تعاظمت ظاهرة انتشار اللحوم الفاسدة بالأسواق السورية، بعد ارتفاع سعر كيلو غرام لحم الخروف لنحو 4500 ليرة سورية وشرحات الفروج (قطع الدجاج) لنحو 2000 ليرة، مما دفع بالمستهلكين، بحسب مصادر لـ"العربي الجديد" للبحث عن الأسعار الرخيصة التي تناسب دخلهم المتواضع، بصرف النظر عن مصدر اللحم ومدى صلاحيته للاستهلاك .
وتقول السيدة السورية حنان (51 سنة): لا يمكننا شراء اللحوم الطازجة بسبب ارتفاع سعرها، بل نبحث بالأسواق عن اللحوم المثلجة التي يقول الباعة إنها مستوردة وحلال، وأسعارها رخيصة.
وتضيف السيدة السورية من دمشق لـ"العربي الجديد":" لا نعرف مصادر اللحوم لأننا نشتريها مفرومة أو مقطعة"، مشيرة إلى تغير لون لحم الدجاج وميله للزرقة أحياناً: "مضطرة لأن دخلي لا يتجاوز 30 ألف ليرة سورية وكل الأسعار مرتفعة...والأطفال بحاجة لبروتين حيواني".
وحول انتشار اللحوم مجهولة المصدر بالأسواق، ودور الرقابة بملاحقة المخالفات، قالت السيدة الدمشقية:" لا توجد رقابة والأسواق أشبه بالغابة، الجميع يحاول استغلال السوريين وفقرهم، والغش لا يقتصر على اللحوم، بل لا نعرف ماذا نأكل على صعيد الأجبان والألبان وحتى الأرز المستورد فيه حشرات".. خاتمة حديثها مع "العربي الجديد" "نعيش كل طرق التفقير والإذلال بدمشق".
وكان مدير حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية بحكومة الأسد، حسام نصر الله، قد كشف عن انتشار حالات الغش وفساد الفروج بكميات كبيرة، حيث يتمّ نقلها ببرادات كبيرة من حماة إلى دمشق وتوزيعها على محال اللحوم وبيع الفروج بدمشق.
ويضيف نصر الله: لقد تبيّن من خلال الكشف الحسي على المواد وجود لحوم غير صالحة للاستهلاك البشري، بسبب تغيّر مواصفاتها الفيزيائية، ووجود تزنخ يحتوي على رائحة الكابتون التي تؤدي لتغيير اللون، مما يدلّ على وجود فطور في اللحم ودخولها بمرحلة التحلل.
ويؤكد مدير حماية المستهلك بدمشق توجه دوريات حماية المستهلك نحو العديد من المحلات والمستودعات لكشف حالات الغش والفساد المتعلقة بمادة الفروج، إذ تمّ ضبط محل يحتوي على طن من الفروج المثلج.
وأضاف أن لحوم الفروج المضبوطة أخيراً، وغير الصالحة للاستهلاك البشري، بلغت نحو 24 طناً، منها ضبط لبراد قادم من حماة إلى دمشق محمل بكمية كبيرة من هذه المادة تمّ إتلافها فوراً، إضافة إلى سيارة تحمل طناً من الفروج المثلج وأخرى تحمل 7 أطنان، إضافة إلى الضبطيات من بعض المحلات والمستودعات.
وشهدت الأسواق السورية أخيراً، ارتفاعا بأسعار الفروج، إذ وصل الكيلو غرام الطازج نحو 1100 ليرة وكيلو الشرحات الدجاج قفز لنحو 2000 ليرة، فيما بلغ سعر كيلو غرام الفروج المذبوح 975 ليرة، أما كيلو وردة الدجاج فبلغ 1300 ليرة.
وتشير مصادر من العاصمة السورية إلى ارتفاع أسعار الفروج في سوق الجملة، إذ بلغ سعر كيلو غرام الدجاج الحي نحو 660 ليرة والفروج المذبوح 942 ليرة والشرحات الدجاج 1800 ليرة.
وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" إن مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك، بدأت تسيير "دوريات نوعية" خصصت لأسواق اللحوم بأنواعها، للتأكد من صلاحيتها وسلامتها ومطابقتها للمواصفات القياسية السورية بما يضمن صحة وسلامة المواطنين وأمنهم الغذائي، وذلك في إطار حملة جديدة لتنفيذ ما أسمته "الرقابة النوعية" على الأسواق.
ويرى الاقتصادي السوري، محمود حسين، أن معالجة الأزمات الاقتصادية تبدأ من الأسباب وليس من النتائج، لأن السوق السورية تعاني من نقص حاد بمستوى طرح مادة اللحوم الحمراء بعد السماح بتصديرها أخيراً، ومن اللحوم البيضاء بسبب خروج معظم المربين عن المهنة، بسبب ارتفاع مستلزمات الإنتاج من أعلاف وأدوية ومشتقات نفطية.
ويضيف حسين من إسطنبول لـ "العربي الجديد": ارتفعت أسعار مواد التدفئة بمزارع الدواجن أكثر من أربعة أضعاف وسعر طن الذرة لنحو 155 ألف ليرة، وسعر طن الصويا 300 ألف ليرة، مما انعكس على تكاليف الإنتاج وارتفاع الأسعار.
ولفت حسين إلى أن حصر الاستيراد بعدد محدد من التجار، سيزيد من أسعار مستلزمات إنتاج الدواجن، وسيزيد من الأسعار وتفشي الغش، وانتشار اللحوم المستوردة المخالفة للمواصفات القياسية السورية.
(الدولار يعادل 517 ليرة)