تبدأ تونس، هذا الأسبوع، في تطبيق قرار جزئي للسماوات المفتوحة بعد توقيع اتفاق مع الاتحاد الأوروبي في مجال النقل الجوي يقضي بفتح المطارات الداخلية التونسية أمام حركة الملاحة الجوية، في مسعى لدعم السياحة وخفض كلفة تنقل الوافدين في إطار نشاط شركات الطيران ذات الكلفة المنخفضة.
واستثنت الاتفاقية التي ظلت محل تفاوض لأكثر من عقد من الزمن، مطار تونس قرطاج الدولي (الأكبر في البلاد)، الذي سيظل خارج الاتفاقية لمدة خمس سنوات أخرى.
وحسب بيانات رسمية لوزارة النقل من المنتظر أن تمكن الاتفاقية الموقعة أول من أمس، من زيادة عدد المسافرين عبر مطارات تونس باستثناء مطار قرطاج الدولي، في غضون السنوات العشر المقبلة من 8.5 ملايين مسافر إلى 20 مليون مسافر، إلى جانب مساهمتها في تحسين المنظومة الجوية التونسية وملاءمتها مع المواصفات الأوروبية.
وتشكل حركة الملاحة الجوية على المطارات الداخلية بحسب مهنيي السياحة، نقطة ضعف كبيرة بسبب ضعف مساهمتها في استقطاب الرحلات السياحية ذات الكلفة المنخفضة في الوقت الذي كان بإمكانها لعب دور كبير في تنشيط حركة السياحة في مجمل المحافظات، لا سيما أن الخارطة التونسية تضم 8 مطارات مدنية.
ويقول ظافر لطيف، عضو جامعة وكالات الأسفار (اتحاد تنضوي تحته شركات السياحة)، إن حركة الملاحة الجوية في تونس تنحصر في ثلاثة موانئ جوية هي: مطار تونس قرطاج الدولي، والنفيضة في الساحل، وجربة في الجنوب الشرقي، فيما تكتفي مطارات أخرى ببعض الرحلات الموسمية أو سفر الحُجاج، مشيراً إلى أن البلدان المنافسة لتونس في القطاع السياحي استفادت كثيراً من اتفاق فتح السماوات.
وأضاف لطيف في حديث لـ"العربي الجديد" أن العاملين في السياحة انتظروا طويلاً هذا الاتفاق الذي سيحسن من شروط التفاوض مع كبار متعهدي الرحلات الأوروبيين، فضلاً عن ضمان تدفق السياح على مدار السنة ونحو كل المحافظات السياحية.
وشدد عضو جامعة وكالات الأسفار على ضرورة أن يكون توقيع اتفاق فتح السماوات متزامنا مع برنامج متكامل لتحسين العروض السياحية، لا سيما أن الرحلات ذات الكلفة المنخفضة ستكون موجهة أساساً لداخل البلاد، معتبراً أن العروض السياحية التي تعرضها تونس تبقى محدودة مقارنة بدول الجوار والأسواق المنافسة.
ولفت لطيف، إلى أن المخاوف من فشل تونس من خوض غمار المنافسة مع شركات الطيران الأوروبية لا مبرر له، مؤكداً أن هذا الاتفاق سيدفع شركات الطيران المحلية نحو دعم إمكانياتها وتحسين خدماتها، فضلاً عما سيجنيه الاقتصاد التونسي من عائدات مهمة ستأتي من القطاع السياحي والنقل الجوي، وأضاف أن البلدان المنافسة لتونس تعتمد هذا الإجراء منذ مدة طويلة.
ولم يخف المتحدث أهمية الإسراع في إدراج مطار تونس قرطاج ضمن الاتفاق، مؤكداً أن هذا المطار يستأثر بنحو 70% من حركة الملاحة الجوية، داعياً إلى الإسراع في تأهيل شركة الخطوط التونسية لضمان التحاقها بركب المنافسة.
ومنذ عام 2007، دخلت تونس في مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي حول فتح السماوات، غير أن هذا القرار تأجل لسنوات عدة حماية للقدرة التنافسية لشركة الخطوط الجوية التونسية، التي لم تكتسب بعد الصلابة الكافية التي تمكنها من الدخول في منافسة مع شركات طيران جوية تعتمد سياسة السعر الأدنى.
وتركز السلطات التونسية جهودها على إعادة إحياء القطاع السياحي كأحد روافد جلب العملة الصعبة، حيث تستهدف وزارة السياحة إنهاء العام الحالي ببلوغ 6.5 ملايين سائحاً، بزيادة 30% عن الأرقام المسجلة في العام الماضي، مع العمل على رفع هذا الرقم إلى حدود 10 ملايين وافد سنوياً بحلول عام 2020.
وقال المدير التنفيذي لشركة الخطوط التونسية (الحكومية) جمال الشريقي، لـ "العربي الجديد"، إن استثناء مطار تونس قرطاج الدولي من اتفاق السماوات المفتوحة سيمكن الناقلة الجوية الحكومية من الاستعداد إلى المرحلة القادمة للفتح الكلي للسماوات وتأهيل الشركة بما يتيح لها الدخول في مناخ تنافسي مريح.
وتشير بيانات الخطوط التونسية، التي تستحوذ على 42% من سوق الطيران في تونس، إلى تسجيلها إيرادات بنحو 918.69 مليون دينار (382.5 مليون دولار) خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، بزيادة بلغت نسبتها 22% عن نفس الفترة من العام الماضي.
وأظهرت بيانات رسمية نمو إيرادات قطاع السياحة بتونس 20% في الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، ليواصل القطاع تعافيه بعد عامين من هجومين استهدفا سياحاً أجانب.
وأظهرت أرقام نشرها البنك المركزي، أن إيرادات السياحة زادت إلى أكثر من ملياري دينار حتى 26 سبتمبر/أيلول، مقارنة بنحو 1.74 مليار دينار في الفترة نفسها من العام الماضي. وزاد عدد السياح بنسبة 23% إلى 5.147 ملايين سائح.