تعتزم الحكومة التونسية، خلال العام المقبل 2020، تصفية إرث الشركات المصادرة، التي كانت تعود للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وعائلته، وذلك في إطار الاستفادة من عائدات هذه الأصول وتحويلها إلى الموازنة العامة للدولة.
وكشف عادل غرار، رئيس مجموعة الكرامة القابضة الحكومية، التي تدير المؤسسات المصادرة، أنه سيتم طرح 7 مناقصات لبيع ما تبقى من شركات وحصص بن علي في كيانات بقطاعات مختلفة، وفق ما نص عليه مشروع قانون مالية الدولة للعام المقبل (الموازنة).
وأوضح غرار، لـ"العربي الجديد"، أن المستهدف هو تحصيل 150 مليون دينار (53 مليون دولار) من عمليات البيع، في مقابل 300 مليون دينار (107 ملايين دولار) جنتها الدولة، العام الحالي، من 6 صفقات، أبرزها بيع 70 في المائة من مصرف الزيتونة، إلى مجموعة الماجدة القطرية.
وأضاف أن قائمة المؤسسات التي سيتم بيعها، تضم مصنع إسمنت قرطاج، وشركة بيع السيارات "ألفا فورد" وشركات زراعية، إلى جانب مؤسستين إعلاميتين، و51 بالمائة في شركة أورانج تونس للاتصالات، و10 بالمائة في شركة أوريدو تونس.
وتابع أن مجموعة الكرامة القابضة، تمكنت من تصفية جزء كبير من إرث المؤسسات المصادرة بمعدل بيع 7 مؤسسات سنوياً منذ عام 2017، مقابل 7 مؤسسات فقط في الفترة الممتدة بين 2011 و2017.
وأشار غرار إلى أنه تم العمل على عدم انهيار المؤسسات المصادرة حتى يتم عرضها على المشترين في وضع جيد، بما يساعد في الحصول على مبالغ مجزية، لافتا إلى أنه جرى زيادة رأسمال عدد من المؤسسات لإصلاح وضعها المالي.
وقال غرار إن 5 مستثمرين أجانب تقدموا لشراء شركة إسمنت قرطاج، من بينهم شركات عاملة في نفس المجال من أصول إسبانية وبرتغالية تتطلع إلى توسيع نشاطها.
وعن أسباب عزوف المستثمرين المحليين عن المشاركة في مناقصات المؤسسات المصادرة، قال رئيس مجموعة الكرامة القابضة، إن أسبابا عدة تمنع رجال أعمال ومجموعات اقتصادية تونسية من المشاركة في هذه المناقصات، منها غياب الرغبة في الاستثمار المحلي في الظروف الحالية التي تشهد بعض المشكلات الاقتصادية وارتفاع كلفة القروض، لافتا إلى أن المستثمرين المحليين يقبلون أكثر على شراء العقارات.
وبعد إطاحة نظام بن علي، تولت لجنة المصادرة رصد وتوثيق جميع أملاكه، منذ مارس/آذار 2011، فيما أوكلت مهمّة التصرف فيها إلى لجنة حكومية.
وتعول الحكومة على جانب من عائدات الأملاك المصادرة، لضخ تمويلات في ميزانية الدولة. ووفق رئيس مجموعة الكرامة القابضة، فإنه تم تحصيل حوالي 700 مليون دينار (250 مليون دولار) خلال عامي 2017 و2018 من بيع المؤسسات المصادرة، مشيرا إلى أن 20 بالمائة من حصيلة البيع يتم استغلالھا في تمويل شركات مصادرة أخرى ورفع رأسمالها بهدف تحسين وضع بيعها.
وفي مقابل تصريحات رئيس مجموعة الكرامة، حول تحقيق تقدّم في بيع المؤسسات المصادرة، قال رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، شوقي الطبيب، إن حجم الأموال المنهوبة التي تم استرجاعها ضعيف جداً، داعيا إلى ضرورة فتح تحقيق إداري وقضائي في شبهات التستر والتقصير في استرجاع تلك الأموال.
وأضاف الطبيب، أن الدولة فشلت في استرجاع الأموال المنهوبة، لعدة أسباب، أبرزها نقص التعاون والتنسيق بين مختلف الهياكل الوطنية المتداخلة، فضلا عن عدم تعاون بعض الدول الأجنبية في المجال، فيما يخص الأموال التي تم تهريبها، وضعف التجربة الكافية في التعامل مع مثل هذه الأمور.
يُشار إلى أن الأموال المملوكة مباشرة لبن علي وعائلته لا تزال مُجمّدة في سويسرا. وتواجه تونس منذ مدة ظروفاً اقتصادية ضاغطة، بينما تقبع أموال مسؤوليها السابقين في البنوك السويسرية والأوروبية.
ولم تستطع تونس تحديد قيمة ثروة بن علي وعائلته التي قام بتهريبها إلى خارج البلاد. وقال البنك المركزي التونسي، في تقارير سابقة، إنه توصل إلى تحديد ممتلكات وأموال منهوبة في 10 بلدان. وأكد عدم وجود أرقام رسمية دقيقة عن قيمة تلك الأموال، لكن خبراء يقدرون قيمتها بمليارات الدولارات.
وتعوّل الحكومة في رفد الموازنة على جانب من عائدات الأملاك المصادرة للرئيس المخلوع الذي توفي في سبتمبر/أيلول الماضي، في السعودية، التي فر إليها في أعقاب ثورة 2011.
وتبلغ موازنة العام المقبل، بحسب مشروع قانون المالية المقدم إلى البرلمان نحو 47.2 مليار دينار (16.7 مليار دولار)، مقابل 40.6 مليار دينار (14.4 مليار دولار) في 2019.
وكان وزير المالية رضا شلغوم قد قال، في تصريحات صحافية، أخيراً، إن "تونس ستحتاج إلى اقتراض 11.4 مليار دينار (4.02 مليارات دولار) في 2020 لتغطية عجز الموازنة.