شرعت حكومة تونس في ضبط الخطوط العريضة لإنجاز استراتيجية وطنية للاندماج الاجتماعي ومقاومة الفقر.
ويطمح البرنامج إلى وضع استراتيجية وطنية لمكافحة الفقر متعددة الأبعاد ومأسسة برامج التدخلات الاجتماعية، والحث على الحكم المحلي والحد من نسبة الفقر، لا سيما في المناطق ذات الأولوية واستحداث برامج وآليات اجتماعية جديدة للحد من هذه الظاهرة.
ويمثل انزلاق طبقات بأكملها نحو دائرة الفقر من أبرز التحديات التي واجهت حكومات تونس منذ ثورة 2011 في ظل عجزها عن كبح الأسعار وتدهور المقدرة الشرائية للمواطنين، فضلاً عن غياب حلول لتقليص نسب البطالة وانحسار الاستثمارات الخالقة لفرص العمل.
وفي يناير/ كانون الثاني الماضي أظهرت دراسة أعدها معهد الإحصاء الحكومي أن نسبة الفقر تراجعت 5% في الفترة الممتدة بين سنة 2010 و2015 من 20% إلى 15%، كما انخفض الفقر المدقع من 6% إلى 2.9%.
وكشفت ذات الدراسة تراجع نسب الفقر في الوسط الغربي من 42.3% إلى 30.8%، وفي تونس الكبرى (التي تضم أربع ولايات وهي تونس ومنوبة وبن عروس وإريانة) من 11.1% إلى 5.3%.
وأبرزت المؤشرات نفسها التفاوت الملحوظ على مستوى نسب الفقر بين الولايات (المحافظات) سنة 2015؛ إذ بلغت 3.5% في العاصمة التونسية، وقُدرت بما لا يقل عن 34.9% في القيروان في الوسط الغربي للبلاد.
ويحمل خبراء الاقتصاد سياسات التنمية التي اعتمدتها البلاد منذ الاستقلال المسؤولية الكبرى في توسع نسبة الفقر، معتبرين أن هذا المنوال كرس سياسة التفرقة الاقتصادية بين محافظات البلاد مما أدى إلى اختلال التوازن بين غربي البلاد وشرقها.
ويطالب خبراء الاقتصاد ضمن الاستراتيجية الجديدة للوزارة بضبط آليات تنمية عادلة قادرة على توجيه استثمارات كبرى نحو المناطق ذات الأولوية، إلى جانب إيجاد خطوط تمويل صغرى تساعد على التمكين الاقتصادي لسكان المناطق الداخلية الأكثر فقراً.
ويقول الخبير الاقتصادي محسن حسن إن المنوال التنموي الذي اعتمدته بلادنا منذ الاستقلال أدى إلى تقلص دور الدولة في مجال الإحاطة الاجتماعية، خاصة لذوي الدخل الضعيف بانتهاجها مسلكاً اقتصادياً تحررياً منذ سنة 1986 لم يراع التوازن في الفرص بين المحافظات، انتهى إلى تركيز نحو 90% من الأنشطة الاقتصادية في المحافظات الشرقية والساحلية للبلاد.
ويرى حسن أن دور الدولة الاجتماعي يجب أن يتجاوز التحويلات الاجتماعية وسياسة الدعم المتوجهة للطبقات الضعيفة، إلى مرحلة تهيئة الأرضية الاستثمارية لخلق الثروة ورفع نسب النمو وتحسين الأجور. ولفت إلى أن ارتفاع نسب التضخم أدى إلى تقهقر طبقات بأسرها نتيجة تآكل الأجور أمام التضخم وغلاء المعيشة.
ويبرز الخبير الاقتصادي في تصريح لـ "العربي الجديد" أن اجتماع مختلف هذه الأسباب سيؤدي إلى تقلص الطبقة الوسطى وتغيير التركيبة الاجتماعية في البلاد التي بدت ملامحها تتجسد في السنوات الأخيرة.
ويدعو محسن حسن إلى إيجاد حلول هيكلية لرسم سياسات تنموية واقتصادية من شأنها الحد من ظاهرة الفقر وإعادة قراءة الأرقام ومؤشرات احتساب هذه النسب وفق طرق علمية تواكب المتغيرات الاقتصادية المتسارعة في البلاد.
وتوقعت وزارة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي في إحصائيات نشرتها على موقعها الرسمي، أن يبلغ الدخل السنوي للفرد في تونس 9280 ديناراً خلال سنة 2017 أي ما يعادل 3866 دولاراً.
وحسب الإحصاءات الرسمية، زاد متوسط دخل الفرد في تونس خلال السنوات الخمس الأخيرة ولا سيما بعد الثورة، من 4 آلاف و163 دولاراً عام 2009، إلى 4 آلاف و176 دولاراً عام 2010، و4 آلاف و305 دولارات عام 2011، إلا أنه تراجع إلى 4 آلاف و197 دولاراً عام 2012، ثم عاد ليرتفع إلى 4 آلاف و329 دولاراً عام 2013.
ويعتبر خبير الأمم المتحدة المعني بآثار الدين على حقوق الإنسان خوان بابلو بوهوسلافسكي، أنه من الضروري توافر معايير حقوق الإنسان الملزمة لتونس ما يمثل إطاراً لتقييم أي مقترحات إصلاحية، معتبراً أنّ تدابير التقشف التي من شأنها أن تقلل من التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقاً للقانون الدولي تدابيرَ مبررة إذا كان لا مفر منها وكانت ضرورية ومتناسبة.
وفي سياق آخر، يؤكد بوهوسلافسكي أن مفهوم النمو الشامل كان غائباً في برامج التكيف الهيكلي الماضية لصندوق النقد الدولي التي نفذت خلال فترة حكم زين العابدين بن علي لتونس.
ويتابع أنّ كان الافتراضُ السائد أن النمو الاقتصادي وحده من شأنه أن يحسن مستويات المعيشة، معتبراً أنّ المشكلة تكمن في أن هذه الإصلاحات لم تحسن مستويات المعيشة لجميع الناس في تونس.
ويدعو الخبير الأممي إلى تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية على أساس جدول زمني أكثر واقعية وإعطاء الأولوية لتوفير فرص عمل للنساء وطالبي الشغل من الشباب والأشخاص ذوي الإعاقة، في المناطق الأكثر حرماناً. ويرحب بالبرامج الجديدة التي اتخذتها تونس من ذلك عقد الكرامة إلى جانب وضع استراتيجية وطنية لمكافحة الفقر على أساس بيانات مفصلة عن الفقر، والحماية الاجتماعية للمرأة الريفية.
اقــرأ أيضاً
ويطمح البرنامج إلى وضع استراتيجية وطنية لمكافحة الفقر متعددة الأبعاد ومأسسة برامج التدخلات الاجتماعية، والحث على الحكم المحلي والحد من نسبة الفقر، لا سيما في المناطق ذات الأولوية واستحداث برامج وآليات اجتماعية جديدة للحد من هذه الظاهرة.
ويمثل انزلاق طبقات بأكملها نحو دائرة الفقر من أبرز التحديات التي واجهت حكومات تونس منذ ثورة 2011 في ظل عجزها عن كبح الأسعار وتدهور المقدرة الشرائية للمواطنين، فضلاً عن غياب حلول لتقليص نسب البطالة وانحسار الاستثمارات الخالقة لفرص العمل.
وفي يناير/ كانون الثاني الماضي أظهرت دراسة أعدها معهد الإحصاء الحكومي أن نسبة الفقر تراجعت 5% في الفترة الممتدة بين سنة 2010 و2015 من 20% إلى 15%، كما انخفض الفقر المدقع من 6% إلى 2.9%.
وكشفت ذات الدراسة تراجع نسب الفقر في الوسط الغربي من 42.3% إلى 30.8%، وفي تونس الكبرى (التي تضم أربع ولايات وهي تونس ومنوبة وبن عروس وإريانة) من 11.1% إلى 5.3%.
وأبرزت المؤشرات نفسها التفاوت الملحوظ على مستوى نسب الفقر بين الولايات (المحافظات) سنة 2015؛ إذ بلغت 3.5% في العاصمة التونسية، وقُدرت بما لا يقل عن 34.9% في القيروان في الوسط الغربي للبلاد.
ويحمل خبراء الاقتصاد سياسات التنمية التي اعتمدتها البلاد منذ الاستقلال المسؤولية الكبرى في توسع نسبة الفقر، معتبرين أن هذا المنوال كرس سياسة التفرقة الاقتصادية بين محافظات البلاد مما أدى إلى اختلال التوازن بين غربي البلاد وشرقها.
ويطالب خبراء الاقتصاد ضمن الاستراتيجية الجديدة للوزارة بضبط آليات تنمية عادلة قادرة على توجيه استثمارات كبرى نحو المناطق ذات الأولوية، إلى جانب إيجاد خطوط تمويل صغرى تساعد على التمكين الاقتصادي لسكان المناطق الداخلية الأكثر فقراً.
ويقول الخبير الاقتصادي محسن حسن إن المنوال التنموي الذي اعتمدته بلادنا منذ الاستقلال أدى إلى تقلص دور الدولة في مجال الإحاطة الاجتماعية، خاصة لذوي الدخل الضعيف بانتهاجها مسلكاً اقتصادياً تحررياً منذ سنة 1986 لم يراع التوازن في الفرص بين المحافظات، انتهى إلى تركيز نحو 90% من الأنشطة الاقتصادية في المحافظات الشرقية والساحلية للبلاد.
ويرى حسن أن دور الدولة الاجتماعي يجب أن يتجاوز التحويلات الاجتماعية وسياسة الدعم المتوجهة للطبقات الضعيفة، إلى مرحلة تهيئة الأرضية الاستثمارية لخلق الثروة ورفع نسب النمو وتحسين الأجور. ولفت إلى أن ارتفاع نسب التضخم أدى إلى تقهقر طبقات بأسرها نتيجة تآكل الأجور أمام التضخم وغلاء المعيشة.
ويبرز الخبير الاقتصادي في تصريح لـ "العربي الجديد" أن اجتماع مختلف هذه الأسباب سيؤدي إلى تقلص الطبقة الوسطى وتغيير التركيبة الاجتماعية في البلاد التي بدت ملامحها تتجسد في السنوات الأخيرة.
ويدعو محسن حسن إلى إيجاد حلول هيكلية لرسم سياسات تنموية واقتصادية من شأنها الحد من ظاهرة الفقر وإعادة قراءة الأرقام ومؤشرات احتساب هذه النسب وفق طرق علمية تواكب المتغيرات الاقتصادية المتسارعة في البلاد.
وتوقعت وزارة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي في إحصائيات نشرتها على موقعها الرسمي، أن يبلغ الدخل السنوي للفرد في تونس 9280 ديناراً خلال سنة 2017 أي ما يعادل 3866 دولاراً.
وحسب الإحصاءات الرسمية، زاد متوسط دخل الفرد في تونس خلال السنوات الخمس الأخيرة ولا سيما بعد الثورة، من 4 آلاف و163 دولاراً عام 2009، إلى 4 آلاف و176 دولاراً عام 2010، و4 آلاف و305 دولارات عام 2011، إلا أنه تراجع إلى 4 آلاف و197 دولاراً عام 2012، ثم عاد ليرتفع إلى 4 آلاف و329 دولاراً عام 2013.
ويعتبر خبير الأمم المتحدة المعني بآثار الدين على حقوق الإنسان خوان بابلو بوهوسلافسكي، أنه من الضروري توافر معايير حقوق الإنسان الملزمة لتونس ما يمثل إطاراً لتقييم أي مقترحات إصلاحية، معتبراً أنّ تدابير التقشف التي من شأنها أن تقلل من التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقاً للقانون الدولي تدابيرَ مبررة إذا كان لا مفر منها وكانت ضرورية ومتناسبة.
وفي سياق آخر، يؤكد بوهوسلافسكي أن مفهوم النمو الشامل كان غائباً في برامج التكيف الهيكلي الماضية لصندوق النقد الدولي التي نفذت خلال فترة حكم زين العابدين بن علي لتونس.
ويتابع أنّ كان الافتراضُ السائد أن النمو الاقتصادي وحده من شأنه أن يحسن مستويات المعيشة، معتبراً أنّ المشكلة تكمن في أن هذه الإصلاحات لم تحسن مستويات المعيشة لجميع الناس في تونس.
ويدعو الخبير الأممي إلى تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية على أساس جدول زمني أكثر واقعية وإعطاء الأولوية لتوفير فرص عمل للنساء وطالبي الشغل من الشباب والأشخاص ذوي الإعاقة، في المناطق الأكثر حرماناً. ويرحب بالبرامج الجديدة التي اتخذتها تونس من ذلك عقد الكرامة إلى جانب وضع استراتيجية وطنية لمكافحة الفقر على أساس بيانات مفصلة عن الفقر، والحماية الاجتماعية للمرأة الريفية.