حصل السيسي على دعم مالي واقتصادي محلي ودولي لم يتوفر لكل رؤساء مصر السابقين، إضافة بالطبع للدعم السياسي الكبير، بل حصل على دعم مالي واستثماري إقليمي لم يتح حتى للقائمين على تنفيذ مشروع مارشال الاقتصادي الشهير لإعادة تعمير أوروبا الذي بدأ بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في 1945 بتكلفة 13 مليار دولار.
فقد تلقى السيسي دعما خليجياً تجاوز 60 مليار دولار، ما بين منح ومساعدات نقدية ونفطية ومشتقات بترولية وودائع وقروض مساندة واستثمارات، وإذا ما أضفنا لهذا الرقم الدعم السعودي الأخير البالغة قيمته 25 مليار دولار، إضافة لملياري دولار جاري تحويلهما من الإمارات، فإن الرقم يرتفع لأكثر من 85 مليار دولار.
وربما يصل رقم الدعم الخليجي للسيسي لأكثر من ذلك إذا ما تحدثنا عن الاستثمارات التي قيل إن الدول الخليجية الثلاث (السعودية والإمارات والكويت) ضختها في شرايين الاقتصاد المصري على مدى السنوات الثلاثة الأخيرة، أو وعدت هذه الدول بضخها سواء في مؤتمر شرم الشيخ المنعقد في مارس/ آذار 2015، أو خلال الزيارات التي قام بها حكام السعودية والإمارات والكويت للقاهرة في فترات مختلفة.
وتلقى السيسي أيضا دعما ماليا قوياً من كبار رجال الأعمال ورموز الثورة المضادة، إضافة لدعم المؤسسة العسكرية التي خصصت مشروعاتها الاقتصادية لمساندته وتحسين صورته، خاصة على مستوى توفير السلع الضرورية للمواطن وتنفيذ مشروعات البنية التحتية من طرق وكهرباء.
وخارجيا تلقى السيسي دعماً مالياُ من المؤسسات المالية الدولية، وفي مقدمتها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والبنك الأفريقي للتنمية والبنك الإسلامي للتنمية وغيرها.
ورغم كل هذا الدعم المالي الضخم المقدم لنظام السيسي، إلا أن الاقتصاد المصري شهد انتكاسات قوية خلال فترة حكمه التي استمرت فعليا 3 سنوات إذا ما تعاملنا على أنه هو رئيس البلاد الفعلي منذ 3 يوليو/ تموز 2013، أو حتى إذا ما أكتفينا بفترة العامين الماضيين.
فعلى مستوى المشروعات القومية الكبرى، أخفق السيسي في تنفيذ الوعود المتعلقة بها، خذ مثلاً مشاريع إقامة مليون وحدة سكنية للشباب والفقراء بتكلفة 280 مليار جنيه وبما يعادل 40 مليار دولار، وتشييد ألف مصنع، وإقامة العاصمة الإدارية الجديدة التي قيل إن تكلفتها الاجمالية 90 مليار دولار منها 45 مليار دولار للمرحلة الأولى، وجذب استثمارات أجنبية مباشرة تقدّر بنحو 62 مليار دولار تم الإعلان عنها في مؤتمر شرم الشيخ كما صرح إبراهيم محلب رئيس الوزراء في ذلك الوقت.
حتى المشروع الوحيد الذي تم تنفيذه في عهد السيسي، وهو مشروع تفريعة قناة السويس، فإن الأرقام تشير إلى تراجع إيرادات القناة منذ افتتاح التفريعة في أغسطس/ آب 2015، بل ولجوء القناة لاقتراض نحو 1.8 مليار دولار من البنوك لسداد ديون وأعباء مستحقة عليها.
وعلى مستوى معيشة المصريين، فإن هناك قفزات غير مسبوقة في الأسعار وتراجعا حادا في قيمة الجنيه المصري بلغ نحو 25% في السوق الرسمية الممثلة في البنوك وأكثر من 50% في السوق السوداء غير المعترف بها، ورغم قرار حكومات السيسي المتعاقبة خفض الدعم المقدم لسلع أساسية، منها المشتقات البترولية والكهرباء والمياه والإسكان الاجتماعي، إلا أن عجز الموازنة تجاوز مستويات قياسية حيث تجاوز 300 مليار جنيه.
وعلى مستوى مؤشرات الاقتصاد الكلي، فإن الدين المحلي تجاوزت قيمته 2.6 تريليون جنيه ما يعادل 293 مليار دولار، واقترب الدين الخارجي من حاجز 50 مليار دولار دون إضافة القروض الروسية والسعودية والإماراتية والصينية الأخيرة، وزادت معدلات التضخم والفقر والفساد.
وعلى مستوى إيرادات البلاد من النقد الأجنبي فقد تراجعت كلها بلا استثناء، ونظرة لأرقام السياحة والصادرات والاستثمارات الأجنبية وقناة السويس وتحويلات المصريين العاملين بالخارج تؤكد ذلك.
السؤال المطروح هنا هو: هل يشهد الاقتصاد المصري مزيداً من التراجع خلال العامين القادمين، أم سيتم البحث عن علاج حقيقي للأزمات القائمة دون إطلاق مزيد من الوعود البراقة؟ فليس بالكلام المعسول والشعارات البراقة يحيا المصريون وتمتلأ جيوبهم الخاوية.