تواصلت معاناة الاقتصاد الإيراني رغم المكاسب التي حققها خلال العام الأول من الاتفاق النووي مع الغرب، والذي سمح بإلغاء العقوبات الاقتصادية والتجارية والمالية التي فُرضت على البلاد في سنوات سابقة.
وكان الشارع في انتظار انعكاسات أكبر للاتفاق على الأوضاع المعيشية ومختلف القطاعات الإنتاجية، إلا أن الحصاد لم يكن على المستوى المأمول.
وحسب محللين لـ"العربي الجديد"، شهد السوق المحلي استقراراً نسبياً وتحسناً في بعض المؤشرات منذ الإعلان عن الاتفاق، ودخوله بعد ذلك حيز التنفيذ العملي، في يناير/كانون الثاني من العام الماضي، حيث تراجعت نسبة التضخم الاقتصادي، والتي وصلت في سنوات سابقة إلى معدلات تجاوزت 35%، لتنخفض اليوم إلى ما دون 10%، بحسب تصريحات حكومية رسمية، وهو ما ساهم في التحكم بالارتفاع المضطرد لأسعار السلع، ما أرهق معيشة الإيرانيين طيلة سنوات الحظر.
كما استطاعت إيران زيادة صادراتها النفطية، وانفتحت استثمارياً على دول الغرب، حيث عقدت العديد من الاتفاقيات في هذا الصدد.
وحسب محللين، يبدو أن الحكومة الإيرانية كانت متفائلة من نتائج الاتفاق، فتم صك الموازنة ببنود استندت إلى تبعات الاتفاق، ويقدر حجم الموازنة بـ317 مليار دولار، وتعتمد بشكل رئيس على رفع مستوى الإنتاج النفطي إلى مليونين ونصف المليون برميل يوميا، وفق سعر أربعين دولارا تقريبا للبرميل الواحد، كما اعتمدت الحكومة في موازنتها على الأرصدة المفرج عنها من بنوك الخارج، لتطوير مشاريع القطاع الخاص، وهو ما عرّضها لانتقادات عديدة، كونها لا تتناسب مع الواقع.
ومع ذلك، حرصت إيران على رفع إنتاجها النفطي، محاولة تجاوز المحددات الإقليمية والدولية التي تعتري السوق، وعملت أيضا على استعادة زبائنها، فوصل إنتاجها أحياناً إلى 3.8 ملايين برميل، وتريد رفعه ليصل إلى 4 ملايين.
وفي هذا السياق، يرى الخبير في الشأن الاقتصادي الإيراني، علي إمامي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن للاتفاق النووي مع الغرب نتائج قصيرة، ومتوسطة وبعيدة المدى، وأثنى على الوفد المفاوض، قائلا إنه أنجز أمرا حسنا للبلاد، لكنه أكد عدم إحراز النتائج والامتيازات المرجوة، واعتبر أيضا أن العقوبات التي وصل عمرها إلى ثماني سنوات، انعكست سلبا على الاقتصاد الإيراني، وحصد نتائج زوالها يتطلب وقتا.
وأضاف إمامي أن طهران تحتاج إلى زيادة تعاملاتها مع الخارج، والتخلص من العقبات التي تعترض النظام المالي والمصرفي لاستعادة رونقها الاقتصادي. وأكد أنه رغم التأثيرات الإيجابية، لا يزال السوق يعاني من الكساد، وقال "لا الصفقات طبقت، ولا العقود تحولت إلى واقع عملي، ولا حتى أسعار صرف الدولار اختلفت عن السابق"، مضيفا أنه في حال تحول العلاقات مع الغرب إلى استثمارات عملية، فهذا يعني فرص عمل في الداخل وحلا لمشكلتي البطالة والفقر، وهو ما ينتظره الإيرانيون بالأساس من الاتفاق، لكن هذا يعتمد على التخلص من التحديات، حسب رأيه.
وكان من أبرز التحديات خلال الفترة الماضية، عدم استرجاع سوى جزء بسيط من الأموال المجمدة المقدّرة بنحو 100 مليار دولار، والتي كانت تعوّل إيران عليها كثيراً، بالإضافة إلى عدم اتصال نظامها المصرفي بنظام التحويلات الدولي أو السويفت، وهو الأمر الذي أكده حاكم المصرف المركزي الإيراني، ولي الله سيف، خلال زيارته أميركا مؤخرا، ما يجعل كل الأمور أكثر تعقيدا.
اقــرأ أيضاً
وكان وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، قال في تقرير قدمه علنا أمام نواب البرلمان الإيراني قبل أكثر من شهر، إن طهران استرجعت ما يزيد عن 700 مليون دولار من العوائد المفرج عنها، وهذا منذ التوصل إلى اتفاق جنيف المؤقت، في نوفمبر/تشرين الثاني 2013، بالإضافة إلى استلام أكثر من مليار دولار من العائدات النفطية، منها ما وصل إلى طهران أو وضع في حسابات مصرفها المركزي في الخارج، لكنه أكد وجود مشاكل تعترض النظام المالي والمصرفي، مشيرا إلى أنها ستحل قريبا.
فضلا عن هذا، جاء إعلان المحكمة العليا الأميركية كحجر عثرة جديد يقف في وجه استعادة طهران أموالها، وهو الذي يقضي بتغريم إيران ملياري دولار تعويضات لأقارب ضحايا الإرهاب، وبعد ذلك أعلنت المحكمة العليا في أنتاريو الكندية باتخاذ قرار مشابه.
هذا الأمر وغيره، أثار استياء كل المعنيين في الحكومة، ولا سيما فئة المحافظين المتشددين، والتي عارضت الاتفاق في بداياته وتخوفت مما وصفته بالتنازلات المصيرية. وعلى صعيد نتائج الاتفاق المرتقبة الأخرى رأت الحكومة، وعلى رأسها حسن روحاني، أن تطبيق الاتفاق عمليا لم يتعد أشهرا قليلة، معتبرا أنه من الطبيعي عدم لمسها في الوقت الراهن.
ويقول أستاذ الاقتصاد عبد المجيد شيخي، لـ"العربي الجديد"، إن العراقيل كثيرة، وستبقى قائمة، معتبرا أن هذا بحد ذاته يجب أن يشجع على تطبيق نظرية الاقتصاد المقاوم، وهو المصطلح الذي أطلقه المرشد الأعلى، علي خامنئي، والذي يعتمد على ضرورة تحسين الاقتصاد الإيراني بالاستفادة من الإمكانات المحلية وتحقيق الاكتفاء الذاتي ورفع معدل الصادرات مقابل خفض الواردات.
وأضاف شيخي أن مشكلات بعض الأطراف مع إيران لا تنتهي بالاتفاق النووي، وأبرزها تلك الموجودة بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية التي لم تلتزم من جهتها بتطبيق الاتفاق بحذافيره، رغم أن تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية تؤكد التزام طهران بتعهداتها، حسب تعبيره.
وكثفت طهران، خلال هذا العام، من جهودها الدبلوماسية وزياراتها عواصم أوروبية وفتحت أبوابها أمام الغرب، ووقّعت بالفعل ما يزيد عن 60 اتفاقية تسمح بالاستثمار الأجنبي، بالإضافة إلى التشجيع على الاستثمار المحلي، فكما يهم طهران شد رؤوس أموال الخارج إلى قطاعاتها، يهمهما كذلك تسهيل الأمور للمستثمر المحلي.
وزير الخارجية الألماني، فرانك والتر شتاينماير، زار إيران أكثر من مرة خلال هذه المدة، ووقع على اتفاقيات تعاون، كما جاء رئيس الوزراء الإيطالي، ماتيو رينتزي، على رأس وفد رفيع يضم 250 شخصية سياسية واقتصادية، ووُقّعت 7 اتفاقيات تعاون تشمل القطاع السياحي والثقافي والصناعي والنقل. وزار روحاني روما خلال جولته الأوروبية التي شملت فرنسا والفاتيكان أيضا، في يناير/كانون الثاني الماضي، ووقع 30 اتفاقية تعاون مع إيطاليا بقيمة 17 مليار يورو، وأسفرت جولته الأوروبية عن عقود تقدر قيمتها بـ40 مليار دولار.
وعقدت، خلال هذا العام، العديد من الصفقات الضخمة التي خصصت لتحديث أسطول إيران الجوي المدني، ومنها الاتفاق مع إيرباص الفرنسية على شراء 118 طائرة مدنية، كما أعلنت طهران مؤخراً، عن عقد صفقة مماثلة مع بوينغ الأميركية، لكن الاتفاقين لم يطبقا حتى اللحظة.
اقــرأ أيضاً
وكان الشارع في انتظار انعكاسات أكبر للاتفاق على الأوضاع المعيشية ومختلف القطاعات الإنتاجية، إلا أن الحصاد لم يكن على المستوى المأمول.
وحسب محللين لـ"العربي الجديد"، شهد السوق المحلي استقراراً نسبياً وتحسناً في بعض المؤشرات منذ الإعلان عن الاتفاق، ودخوله بعد ذلك حيز التنفيذ العملي، في يناير/كانون الثاني من العام الماضي، حيث تراجعت نسبة التضخم الاقتصادي، والتي وصلت في سنوات سابقة إلى معدلات تجاوزت 35%، لتنخفض اليوم إلى ما دون 10%، بحسب تصريحات حكومية رسمية، وهو ما ساهم في التحكم بالارتفاع المضطرد لأسعار السلع، ما أرهق معيشة الإيرانيين طيلة سنوات الحظر.
كما استطاعت إيران زيادة صادراتها النفطية، وانفتحت استثمارياً على دول الغرب، حيث عقدت العديد من الاتفاقيات في هذا الصدد.
وحسب محللين، يبدو أن الحكومة الإيرانية كانت متفائلة من نتائج الاتفاق، فتم صك الموازنة ببنود استندت إلى تبعات الاتفاق، ويقدر حجم الموازنة بـ317 مليار دولار، وتعتمد بشكل رئيس على رفع مستوى الإنتاج النفطي إلى مليونين ونصف المليون برميل يوميا، وفق سعر أربعين دولارا تقريبا للبرميل الواحد، كما اعتمدت الحكومة في موازنتها على الأرصدة المفرج عنها من بنوك الخارج، لتطوير مشاريع القطاع الخاص، وهو ما عرّضها لانتقادات عديدة، كونها لا تتناسب مع الواقع.
ومع ذلك، حرصت إيران على رفع إنتاجها النفطي، محاولة تجاوز المحددات الإقليمية والدولية التي تعتري السوق، وعملت أيضا على استعادة زبائنها، فوصل إنتاجها أحياناً إلى 3.8 ملايين برميل، وتريد رفعه ليصل إلى 4 ملايين.
وفي هذا السياق، يرى الخبير في الشأن الاقتصادي الإيراني، علي إمامي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن للاتفاق النووي مع الغرب نتائج قصيرة، ومتوسطة وبعيدة المدى، وأثنى على الوفد المفاوض، قائلا إنه أنجز أمرا حسنا للبلاد، لكنه أكد عدم إحراز النتائج والامتيازات المرجوة، واعتبر أيضا أن العقوبات التي وصل عمرها إلى ثماني سنوات، انعكست سلبا على الاقتصاد الإيراني، وحصد نتائج زوالها يتطلب وقتا.
وأضاف إمامي أن طهران تحتاج إلى زيادة تعاملاتها مع الخارج، والتخلص من العقبات التي تعترض النظام المالي والمصرفي لاستعادة رونقها الاقتصادي. وأكد أنه رغم التأثيرات الإيجابية، لا يزال السوق يعاني من الكساد، وقال "لا الصفقات طبقت، ولا العقود تحولت إلى واقع عملي، ولا حتى أسعار صرف الدولار اختلفت عن السابق"، مضيفا أنه في حال تحول العلاقات مع الغرب إلى استثمارات عملية، فهذا يعني فرص عمل في الداخل وحلا لمشكلتي البطالة والفقر، وهو ما ينتظره الإيرانيون بالأساس من الاتفاق، لكن هذا يعتمد على التخلص من التحديات، حسب رأيه.
وكان من أبرز التحديات خلال الفترة الماضية، عدم استرجاع سوى جزء بسيط من الأموال المجمدة المقدّرة بنحو 100 مليار دولار، والتي كانت تعوّل إيران عليها كثيراً، بالإضافة إلى عدم اتصال نظامها المصرفي بنظام التحويلات الدولي أو السويفت، وهو الأمر الذي أكده حاكم المصرف المركزي الإيراني، ولي الله سيف، خلال زيارته أميركا مؤخرا، ما يجعل كل الأمور أكثر تعقيدا.
وكان وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، قال في تقرير قدمه علنا أمام نواب البرلمان الإيراني قبل أكثر من شهر، إن طهران استرجعت ما يزيد عن 700 مليون دولار من العوائد المفرج عنها، وهذا منذ التوصل إلى اتفاق جنيف المؤقت، في نوفمبر/تشرين الثاني 2013، بالإضافة إلى استلام أكثر من مليار دولار من العائدات النفطية، منها ما وصل إلى طهران أو وضع في حسابات مصرفها المركزي في الخارج، لكنه أكد وجود مشاكل تعترض النظام المالي والمصرفي، مشيرا إلى أنها ستحل قريبا.
فضلا عن هذا، جاء إعلان المحكمة العليا الأميركية كحجر عثرة جديد يقف في وجه استعادة طهران أموالها، وهو الذي يقضي بتغريم إيران ملياري دولار تعويضات لأقارب ضحايا الإرهاب، وبعد ذلك أعلنت المحكمة العليا في أنتاريو الكندية باتخاذ قرار مشابه.
هذا الأمر وغيره، أثار استياء كل المعنيين في الحكومة، ولا سيما فئة المحافظين المتشددين، والتي عارضت الاتفاق في بداياته وتخوفت مما وصفته بالتنازلات المصيرية. وعلى صعيد نتائج الاتفاق المرتقبة الأخرى رأت الحكومة، وعلى رأسها حسن روحاني، أن تطبيق الاتفاق عمليا لم يتعد أشهرا قليلة، معتبرا أنه من الطبيعي عدم لمسها في الوقت الراهن.
ويقول أستاذ الاقتصاد عبد المجيد شيخي، لـ"العربي الجديد"، إن العراقيل كثيرة، وستبقى قائمة، معتبرا أن هذا بحد ذاته يجب أن يشجع على تطبيق نظرية الاقتصاد المقاوم، وهو المصطلح الذي أطلقه المرشد الأعلى، علي خامنئي، والذي يعتمد على ضرورة تحسين الاقتصاد الإيراني بالاستفادة من الإمكانات المحلية وتحقيق الاكتفاء الذاتي ورفع معدل الصادرات مقابل خفض الواردات.
وأضاف شيخي أن مشكلات بعض الأطراف مع إيران لا تنتهي بالاتفاق النووي، وأبرزها تلك الموجودة بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية التي لم تلتزم من جهتها بتطبيق الاتفاق بحذافيره، رغم أن تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية تؤكد التزام طهران بتعهداتها، حسب تعبيره.
وكثفت طهران، خلال هذا العام، من جهودها الدبلوماسية وزياراتها عواصم أوروبية وفتحت أبوابها أمام الغرب، ووقّعت بالفعل ما يزيد عن 60 اتفاقية تسمح بالاستثمار الأجنبي، بالإضافة إلى التشجيع على الاستثمار المحلي، فكما يهم طهران شد رؤوس أموال الخارج إلى قطاعاتها، يهمهما كذلك تسهيل الأمور للمستثمر المحلي.
وزير الخارجية الألماني، فرانك والتر شتاينماير، زار إيران أكثر من مرة خلال هذه المدة، ووقع على اتفاقيات تعاون، كما جاء رئيس الوزراء الإيطالي، ماتيو رينتزي، على رأس وفد رفيع يضم 250 شخصية سياسية واقتصادية، ووُقّعت 7 اتفاقيات تعاون تشمل القطاع السياحي والثقافي والصناعي والنقل. وزار روحاني روما خلال جولته الأوروبية التي شملت فرنسا والفاتيكان أيضا، في يناير/كانون الثاني الماضي، ووقع 30 اتفاقية تعاون مع إيطاليا بقيمة 17 مليار يورو، وأسفرت جولته الأوروبية عن عقود تقدر قيمتها بـ40 مليار دولار.
وعقدت، خلال هذا العام، العديد من الصفقات الضخمة التي خصصت لتحديث أسطول إيران الجوي المدني، ومنها الاتفاق مع إيرباص الفرنسية على شراء 118 طائرة مدنية، كما أعلنت طهران مؤخراً، عن عقد صفقة مماثلة مع بوينغ الأميركية، لكن الاتفاقين لم يطبقا حتى اللحظة.