يواصل فيروس كورونا ضرب الأسواق المالية والبورصات والنفط، وهي موجة مستمرة اليوم الجمعة، كما يفاقم المخاوف على مستوى الاقتصاد العالمي ككل، لتهديده كبرى الدول بتعميق الركود وتقليص توقعات نموها خلال العام الجاري.
وتراجع النفط 1%، اليوم الجمعة، مع تأجج المخاوف حيال الطلب العالمي على الخام والنمو الاقتصادي بسبب تفشي فيروس كورونا في ظل عدم اتفاق المنتجين من خارج أوبك بعد على مزيد من خفض الإنتاج لدعم الأسعار.
وبحلول الساعة 07:35 بتوقيت غرينتش، كان خام برنت منخفضا 49 سنتا بما يعادل 0.98% إلى 49.50 دولارا للبرميل، في حين نزل الخام الأميركي غرب تكساس الوسيط 46 سنتا أو واحدا في المائة ليسجل 45.44 دولارا للبرميل.
وكانت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) حثت أمس الخميس على خفض الإنتاج مع حلفائها - في إطار المجموعة المسماة أوبك+ - 1.5 مليون برميل إضافي يوميا حتى نهاية 2020، وذلك قبيل اجتماع أوبك+ المقرر في فيينا اليوم.
وقال وزراء أوبك إنه من المنتظر أن تشارك الدول غير الأعضاء بخمسمائة ألف برميل يوميا، من إجمالي الخفض الإضافي. لكن روسيا وكازاخستان، وهما من أعضاء أوبك+، قالتا إنه لا يوجد اتفاق بعد على تعميق الخفض، مما قد يفضي إلى انهيار التعاون الذي دعم أسعار الخام منذ 2016.
ويتوقع بعض المحللين أن تتبنى موسكو الاتفاق في النهاية. وقالت آر.بي.سي كابيتال ماركتس، في مذكرة بحثية: "إذا قالت لا، فقد ينهار التحالف بأكمله - ومعه أي تجارة ثنائية أو صفقات استثمار جديدة مزمعة فضلا عن النفوذ الاستراتيجي الذي اكتسبته موسكو بالمشاركة في اتفاق الإنتاج. "ستكون هناك حمى مكالمات رفيعة المستوى بين موسكو والرياض وأبوظبي، لإبرام الصفقة.
وأظهرت بيانات رفينيتيف أيكون تراجع علاوة برنت فوق مبادلات دبي إلى تسعة سنتات اليوم الجمعة، مسجلة أدنى مستوياتها منذ مايو/ أيار 2010. وتراجع فرق السعر بين برنت وخام دبي في بورصة العقود الآجلة للمبادلات إلى 2.54 دولار، بما يعادل 97%، من 2.63 دولار للبرميل في نهاية 2019، وفقا للأرقام.
خسائر الأسهم
في أسواق المال، تراجعت الأسهم اليابانية إلى أدنى مستوياتها في ستة أشهر اليوم الجمعة، متكبدة خسائر للأسبوع الرابع على التوالي، مع تصاعد المخاوف حيال الضرر الاقتصادي الناجم عن فيروس كورونا الآخذ بالانتشار السريع في الداخل والخارج.
وهبط المؤشر نيكي القياسي 2.72% إلى 20749.75 نقطة، في أدنى إقفال له منذ الرابع من سبتمبر/أيلول 2019. وفقد المؤشر توبكس الأوسع نطاقا 2.92% ليسجل 1471.46 نقطة، أدنى ختام له منذ يناير/كانون الثاني من العام الماضي.
ومع بيع المستثمرين تشكيلة واسعة، تراجع 97% من الأسهم في السوق الرئيسية ببورصة طوكيو، وسط اتساع نطاق انتشار الوباء في أوروبا والولايات المتحدة، بينما تكافح اليابان لاحتواء حالات الإصابة لديها.
وحتى تنامي التكهنات لمزيد من التيسير النقدي في أنحاء العالم هذا الشهر، بما في ذلك في اليابان والولايات المتحدة، لم ينجح في رفع المعنويات.
وفقد سهم مجموعة سوفت بنك، التي تملك صندوق رؤية عالي الاستدانة لشركات التكنولوجيا الناشئة، 6.1%.
وتضررت أسهم شركات السياحة، بعد أن أمر رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي بحجر صحي لمدة أسبوعين على الزائرين القادمين من الصين وكوريا الجنوبية. وانخفضت أسهم اتش.آي.اس 6.3% واير تريب 8.2% وكنت-سي.تي هولدنغز 3.8%.
وتأثرت أسهم الشركات المصدرة سلبا بارتفاع الين إلى أعلى مستوياته في ستة أشهر. وفقدت أسهم هوندا موتور 4.3% وتويوتا 3.1% وكوماتسو 3.6% وكانون 3.5%.
توقعات أسوأ
إلى ذلك، خفض معهد التمويل الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة والصين الخميس، بينما حذر من أن النمو العالمي قد يسجل أدنى مستوياته منذ الأزمة المالية العالمية.
وأشار المعهد إلى التأثير الاقتصادي لتفشي فيروس كورونا، ليقلص توقعاته لنمو الولايات المتحدة هذا العام إلى 1.3% انخفاضا من 2% في السابق، مع تركز الضعف في الربع الثاني، وللصين إلى ما يقل قليلا عن 4% من 5.9% في السابق.
وقال المعهد إن النمو العالمي في 2020 ربما يقترب من 1%، وهو ما يقل كثيرا عن نمو بنسبة 2.6% في 2019 ويمثل أضعف نمو منذ الأزمة المالية العالمية.
وقال خبراء الاقتصاد لدى المعهد في تقرير: "نطاق النتائج المحتملة كبير ويعتمد على انتشار الفيروس والتبعات الاقتصادية الناجمة، وكلها أمور تكتنفها ضبابية مرتفعة في هذه المرحلة".
وبعيدا عن أكبر اقتصادين في العالم، يشير المعهد إلى ضعف في ألمانيا واليابان وأسواق ناشئة. وفي تحرك طارئ لحماية الاقتصاد الأميركي من أثر التفشي، خفض البنك المركزي الأميركي يوم الثلاثاء أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية إلى نطاق مستهدف بين 1% و1.25%.
وقال معهد التمويل الدولي إن تحرك مجلس الاحتياطي الاتحادي شكل فرصة لخفض أسعار الفائدة للبنوك المركزية في أسواق ناشئة والتي امتنعت عن اتخاذ هذه الخطوة حتى الآن بفعل مخاوف من احتمال هبوط عملاتها.
وأضاف أن ذلك كان مهما على وجه الخصوص لدول تقدم عوائد مرتفعة وتحقق نموا منخفضا مثل المكسيك وجنوب أفريقيا وفي أنحاء الأسواق الناشئة بوجه عام حيث كان النمو ضعيفا.
وقال المعهد: "من شأن دورة التيسير الفعلية هذه أن تساعد في تحقيق نمو بالأسواق الناشئة وتقي الاقتصاد العالمي من كوفيد-19".
مخاوف عالمية
واليوم الجمعة، قال البنك الآسيوي للتنمية إن تفشي فيروس كورونا سيقلص النمو الاقتصادي في آسيا النامية وفي أنحاء العالم هذا العام.
وقال البنك الذي مقره مانيلا، إن انتشار الفيروس قد يقلص الناتج الإجمالي العالمي بين 0.1 و0.4%، بخسائر مالية من المتوقع أن تصل إلى ما بين 77 و347 مليار دولار.
وأضاف البنك في تحليل تضمن أفضل وأسوأ التصورات المحتملة، إن النمو الاقتصادي قد يتقلص بين 0.3 و1.7% في الصين وبين 0.2 و0.5% في آسيا النامية عدا الصين.
كما قال البنك الآسيوي للتنمية إن انتشار فيروس كورونا قد يقود إلى تراجعات حادة في الطلب المحلي والسياحة ورحلات الأعمال والتجارة وروابط الإنتاج فضلا عن تعطيل الإمدادات، مما سيضر بالنمو في آسيا.
وبدد الانتشار العالمي لفيروس كورونا الجديد الآمال في نمو أقوى هذا العام وسيقلص نمو الناتج العالمي في 2020 إلى أدنى وتيرة له منذ الأزمة المالية في 2008 و2009، بحسب ما ذكرته كريستالينا جورجيفا مديرة صندوق النقد الدولي يوم الأربعاء.
ويقول البنك الدولي إنه يوفر تمويلات عاجلة قدرها 12 مليار دولار، لمساعدة الدول النامية على تحسين الخدمات الصحية ومراقبة الأمراض وتوفير الإمدادات الطبية ورأس المال العامل للشركات.
وفي الولايات المتحدة، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن اقتصاد بلاده قد يتأثر سلبا من تفشي فيروس كورونا، لكنه توقع تجاوزه في نهاية المطاف ودافع عن طريقة تعامله مع الأزمة.
وظهر ترامب في مناسبة نظمتها فوكس نيوز في إطار حملته لانتخابات 2020 أمام جمهور من سكرانتون بولاية بنسيلفانيا، إحدى الولايات غير المحسومة والتي ساعدت الرئيس الجمهوري على الفوز بسباق البيت الأبيض في 2016.
وأفضى انتشار فيروس كورونا إلى انخفاضات حادة في سوق الأسهم، وأجج المخاوف من تراجع اقتصادي في وقت يطلب ترامب من الأميركيين انتخابه لفترة ثانية.
وقال ترامب ردا على سؤال، إن كان فيروس كورونا قد أضر بالاقتصاد: "لا ريب أنه قد يؤثر. وفي نفس الوقت، ينبغي أن أقول إن الناس الآن يمكثون في الولايات المتحدة وينفقون أموالهم فيها، ويعجبني هذا".
وأضاف أن "الأمر سيجد طريقه إلى الحل. حري بالجميع أن يهدأوا.. لدينا خطط لكل احتمال وأعتقد أن هذا هو الواجب علينا. نأمل ألا يطول الأمر كثيرا".
وأعاد ترامب تأكيده أن قيود السفر التي فرضتها الصين في بداية الأزمة قد ساعدت على الحد من التفشي في الولايات المتحدة.