يواجه ما يقرب من 900 ألف عامل مصري التشرد في منطقة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية، بسبب توقف ما يقرب من 1200 مصنع للغزل والنسيج عن العمل، نتيجة ارتفاع أسعار المواد الخام، والطاقة المشغلة لتلك المصانع بنسبة 40%، بعد تحرك أسعار الدولار، وقيام الشركة القابضة لصناعات الغزل والنسيج ببيع المواد الخام لتلك المصانع، حسب سعر الدولار في السوق السوداء، وليس حسب سعره الرسمي في البنوك، الأمر الذي أدى إلى توقف المصانع عن عملها في الإنتاج.
وصناعة الغزل والنسيج تعد من الصناعات الاستراتيجية، التي كانت تعتمد عليها مصر خلال الستينيات من القرن الماضي، حيث حققت طفرات كبيرة في الإنتاج، وصدرت تلك المصانع إنتاجها إلى جميع دول العالم العربية والعالمية لسنوات طويلة، وكانت بمثابة الذراع الثانية للاقتصاد بجانب صناعة الحديد والصلب في ذلك الوقت.
وكانت شركات الغزل والنسيج في ذلك الوقت تعمل على مدار الـ 24 ساعة مقسمة على ثلاث ورديات، لكونها تمتلك أسطولا كبيرا من أتوبسات النقل، مهمتها نقل العمال من وإلى الشركة، وهو ما شجع الكثير من العمال للانضمام للعمل بشركات الغزل والنسيج، حيث كانت مصدر دخل للكثير من الأسر المصرية خاصة محافظات الدلتا.
وفشلت مفاوضات العاملين بمصانع الغزل والنسيج بمدينة المحلة الكبرى، مع رئيس الشركة القابضة الدكتور أحمد مصطفى بتخفيض أسعار الغزل ومستلزمات الإنتاج إلى 8% بدلاً من 40% إلا أن كل المفاوضات كان مصيرها الفشل، واتهم العمال رئيس الشركة بالتعنت معهم، الأمر الذي أدى إلى توقف العديد من مصانع الغزل، واتهم العمال رئيس الشركة بأنه أخذ الضوء الأخضر من الحكومة برفع أسعار مستلزمات النسيج، خاصة بعدما أبلغهم أنه لا يمكنه اتخاذ أي قرار بخفض أسعار مستلزمات الإنتاج.
ودفع ارتفاع المديونيات للبنوك على بعض مصانع الغزل والنسيج إلى قيام بنكي مصر والبنك الأهلي بحجز مساحات شاسعة من الأراضي التي تمتلكها بعض مصانع الغزل والنسيج بعد تراكم الديون عليها، وهناك أراضٍ قامت تلك البنوك بطرحها للبيع أراضيَ سكنية رغم أهمية تلك الأراضي لوجودها في مناطق متميزة وداخل الكردون السكني.
قال الأمين العام لرابطة أصحاب مصانع الغزل والنسيج بالمحلة المهندس إبراهيم الشوبكي إن هناك مخاطر شديدة تحاك ضد مصانع الغزل والنسيج بمدينة المحلة بهدف تصفيتها نهائياً، وخروج تلك المصنع من السوق بهدف بيع أراضيها للمستثمرين، وهو ما ظهر واضحاً خلال الأيام الماضية، بعدما طرح بنك مصر والبنك الأهلي بعض الأراضي للبيع لإقامة أبراج سكنية، مشيراً إلى أن الضغوط التي تمارس حالياً على أصحاب المصانع بعد رفع مستلزمات الإنتاج، يؤكد مخطط الدولة لتصفية تلك المصانع.
ولفت الشوبكي إلى أن رئيس الشركة القابضة يرفض تماماً أي دعم لأصحاب المصانع أو يخفض أسعار الغزل، متهماً الدولة بتجاهلها دعم منتجات الغزل والنسيج في الأسوق المحلية والخارجية.
وأشار "الشوبكي" إلى أن جميع المفاوضات مع الجهات المعنية من المسؤولين بالدولة، واللجنة الصناعية بمجلس النواب، كان مصيرها الفشل، وأضاف أن غياب الدولة في دعم الصناعة الوطنية يعد كارثة، وأن أصحاب مصانع الغزل والنسيج أصبحوا غير قادرين على تحمل تكلفة أزمة الدولار، التي تهدد بغلق المصانع، في ظل عدم وجود حلول بديلة، منوهاً إلى أن الكارثة أن أصحاب المصانع تعاقد بعضهم على طلبيات للتصدير، وفقاً للأسعار القديمة للغزل، وفوجئوا بضرورة تسليمهم وفقاً للاتفاق، وإلا ستتم مقاضاتهم.