أشرفت الجزائر على نهاية سنة 2018، وسط سباق مع عقارب الزمن من أجل تجديد عقود الغاز التي تربطها مع دول جنوب القارة الأوروبية. ولن تكون البلاد هذه المرة في مواجهة "الوقت" الضيق فقط، بحكم قرب انتهاء آجال العديد من العقود، بل ستكون في سباق مع دول أخرى، على رأسها إسرائيل، التي تسعى إلى إغراق القارة العجوز بالغاز، بعد نجاحها في الولوج إلى شرق القارة، ما يهدد بقاء السوق الجزائرية مستقبلا.
كما ستواجه البلاد منافسين كبارا، ومنهم روسيا وقطر، ما يزيد الصراع حول عقود الغاز مع الدول الأوروبية.
ودخل الاحتلال الإسرائيلي قائمة الدول المصدّرة للغاز إلى القارة الأوروبية، عقب توقيعه عقودا مع قبرص واليونان على مشروع لتدشين خط أنابيب الغاز "إيست ميد" الذي يفترض أن يربط البلدان الثلاثة ويفعّل بحلول عام 2025، ليصل إلى إيطاليا.
ويضاف ذلك إلى إمدادات النرويج من الشمال، والتي نجحت في رفع طاقة إنتاجها بعد بداية استغلال شركة "شيل" النرويجية الهولندية للحقول الجديدة جنوب البلاد، وإمدادات روسيا من الشرق، التي تعززت قدراتها الإنتاجية والتسويقية بإطلاق مشروع "يامال" الغازي الذي تبلغ قيمته 27 مليار دولار، المدعم بثلاثة أنابيب "ساوث ستريم" و"ترك ستريم" و"نورد ستريم 2".
وبالإضافة إلى كل هذا بداية تدفق الغاز الصخري الأميركي إلى قلب أوروبا، وشحنات الغاز المسال القطري، ما سيدفع السوق الأوروبية نحو تخمة في الإمدادات وتشبّع في المعروض، يعيد تقسيم "حصص الكعكة" بين الدول المنتجة.
ويقول مدير مركزي في وزارة الطاقة الجزائرية، محمد العيد بلمو، لـ"العربي الجديد"، إن "الجزائر تركز اهتمامها على رفع قدراتها الإنتاجية، لتغطية الطلب الخارجي "المستقر" والداخلي الذي ارتفع بقرابة 20% في السنوات الأخيرة".
وأضاف نفس المتحدث أن "الجزائر ستتعامل مع السوق وفق تطورات المعطيات وليس وفق التوقعات. نحن نستثمر في ثقة زبائننا الذين تربطنا معهم علاقة تمتد لأكثر من 30 سنة من الإمدادات كفرنسا وإيطاليا، وحتى إسبانيا، وهي ورقة مهمة في "حرب الإمدادات".
اقــرأ أيضاً
ورغم تحفّظ الجهات الرسمية، إلا أن خبراء يرون أن دخول إسرائيل وقبرص التي ستطلق مع مصر أنبوبا ينقل الغار من حقل "أفروديت" القبرصي إلى تسهيلات الإسالة في مصر وإعادة تصديره إلى الأسواق المختلفة، في ظل "خريطة غازية" جديدة مرتقبة في منطقة جنوب أوروبا والشرق الأوسط، سيؤثر على حصة الجزائر عاجلا أم آجلا، بحكم أن الغاز الإسرائيلي، وحتى القبرصي، صار عند أعتاب "زبائن الغاز الجزائري"، وفي مقدمتهم إيطاليا.
وفي هذا السياق، يرى رئيس الجمعية الجزائرية لصناعة الغاز والمدير العام الأسبق لمجمع "سوناطراك" النفطي، عبد المجيد عطار، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن "مشروعات الإمدادات الجديدة ومهما كانت طاقتها وفي أي وقت يبدأ تموينها لجنوب أوروبا، ستكون لها تأثير على السوق، وبالتالي يشكل ذلك خطرا على الجزائر على المدى البعيد، باعتبارها أكبر مورّد للغاز إلى جنوب أوروبا، وثالث مزود للقارة العجوز بعد روسيا والنرويج".
وقال إن هذه المنافسة يمكن أن تؤدي إلى تغيير في الحصص، ولكن لا أتوقع أن يجعل المشروع القادم من أقصى الشرق (تحفّظ على ذكر إسرائيل) الجزائر تخسر زبائنها، حيث ستسعى إلى الحفاظ عليهم".
وقال عطار: "زبائن الجزائر، خاصة إيطاليا، لا يدركون حتى الآن مدى قدرة الدول الممونة الأخرى على الالتزام بتعهداتها الغازية".
وتعيش العقود طويلة الأمد التي تربط الدولة بإيطاليا وفرنسا، آخر أوقاتها. ولا تزال الجزائر تفضّل إبرام عقود طويلة الأمد مع البلدان التي تشتري منها الغاز، وهي الرغبة التي أصبحت تزعج بعض الشركات الأوروبية التي تفضّل عقودا قصيرة الأمد، خاصة أن السوق تشهد تقلبات مستمرة في الأسعار.
اقــرأ أيضاً
وحسب مصادر لـ"العربي الجديد"، فإن شركة "سوناطراك" نجحت، مطلع الشهر الحالي، في إقناع الإيطاليين على تجديد العقد المبرم بين الطرفين، حيث سيتم تمديده لخمس سنوات، لتلحق إيطاليا بإسبانيا، التي جددت عقود الغاز مع الجزائر حتى 2030 بحجم 9 مليارات متر مكعب سنويا، بموجب اتفاقيات بين "سوناطراك" الجزائرية ومجمّع "غاز ناتورال فينوزا" الإسباني، بغلاف مالي يقارب 30 مليار دولار، لتبقى الورشة الأخيرة للحكومة هي إقناع باريس بتجديد العقود التي تنتهي في 2022.
وحسب بيانات رسمية، تستحوذ إيطاليا على أكبر حصة من الغاز الجزائري بنحو 60%، تليها إسبانيا بنحو 20%، وفرنسا 12%، ثم البرتغال 7%، وسلوفينيا 1%.
إلى ذلك، قال مسؤول سابق في وزارة الطاقة والمناجم الجزائرية، كمال الدين جادي، إن "سوناطراك تعد قائمة اقتراحات لتقديمها لشركة "غاز دوفرانس" الفرنسية بعقود متوسطة الأمد، عكس إسبانيا التي قبلت بعقود طويلة الأمد".
وجاءت هذه الخطوة، حسب تصريحات جادي، لـ "العربي الجديد"، تحت ضغط المنافسة التي تعيشها السوق الأوروبية، خاصة من روسيا، التي أبدت استعدادها لتموين الجنوب الأوروبي بالغاز، وهي المنطقة الأكثر استهلاكا في القارة العجوز، نظرا لارتفاع عدد السكان مقارنة بالشمال."
وأضاف المتحدث ذاته أن "الجزائر لديها عدة تحديات داخلية لا تقل أهمية، وهي رفع الإنتاج، لمواجهة الطلب الداخلي المتزايد، مع البحث عن سبل لإطلاق أنابيب جديدة تموّن أوروبا، وكل هذا يضاف إليه تدني قيمة الدينار، ما يجعل الجزائر بين مطرقة إرضاء عملائها وسندان الظفر بأحسن الأسعار لتغطية تراجع عائدات النفط في السنوات الأخيرة."
وحسب الإحصائيات الرسمية، كانت الجزائر قد صدّرت 55 مليار متر مكعب من الغاز في 2017، في وقت تحتل فيه المرتبة الحادية عشرة عالميا من حيث احتياطات الغاز الطبيعي التقليدي المقدر بقرابة 159 تريليون قدم مكعبة.
كما ستواجه البلاد منافسين كبارا، ومنهم روسيا وقطر، ما يزيد الصراع حول عقود الغاز مع الدول الأوروبية.
ودخل الاحتلال الإسرائيلي قائمة الدول المصدّرة للغاز إلى القارة الأوروبية، عقب توقيعه عقودا مع قبرص واليونان على مشروع لتدشين خط أنابيب الغاز "إيست ميد" الذي يفترض أن يربط البلدان الثلاثة ويفعّل بحلول عام 2025، ليصل إلى إيطاليا.
ويضاف ذلك إلى إمدادات النرويج من الشمال، والتي نجحت في رفع طاقة إنتاجها بعد بداية استغلال شركة "شيل" النرويجية الهولندية للحقول الجديدة جنوب البلاد، وإمدادات روسيا من الشرق، التي تعززت قدراتها الإنتاجية والتسويقية بإطلاق مشروع "يامال" الغازي الذي تبلغ قيمته 27 مليار دولار، المدعم بثلاثة أنابيب "ساوث ستريم" و"ترك ستريم" و"نورد ستريم 2".
وبالإضافة إلى كل هذا بداية تدفق الغاز الصخري الأميركي إلى قلب أوروبا، وشحنات الغاز المسال القطري، ما سيدفع السوق الأوروبية نحو تخمة في الإمدادات وتشبّع في المعروض، يعيد تقسيم "حصص الكعكة" بين الدول المنتجة.
ويقول مدير مركزي في وزارة الطاقة الجزائرية، محمد العيد بلمو، لـ"العربي الجديد"، إن "الجزائر تركز اهتمامها على رفع قدراتها الإنتاجية، لتغطية الطلب الخارجي "المستقر" والداخلي الذي ارتفع بقرابة 20% في السنوات الأخيرة".
وأضاف نفس المتحدث أن "الجزائر ستتعامل مع السوق وفق تطورات المعطيات وليس وفق التوقعات. نحن نستثمر في ثقة زبائننا الذين تربطنا معهم علاقة تمتد لأكثر من 30 سنة من الإمدادات كفرنسا وإيطاليا، وحتى إسبانيا، وهي ورقة مهمة في "حرب الإمدادات".
وفي هذا السياق، يرى رئيس الجمعية الجزائرية لصناعة الغاز والمدير العام الأسبق لمجمع "سوناطراك" النفطي، عبد المجيد عطار، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن "مشروعات الإمدادات الجديدة ومهما كانت طاقتها وفي أي وقت يبدأ تموينها لجنوب أوروبا، ستكون لها تأثير على السوق، وبالتالي يشكل ذلك خطرا على الجزائر على المدى البعيد، باعتبارها أكبر مورّد للغاز إلى جنوب أوروبا، وثالث مزود للقارة العجوز بعد روسيا والنرويج".
وقال إن هذه المنافسة يمكن أن تؤدي إلى تغيير في الحصص، ولكن لا أتوقع أن يجعل المشروع القادم من أقصى الشرق (تحفّظ على ذكر إسرائيل) الجزائر تخسر زبائنها، حيث ستسعى إلى الحفاظ عليهم".
وقال عطار: "زبائن الجزائر، خاصة إيطاليا، لا يدركون حتى الآن مدى قدرة الدول الممونة الأخرى على الالتزام بتعهداتها الغازية".
وتعيش العقود طويلة الأمد التي تربط الدولة بإيطاليا وفرنسا، آخر أوقاتها. ولا تزال الجزائر تفضّل إبرام عقود طويلة الأمد مع البلدان التي تشتري منها الغاز، وهي الرغبة التي أصبحت تزعج بعض الشركات الأوروبية التي تفضّل عقودا قصيرة الأمد، خاصة أن السوق تشهد تقلبات مستمرة في الأسعار.
وحسب مصادر لـ"العربي الجديد"، فإن شركة "سوناطراك" نجحت، مطلع الشهر الحالي، في إقناع الإيطاليين على تجديد العقد المبرم بين الطرفين، حيث سيتم تمديده لخمس سنوات، لتلحق إيطاليا بإسبانيا، التي جددت عقود الغاز مع الجزائر حتى 2030 بحجم 9 مليارات متر مكعب سنويا، بموجب اتفاقيات بين "سوناطراك" الجزائرية ومجمّع "غاز ناتورال فينوزا" الإسباني، بغلاف مالي يقارب 30 مليار دولار، لتبقى الورشة الأخيرة للحكومة هي إقناع باريس بتجديد العقود التي تنتهي في 2022.
وحسب بيانات رسمية، تستحوذ إيطاليا على أكبر حصة من الغاز الجزائري بنحو 60%، تليها إسبانيا بنحو 20%، وفرنسا 12%، ثم البرتغال 7%، وسلوفينيا 1%.
إلى ذلك، قال مسؤول سابق في وزارة الطاقة والمناجم الجزائرية، كمال الدين جادي، إن "سوناطراك تعد قائمة اقتراحات لتقديمها لشركة "غاز دوفرانس" الفرنسية بعقود متوسطة الأمد، عكس إسبانيا التي قبلت بعقود طويلة الأمد".
وجاءت هذه الخطوة، حسب تصريحات جادي، لـ "العربي الجديد"، تحت ضغط المنافسة التي تعيشها السوق الأوروبية، خاصة من روسيا، التي أبدت استعدادها لتموين الجنوب الأوروبي بالغاز، وهي المنطقة الأكثر استهلاكا في القارة العجوز، نظرا لارتفاع عدد السكان مقارنة بالشمال."
وأضاف المتحدث ذاته أن "الجزائر لديها عدة تحديات داخلية لا تقل أهمية، وهي رفع الإنتاج، لمواجهة الطلب الداخلي المتزايد، مع البحث عن سبل لإطلاق أنابيب جديدة تموّن أوروبا، وكل هذا يضاف إليه تدني قيمة الدينار، ما يجعل الجزائر بين مطرقة إرضاء عملائها وسندان الظفر بأحسن الأسعار لتغطية تراجع عائدات النفط في السنوات الأخيرة."
وحسب الإحصائيات الرسمية، كانت الجزائر قد صدّرت 55 مليار متر مكعب من الغاز في 2017، في وقت تحتل فيه المرتبة الحادية عشرة عالميا من حيث احتياطات الغاز الطبيعي التقليدي المقدر بقرابة 159 تريليون قدم مكعبة.