فشل فصل الصيف وعودة المغتربين لقضاء العطلة في إنعاش سوق العقارات بالجزائر، الذي يسيطر الركود عليه، بسبب ارتفاع الأسعار، الذي أضحى يفوق القدرات الشرائية لكثير من الأسر، بينما تشهد البلاد قيوداً من قبل المصارف في منح القروض العقارية.
ويرى مستثمرون عقاريون أن ما وصفوه بـ"شح المغتربين" خيّب آمالهم في إنعاش سوق العقارات، حيث كانوا يراهنون على عودتهم إلى الجزائر لتحريك المبيعات التي تشهد تراجعاً متواصلاً منذ سنوات عدة.
يقول كريم جملاوي، رئيس جمعية المرقيين (المستثمرين) العقاريين إن "المبيعات لم تتحرك في هذا الصيف، رغم عودة المغتربين، الذين اعتادوا الاستثمار في العقارات".
ويضيف جملاوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن العرض متوفر في بعض أصناف المساكن، غير أن الطلب ما يزال ضعيفاً منذ أشهر، وهو ما يشير إلى تريث المشترين، أملاً في تراجع الأسعار، خاصة في المدن الكبرى.
ويقول مواطنون إن إيجاد شقة في المحافظات الكبرى دون 11 مليون دينار (100 ألف دولار) أضحى مستحيلاً، في حين يبلغ متوسط سعر الفيلات نحو 25 مليون دينار (220 ألف دولار)، وذلك في وقت لا يتعدى فيه الأجر في البلاد 18 ألف دينار (168 دولاراً) شهرياً.
وبحسب محفوظ عريبي، مستثمر عقاري، فإن "المغتربين تضرروا أيضاً من ارتفاع الأسعار، وباتوا يفضلون استثمار أموالهم في عقارات في إسبانيا والبرتغال وفرنسا عوض شراء عقارات في الجزائر بأسعار مرتفعة تفوق قيمتها السوقية".
وكانت الحكومة الجزائرية قد أطلقت مطلع العام الجاري مشاريع سكنية ذات شقق مجهزة، موجهة للجزائريين المقيمين بالخارج، قصد جلب الأموال الصعبة للخزينة العمومية.
كان وزير السكن والعمران والمدينة الجزائري، عبد الوحيد طمار، قد أعلن في وقت سابق من أغسطس/ آب الجاري أنه سيعقد سلسلة من اللقاءات في سبتمبر/ أيلول المقبل مع الجالية المقيمة في كل من أميركا الشمالية وكندا بهدف تعريفها بشروط الاستفادة من المشروعات السكنية.
وكشف الوزير عن اعتزام الحكومة توزيع 138 ألف وحدة سكنية من مختلف الفئات، خلال الثلاثة أشهر الأخيرة من العام الجاري، في مختلف الولايات، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية، مساء السبت الماضي، مشيراً إلى أنه سيتم، خلال الشهر الجاري، توزيع 32 ألف وحدة.
وأضاف أنه على الرغم من الإنجازات المحققة في مجال السكن، إلا أنه تم تسجيل العديد من المشاريع المتوقفة أو المتأخرة، الأمر الذي دفع الوزارة إلى اتخاذ إجراءات ردعية ضد شركات المقاولات المشرفة عليها واستبدالها بأخرى قادرة على مواصلة الأشغال في ظروف أفضل.
ولم تقتصر الشكوى من الأسعار على بيع الوحدات، وإنما أيضاً التأجير، لا سيما في المدن الساحلية، وسط شكوى من عدم تناسب الأسعار مع مستويات تجهيز الشقق، التي أضحت تقترب من أسعار الفنادق في دول مجاورة، ما يقوض مساعي الحكومة الجزائرية لإنعاش السياحة الداخلية، بحسب مواطنين.
وليد حيدر، وهو أحد الجزائريين العاملين في فرنسا، والذي يقضي عطلته في الجزائر، قال لـ "العربي الجديد" إنه استأجر شقة من غرفتين بـ 13 ألف دينار (105 دولارات) لليلة الواحدة، وهو سعر يراه مبالغاً فيه، إلا أنه مضطر إلى ذلك في ظل غياب البديل من فنادق ومركبات سياحية.
وقال وليد، الذي التقته "العربي الجديد" داخل إحدى الوكالات العقارية، إنه قد يجد نفس هذه الأسعار أو أقل منها بكثير في شقق فاخرة في تونس أو إسبانيا وإيطاليا.
وبحسب عبد الحكيم عويدات، رئيس الفيدرالية الجزائرية للوكالات العقارية، فإن "أسعار الإيجارات في فصل الصيف تخضع إلى قانون العرض والطلب"، لكن هناك نقطة أخرى تتعلق بسلوك الجزائريين الذين يتركون حجز الشقق حتى وقت قريب من بداية عطلهم، وبالتالي لا يتمكنون من المفاضلة، سواء في ما يتعلق بالسعر أو التجهيزات التي تحتوي عليها الشقق المعروضة.
وأضاف عويدات لـ"العربي الجديد"، أن "السماسرة يؤثرون على الأسعار، فهم لا يحترمون نسبة الربح التي حددها المُشرع الجزائري بـ 10%، فهم يضاربون ويخضعون عمليات الإيجار في فصل الصيف إلى نظام من يدفع أكثر".