وأفضت حصيلة عامين من الحرب، إلى سيطرة قوات إماراتية على ثلاثة مطارات دولية مدنية ضمن مناطق سيطرة الحكومة الشرعية وأربعة موانئ مهمة منها ميناءان نفطيان، والوضع اليوم لا يختلف كثيراً عما قبل خمس سنوات، فما زالت الإمارات تمارس ذات الدور في تعطيل الملاحة البحرية والجوية وتدمير منشآت اليمن الاقتصادية.
ويأتي النهم الإماراتي للسيطرة على الموانئ اليمنية في إطار سعي الدولة الخليجية للعب دور إقليمي والسيطرة على عدة موانئ ومنافذ في المنطقة العربية، إذ سيطرت على موانئ ليبية عبر حليفها قائد قوات برلمان طبرق خليفة حفتر، وعلى موانئ في جيبوتي وإرتيريا والصومال. وعملت على إفشال مشروع المنطقة الاقتصادية بقناة السويس المصرية، لصالح تعزيز دور موانئها التي تؤمن نفاذا إلى أسواق فيها أكثر من ملياري شخص.
وتسيطر الإمارات على ميناء عدن بالعاصمة المؤقتة (جنوب اليمن)، وحولت ميناء المخا على البحر الأحمر (غرب) إلى ثكنة عسكرية ومقر لقواتها، واستخدمت ميناء الضبة النفطي في محافظة حضرموت (جنوب شرق) كمقر لقواتها ومعتقل سري تحت إشراف مليشيات تابعة لها، وحوّلت مطار الريان الدولي بمدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت، إلى معتقل سري أيضاً، كما سلمت مطار عدن الدولي لمليشيا موالية، ما أعاق حركة الملاحة فيه نتيجة معارك مسلحة تندلع بين فترة وأخرى.
وأكد مسؤول في الحكومة الشرعية، تحفظ على نشر اسمه، لـ "العربي الجديد" أن دولة الإمارات خلقت وضعاً مضطرباً في عدن، وفي كبرى المحافظات اليمنية حضرموت، فأعاقت خطط الحكومة الشرعية لاستعادة النشاط الاقتصادي وخلق موارد مالية من خلال تعطيلها مطارات وموانئ رئيسية كانت تعول، الحكومة على تشغيلها، لإنقاذها من ضائقة مالية تعصف بها. ما فاقم من أزمات الاقتصاد ومعاناة الشعب اليمني.
ميناء عدن
عندما اندلعت الثورة الشعبية اليمنية ضد نظام الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، كان ميناء
عدن (جنوب البلاد) يدار من قبل الإمارات وتحديدا شركة موانئ دبي العالمية، لكن حكومة الوفاق الوطني التي تشكلت عام 2012 عقب الثورة، طالبت الشركة الإماراتية بإنهاء اتفاقية الإدارة بعد سبع سنوات شهد فيها الميناء اليمني انتكاسة وسط تراجع مخيف للحركة الملاحية.
واتهم وزير النقل اليمني آنذاك واعد باذيب، في 12 إبريل/نيسان 2012، الشركة الإماراتية "بتنفيذ تدمير ممنهج لميناء عدن". وأوضح أن شركة موانئ دبي العالمية "أخلّت بالتزاماتها ولم تنفذ الشروط المنصوص عليها في العقد، وعملت على وضع شروط وجزاءات أمام شركات الملاحة العالمية بشكل إدى إلى طرد شركات الملاحة العالمية من الميناء".
وتعرض ميناء عدن وفق تقارير يمنية صادرة عن وزارة النقل اليمنية حينها، إلى إخلال في صيانة المعدات ولم تنفذ مرحلة التطوير المتفق عليها فور استلام الميناء، ما أدى إلى تدهور الأداء في مناولة الحاويات، وفقد الميناء حوالى 98% من حركة حاويات إعادة الشحن بمغادرة خطوط ملاحية عالمية.
وقد غادرت الشركة الإماراتية، في 23 سبتمبر/أيلول 2012 تحت ضغط الثورة الشعبية اليمنية، بموجب تسوية وديّة، تضمنت أن يتم الخروج بطريقة تحفظ سمعة الشركة وبحيث تعلن تخليها عن الاستمرار في تشغيل وإدارة شركة موانئ خليج عدن، وأن تتعهد الحكومة اليمنية بعدم رفع دعوى أمام القضاء الدولي ضدها.
لكن عقب طرد مليشيات الحوثي وصالح من الأجزاء التي سيطروا فيها على عدن بما فيها
المطار الدولي، منتصف يوليو/تموز 2015، حصلت الإمارات على امتياز إدارة المدينة، وقد أحكمت قبضتها على المنشآت الحيوية وأبرزها ميناء عدن ومطار عدن الدولي الذي سلمته لقوات محلية موالية دربتها وتدفع أجورها، وبشكل غير معلن وبدون اتفاقية رسمية تجري ترتيبات لتسليم الميناء لشركة موانئ دبي العالمية مجدداً، وفق ما أكدته مصادر مطلعة لـ "العربي الجديد".
وأعلن موظفو ميناء عدن والهيئة الحكومية للمناطق الحرة، في مارس/آذار الماضي، عن رفضهم عودة الشركة الإماراتية.
وكشف الموظفون، في بيان، عن تجهيزات واتفاقيات تمت لإعادة موانئ دبي العالمية لتشغيل ميناء عدن، وأوضحوا أن مسؤولي الشركة الإماراتية كثفوا مؤخراً زياراتهم إلى الميناء والمنطقة الحرة.
إلى ذلك، نشرت صحيفة (عدن الغد) المحلية الصادرة من العاصمة المؤقتة عدن، في يونيو/حزيران الماضي، وثيقة رسمية تكشف عن تحويل التحالف السعودي - الإماراتي محطة تكرير النفط خزانات البترول (ميناء الزيت) في مدينة عدن إلى منطقة عسكرية يُمنع الاقتراب منها.
وميناء الزيت مملوك لشركة مصافي عدن وضمن منشآتها ويستخدم لاستقبال واردات مدينة عدن والمحافظات المجاورة من الوقود ومشتقات النفط.
مطار عدن
نفّذت الإمارات مشروعاً لتأهيل ميناء عدن استغرقت مدته 6 أشهر، وعند إعلان أن المطار
جاهز تفاجأت الحكومة اليمنية أن المشروع الإماراتي اقتصر على ترميم مبان وطلائها، وأن المطار ما زال بدون بوابة والمدرج ترابي. كما كلفت القوات الإماراتية مليشيا مسلحة موالية لها من جماعات سلفية بمهمة حماية المطار الدولي.
وارتفعت شكاوى المسافرين من ممارسات القوة المحلية الموالية للإمارات، بما في ذلك احتجاز مسافرين وممارسة الابتزاز واستلام رشاوى يتم بموجبها إجبار قائد الطائرة على استيعاب حمولة زائدة من الركاب لا تقل عن 10 في كل رحلة، وعقب ذلك قرر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إرسال قوات نظامية لتسلم مهمة حماية المطار الرئيسي لليمن في ظل إغلاق مطار صنعاء في العاصمة.
وأرسل هادي، منتصف فبراير/شباط الماضي، قوات الحماية الرئاسية للسيطرة على المطار وإجبار قائد قوات حماية المطار الموالي للإمارات، المكنّى "أبو قحطان" على التسليم، لكن الإمارات حركت طائراتها الحربية وأرسلت تهديدا مباشرا، وقامت بقصف مدرعات تابعة لقوات الحماية الرئاسية وقتلت جنودا موالين للشرعية، ونقلت أبو قحطان بمروحية إلى معسكر تدريبي تابع لها في عدن.
وخلال عام واحد، شهد المطار أكثر من 10 معارك استخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة ونتج عنها إغلاق المطار أمام حركة الطيران لفترات متفاوتة.
مطار الريان
في محافظة حضرموت (جنوب شرق البلاد) وهي كبرى المحافظات اليمنية بمساحة تبلغ 150 ألف كم مربع، أغلقت القوات الإماراتية مطار الريان المدني في عاصمة المدينة منذ إبريل/نيسان 2016، بحجة "القيام بتنفيذ مشروع تأهيل المطار". والمطار لم يتعرض لأية أضرار ولم تطاوله تأثيرات الحرب، ولا تزال جميع مرافقه سليمة وفي الخدمة.
وقالت مصادر محلية ومنظمات حقوقية، إن القوات الإماراتية أغلقت مطار الريان أمام حركة الملاحة لأنها حولته إلى معتقل كبير.
وتسبب إغلاق المطار المصنف كمطار دولي، في تأثيرات خطيرة فاقمت معاناة سكان المحافظة البالغ عددهم مليونا و300 ألف نسمة. ويوضح الباحث الاقتصادي سليم فرج، لـ "العربي الجديد" أن مطار الريان يمثل أهمية كبيرة للسكان ولاقتصاد المحافظة، وإغلاقه يفاقم معاناة الناس ويضرب الحركة التجارية.
وأضاف فرج أن منشآت المطار تحوي ثلاجات كبيرة لحفظ الأسماك، وقد كان التجار يستخدمون المطار لتصدير بعض صادرات المحافظة مثل الأسماك إلى الدول العربية وحتى الأوروبية، ومنها بلجيكا، ضمن عقود تجارية. ويعتبر مطار الريان ثاني أفضل المطارات اليمنية بعد مطار صنعاء من حيث التجهيزات.
ميناء الضبّة النفطي
حولت القوات الإماراتية منشآت ميناء الضبة النفطي إلى معتقل يحوي عددا من سجون التعذيب، فضلا عن استخدام عدد من منشآت الميناء كمقر عسكري لقواتها، ما يعيق مساعي الحكومة اليمنية لاستئناف تصدير النفط.
وأكد مسؤول في الحكومة اليمنية لـ "العربي الجديد"، أن التواجد العسكري الإماراتي في
منشآت الميناء يعيق ترتيبات الحكومة اليمنية لاستئناف تصدير النفط، كما يعيق عشرات العمال في الميناء من العودة لمزاولة أعمالهم.
وميناء الضبة النفطي، مؤهل لتحميل وشحن السفن بالنفط الخام لأغراض التصدير. ويعتبر أكبر ميناء نفطي على مستوى البلاد، وهو مجهز بكافة الإمكانيات الخاصة باستقبال ورسو سفن النفط العالمية العملاقة.
ويحوي الميناء 6 خزانات عملاقة تتفاوت سعتها التخزينية ما بين مليون برميل نفط وخمسمائة ألف برميل نفط. وتقدر السعة الكلية التخزينية لخزانات الميناء بنحو 3.5 ملايين برميل نفط.
كما تسيطر قوات محلية موالية للإمارات تعرف باسم "النخبة الشبوانية" على ميناء بلحاف بمحافظة شبوة (جنوب شرق اليمن) والذي يقع ضمن منشآت محطة بلحاف لتصدير الغاز الطبيعي المسال، والذي لا يزال متوقفاً منذ بداية الحرب.
ميناء المخا
قادت دولة الإمارات قوات محلية موالية لتحرير ميناء المخا على البحر الأحمر (غرب اليمن) وقد أعلنت الحكومة اليمنية تحريره من مليشا الحوثيين، نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، وأكدت أنها ستعيد تشغيله خلال شهرين، بسبب تحويل الميناء إلى ثكنة عسكرية.
وأكدت مصادر حكومية وأخرى محلية لـ "العربي الجديد": أن القوات الإماراتية تسيطر على ميناء المخا التجاري وحولته إلى مقر لقواتها العسكرية، فعطلت نشاطه التجاري فضلا عن إغلاقه أمام الصيادين، بينما موظفو وعمال الميناء في منازلهم.
ويخدم الميناء أكبر تكتل سكاني على مستوى اليمن، بتزويد محافظتي تعز (جنوب غرب) وإب (وسط) باحتياجاتها من السلع الغذائية ومختلف الواردات.
ويتسبب تعطيل الميناء في حرمان ملايين السكان من المواد الغذائية. ويكتسب الميناء أهميته من قربه من الممر الدولي بمسافة ستة كيلومترات.