حلّت ليبيا بين الدول العشر الأكثر فساداً في العالم، وفقا لمؤشر الفساد التابع لمنظمة الشفافية الدولية لعام 2015، بينما انتهجت الحكومات الليبية المُتعاقبة سياسات مالية منفلتة خلال السنوات الأربع الماضية دون ضوابط في الإنفاق، ما تسبب في هدر مليارات الدولارات دون تنمية في البلاد.
وبينما يصعب حصر إجمالي خسائر الفساد في ليبيا، التي تعاني تردياً اقتصاديا بسبب الاضطرابات السياسية والأمنية، إلا أن تقارير رقابية تخرج بين الحين والأخر تشير إلى وجود هدر مالي كبير في قطاعات عدة بالبلاد الغنية بالنفط.
وذكر ديوان المحاسبة الليبي، أعلى هيئة رقابية في البلاد مؤخراً، أن حجم إنفاق الحكومات المتعاقبة على مدى السنوات الثلاث الماضية، والتي أعقبت ثورة 17 فبراير/ شباط 2011، بلغ نحو 158 مليار دينار (121.5 مليار دولار)، موضحاً أن الإنفاق الحكومي اتسم خلال الأعوام السابقة بالإسراف والهدر.
وفي تصريح لـ"العربي الجديد"، قال محسن دريحة، مدير عام محفظة "ليبيا أفريقيا" للاستثمار، وهي مملوكة للمؤسسة الليبية للاستثمار والتي تدير الغالبية من مجنب دخل النفط في ليبيا لـ"العربي الجديد"، إن أصول المحفظة كانت تبلغ 5 مليارات دولار قبل الثورة، بينما تصل الآن إلى 3.5 مليارات دولار، وهو ما يعني ضياع 1.5 مليار دولار خلال 4 سنوات، بسبب سوء الإدارة والفساد المالي.
وعلى رغم تكليف 50 جهة من الحكومات المتعاقبة في ليبيا طوال السنوات الأربع الماضية، بشأن متابعة الأموال المنهوبة والمهربة إلى الخارج بهدف استردادها، إلا أن البلاد لم تستعد أي "دينار" للخزانة العامة حتى الآن، حسب تقارير حكومية.
وذكر رئيس قسم التحقيقات بمكتب النائب العام، الصديق الصور، في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، أن مكتبه غيّب بشكل كامل ولم يبلغ من قبل الحكومات المتعاقبة بالإجراءات المُتعلقة بشأن الأموال المهربة خلال فترة حكم معمر القذافي.
وقال الصور، إن الأموال المهربة من الصعب تقديرها، حيث لم تضع الحكومات استراتيجية محددة وفق الشفافية والمعايير الدولية لإعادة الأموال إلى الدولة الليبية.
كما أن استثمارات ليبيا في الخارج لم تحقق عوائد مالية تذكر، بل تكبدت خسائر كبيرة. وذلك بسبب سوء الإدارة وعدم وجود رقيب على الصناديق السيادية في ظل تنازع السلطات وفقا لتقارير رقابية.
والمؤسسة الليبية للاستثمار البالغ رأسمالها 67 مليار دولار، استثمرت ما قيمته 23 مليار دولار من أصولها في استثمارات منخفضة المخاطر وذات عوائد مالية متدنية مثل الإيداعات المؤجلة والاستثمار بالسندات.
وأكد أحمد أبولسين، عميد كلية الاقتصاد بجامعة طرابلس لـ "العربي الجديد"، أن ليبيا بعد الثورة كانت في حاجة لإجراء إصلاحات على سياسات التوظيف والأجور والدخل وأن استحقاقات إعادة الإعمار كبيرة وليس هنالك مبرر لاتباع سياسة مالية توسعية منفلتة لا يمكن أن تؤدي إلا إلى انهيار اقتصادي حتمي للبلاد.
اقرأ أيضاً: ليبيا تدخل حقبة التقشف