق بذلك في الاجتماعات وأمام الكاميرات.
ويضيف الشامي، لـ"العربي الجديد": كما جاء تراجع سعر صرف الليرة إلى أدنى مستوى ليزيد من ارتفاع الأسعار ومعاناة السوريين الذين لا تزيد رواتب الفئة الأولى منهم عن 30 ألف ليرة (حوالى 100 دولار).
فيما حاولت وزارة الزراعة السورية طمأنة السوريين بالقول "إن الأسواق حالياً على أبواب مواسم خضر وفواكه، ما سيؤدي إلى توافرها في الأسواق تباعاً، واستقرار الأسعار وفق نظرية العرض والطلب عبر طرح كميات من البندورة والبطاطا والكوسا والباذنجان والبصل والفريز والمشمش والدراق".
وحسب الصحافة السورية، قالت الوزارة "إن المواسم مبشّرة والإنتاج جيد، وأن متوسط إنتاج البطاطا 600 ألف طن، والبندورة وسطي إنتاجها بين 250 و300 ألف طن".
ولكن مراقبين يرون أن "كلام وزارة الزراعة لا معنى له"، لأن إنتاج البندورة والبطاطا جله في مناطق سيطرة المعارضة، وأهمها مدينة درعا، جنوبي سورية، وإنتاج المدن الساحلية يصدّر للخارج وأجور نقله لدمشق تزيد من سعره في واقع سيطرة المعارضة على معظم الطرق ومناطق الإنتاج الزراعي بسورية.
وكانت أسعار الخضر والفواكه قد ارتفعت في مناطق سيطرة المعارضة، ولكن بمستويات أقل من العاصمة دمشق، بحسب عصام عبد الرحمن، من سرمين بريف ادلب.
فقد وصل سعر كلج البندورة إلى 180 ليرة، والباذنجان 150 ليرة، والبطاطا 120 ليرة، والتفاح 200 ليرة، والبرتقال 225 ليرة، وعزا عبد الرحمن السبب إلى بدء الموسم والاستيراد من تركيا.
وأضاف عبد الرحمن، لـ"العربي الجديد": أعتقد أن الأسعار ستنخفض كثيراً بعد تحرير "جيش الفتح " لمناطق غربي إدلب الغنية بسهولها ومنتجاتها الزراعية. كما سيعيد تحرير ما تبقى من حواجز ومقرات النظام في أريحا وجسر الشغور المزارعين الذين هربوا من حمم القصف والموت المستمر منذ تحرير مدينة إدلب في مارس/ آذار الماضي.
وكانت حكومة بشار الأسد قد بدأت بتصدير المنتجات الغذائية طلباً للعملة الصعبة بعد تراجع موارد الخزينة، حيث صدرت البندورة والبيض إلى العراق، و100 طن من التفاح إلى مصر، وتعاقدت مع روسيا الاتحادية على تصدير الخضار والفواكه بطريقة المقايضة، لتشتري بثمنها حبوباً وسكراً ومشتقات نفطية.
كما وافقت اللجنة الاقتصادية بدمشق أخيراً على تصدير أربعة آلاف رأس من ذكور الغنم
والماعز كل أسبوع، ما زاد من أسعار اللحوم الحمراء بدمشق ليصل سعر الكلج لنحو 3000 ليرة سورية.
ووسط هذه الضائقة المعيشية، يواصل تجار الحرب استغلال معاناة الناس عبر إدخال بعض المواد بالتهريب مقابل أسعار خيالية، إذ يشير ناشطون سوريون إلى أن سعر كلج السكر في الغوطة الشرقية على سبيل المثال وصل إلى 5 آلاف ليرة سورية.
ويذكر أن دخل المواطن السوري الشهري تراجع لأقل من 100 دولار، بعد أن كان يبلغ عام 2010 حوالي 400 دولار. كذلك انخفض الناتج المحلي من 60 مليار دولار في العام 2010 إلى أقل من 30 ملياراً في العام 2014، وذلك بحسب ما تقوله وزارة المالية في حكومة الأسد.
اقرأ أيضاً: ارتفاع الأسعار يشعل موجة غضب في سورية