واصلت جماعة "أنصار الله" (الحوثيون) في اليمن توجيه ضربات موجعة لحقول ومنشآت النفط السعودي، كان آخرها الهجوم على حقل الشيبة الضخم بعشر طائرات مسيّرة، مطلع الأسبوع الجاري، ما أحدث أضراراً كبيرة به.
ورغم أن رد فعل الأسواق كان سريعاً عبر ارتفاع أسعار النفط الخام في أولى جلسات الأسبوع، أمس الإثنين، بعد الهجوم الحوثي، إلا أن اللافت للانتباه أن ذلك لم يكن السبب الوحيد في صعود النفط، إذ إن مؤشرات تراجع التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، ساهمت في الارتفاع.
وحسب مراقبين، فإن استقرار أسعار الخام طوال الأشهر الأخيرة، رغم قلق الإمدادات والتوترات في الخليج وضربات الحوثيين المتكررة للنفط السعودي، يعكس مدى تراجع أهمية المنطقة ونفطها بالنسبة لأسواق العالم.
ويدور سعر برميل برنت حول 60 دولاراً، في حين كانت توقعات تشير إلى ارتفاعه إلى ما بين 70 و80 دولارا هذا العام.
وقال إدوارد مويا، كبير محللي الأسواق في أواندا، بنيويورك: "يستفيد النفط من التفاؤل العام المتمثل في أننا لن نشهد سيناريو الحرب التجارية الرهيبة، وبعدما نبّه هجوم بطائرة مسيرة على منشآت للنفط والغاز في السعودية الأسواق بأن التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط لن تنتهي قريبا".
اقــرأ أيضاً
وارتفع خام برنت 64 سنتا أو نحو 1.1 في المائة إلى 59.28 دولارا للبرميل، في التعاملات المبكرة، أمس، كما زاد خام القياس الأميركي نحو واحد في المائة.
من ناحية أخرى، قال لاري كودلو، المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض، إن ممثلي الشؤون التجارية في الولايات المتحدة والصين سيُجرون محادثات في غضون عشرة أيام، وإنه "إذا نجحت هذه الاجتماعات، نعتزم دعوة ممثلي الصين إلى الحضور للولايات المتحدة" لدعم إحراز تقدم في المفاوضات من أجل إنهاء الحرب التجارية التي باتت تشكل خطرا محتملا على النمو الاقتصادي العالمي.
أمن الطاقة العالمي
تأتي الضربات المتلاحقة للحوثيين الموجهة نحو النفط السعودي في الوقت الذي تعاني فيه منطقة الخليج من تصاعد حدة التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، وتأثير هذا الصراع على الصادرات وعوائد دول الخليج النفطية.
وأعقب الهجوم الحوثي على حقل الشيبة تصريح لافت لوزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، الذي قال، أول من أمس، إن الهجوم على حقل الشيبة السعودي يسعى إلى تعطيل إمدادات النفط العالمية، وإن هذا الاستهداف لمنشآت حيوية لا يقتصر على المملكة فحسب، وإنما يستهدف أمن إمدادات الطاقة إلى العالم، وذلك في إشارة إلى خطورة هذه الهجمات على النفط السعودي وأسواق النفط عالميا، خاصة أن حقل الشيبة المستهدف أخيراً، الذي يضم 145 بئراً نفطية هو ثاني أكبر الحقول السعودية إنتاجاً (بعد حقل الغوار في الإحساء) بطاقة تبلغ مليون برميل يومياً، ويمثل نحو 10% من إنتاج المملكة في الوقت الحالي، وفقاً للموقع الرسمي لشركة أرامكو.
اقــرأ أيضاً
وحسب بيانات منظمة أوبك، فإن إنتاج السعودية النفطي يبلغ حالياً نحو 9.78 ملايين برميل يوميا، وذلك التزاماً من المملكة بحصتها من تخفيض الإنتاج المتفق عليه بين منظمة أوبك والمستقلين، إذ تبقي الرياض بذلك إنتاجها النفطي دون المستوى المستهدف للإنتاج البالغ نحو 10.3 ملايين برميل يوميا، بموجب هذا الاتفاق.
تراجع الإنتاج
يقول المدير العام للمركز الدولي للاستشارات الاقتصادية في الكويت، مروان سلامة، لـ"العربي الجديد"، إن الضربات الأخيرة على مصادر النفط في السعودية أثرت على إنتاج المملكة، إذ تشير بعض الإحصائيات والتقارير إلى أن تراجعه خلال يونيو/حزيران الماضي بمقدار 11 ألف برميل يومياً، ناتج عن تأثر حقول النفط في المملكة بالضربات الحوثية الأخيرة، خلال شهر مايو/أيار الماضي.
ويضيف سلامة أن تصريحات وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، تنذر بمدى خطورة الأوضاع حالياً في المنطقة، حيث تعاني الإمدادات النفطية من التوترات في الخليج بين إيران والولايات المتحدة، بالإضافة إلى الضربات الحوثية لحقول النفط السعودية، المنتِج الأكبر في المنطقة، لذلك فإن استمرار هذه الهجمات قد يؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار النفط، وهو أمر ستتضرر منه دول كثيرة مستوردة للنفط.
ويشير إلى أن الهجمات الأخيرة تأتي في وقت يتحدث فيه العالم عن أزمة مالية جديدة وركود عالمي وشيك، حيث سيؤدي عدم ضبط سوق النفط وحماية المنشآت الحيوية النفطية، إلى ضرر كبير للاقتصاد العالمي.
ضربات متلاحقة
ومنذ شهر مايو/أيار الماضي، تعيش منطقة الخليج حالة توتر شديدة، حيث أدت التوترات بين إيران وأميركا إلى حوادث لناقلات نفطية تم تخريبها، وتم توجيه الاتهامات وقتها إلى إيران في هذه الهجمات، فيما شهدت محطات ضخ النفط في منطقة الرياض عدة هجمات من طائرات مسيّرة من قبل الحوثيين، أدت إلى حدوث أضرار بهذه المحطات النفطية.
وكان وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، أعلن، يوم 4 مايو الماضي، أن هجوماً بواسطة طائرات "درون" مفخخة استهدف محطتين تضخان النفط عبر خط أنابيب من حقول النفط في المنطقة الشرقية إلى ميناء ينبع على الساحل الغربي.
اقــرأ أيضاً
وفي نهاية شهر يوليو/تموز الماضي، أكدت الرياض تعليق جميع شحنات النفط التي تمر عبر مضيق باب المندب، بعد هجوم جماعة الحوثي على ناقلتَي نفط كبيرتين، قبل أن تستأنف تسيير سفنها مرة أخرى بعد أيام من الحادث. وكان آخر الهجمات على منشآت السعودية النفطية في حقل الشيبة، السبت الماضي، عبر طائرة مسيرة حوثية.
ويرى الخبير النفطي الكويتي خالد الشطي، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن أسعار النفط في ظل هذه الهجمات المستمرة التي تستهدف المنشآت الحيوية النفطية، معرّضة للارتفاع، خاصة أن منطقة الخليج، وفي مقدمتها السعودية، تتحكم في نسبة جيدة من صادرات النفط إلى العالم، وبالتالي فإن تعرّض هذه الإمدادات إلى تهديد أو توقفها سيحدث نقصا شديدا في سوق النفط العالمي، ما سيؤدي إلى ارتفاع الطلب وقلة المعروض وارتفاع الأسعار بشكل قد يخرج عن السيطرة.
ويضيف الشطي: "من الواضح أن الهجمات الحوثية على المنشآت النفطية السعودية تسبب أضراراً كبيرة للمملكة، لذلك يجب تأمين هذه المنشآت وتدخّل الدول الكبيرة لإيقاف هذا التخريب، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، حتى لا تتضرر مصالح الدول الكبرى نتيجة تعثر الإمدادات إليها".
ويوضح أن استمرار الهجمات على الإمدادات في منطقة الخليج، سيؤدي إلى تضرر المستهلكين والمشترين للنفط الخليجي، إذ أدت ضربات الناقلات في منطقة خليج عمان إلى ارتفاع كلفة الشحن نتيجة ارتفاع كلفة تأمين الناقلات، فيما ستؤدي الضربات على الحقول السعودية إلى ارتفاع أسعار النفط نتيجة المخاوف من نقص الإمدادات نتيجة هذه الهجمات.
وحسب تقارير إخبارية لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، فإن تصعيد الحوثيين حربهم مع السعودية بضرب المنشآت النفطية، يعد انتقالا إلى مرحلة جديدة من الصراع مع السعودية، مرحلة ستكون الحرب الاقتصادية وضرب المنشآت الاقتصادية السعودية عنوانها الأبرز، مشيرة إلى أن السعودية تضيف كل يوم لائحة جديدة من الخصوم والأزمات.
جميع الخطوط مستهدفة
يؤكد الأكاديمي الكويتي والخبير النفطي طلال العوضي، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن الهجمات المستمرة للحوثيين على المنشآت النفطية في العمق السعودي تنذر بأنه لا توجد خطوط آمنة لنقل النفط بعيدا عن مضيق هرمز، حيث ستكون الخطوط البديلة لنقل النفط بعيداً عن المضيق معرّضة للتهديدات الحوثية وطائراتهم المسيرة أيضا، والتي قد تأتي بما لا تشتهيه السفن الخليجية.
ويوضح العوضي أن الوضع الحالي أصبح لا يمكن تجاهله أو السكوت عليه، فجميع المعطيات تشير إلى أن الجانب الإيراني ينوي أن يهدّد جميع العواصم الخليجية، وبالتالي يضغط عليهم سعياً منه لتخفيف ضغوط الولايات المتحدة عليه، كون غالبية الدول الخليجية حليفة قوية لواشنطن، وبالتالي ستراعي مصالحهم وتخفف ضغطها على طهران لحمايتهم من هذه الهجمات المستمرة والمتصاعدة.
وحسب مراقبين، فإن استقرار أسعار الخام طوال الأشهر الأخيرة، رغم قلق الإمدادات والتوترات في الخليج وضربات الحوثيين المتكررة للنفط السعودي، يعكس مدى تراجع أهمية المنطقة ونفطها بالنسبة لأسواق العالم.
ويدور سعر برميل برنت حول 60 دولاراً، في حين كانت توقعات تشير إلى ارتفاعه إلى ما بين 70 و80 دولارا هذا العام.
وقال إدوارد مويا، كبير محللي الأسواق في أواندا، بنيويورك: "يستفيد النفط من التفاؤل العام المتمثل في أننا لن نشهد سيناريو الحرب التجارية الرهيبة، وبعدما نبّه هجوم بطائرة مسيرة على منشآت للنفط والغاز في السعودية الأسواق بأن التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط لن تنتهي قريبا".
وارتفع خام برنت 64 سنتا أو نحو 1.1 في المائة إلى 59.28 دولارا للبرميل، في التعاملات المبكرة، أمس، كما زاد خام القياس الأميركي نحو واحد في المائة.
أمن الطاقة العالمي
تأتي الضربات المتلاحقة للحوثيين الموجهة نحو النفط السعودي في الوقت الذي تعاني فيه منطقة الخليج من تصاعد حدة التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، وتأثير هذا الصراع على الصادرات وعوائد دول الخليج النفطية.
وأعقب الهجوم الحوثي على حقل الشيبة تصريح لافت لوزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، الذي قال، أول من أمس، إن الهجوم على حقل الشيبة السعودي يسعى إلى تعطيل إمدادات النفط العالمية، وإن هذا الاستهداف لمنشآت حيوية لا يقتصر على المملكة فحسب، وإنما يستهدف أمن إمدادات الطاقة إلى العالم، وذلك في إشارة إلى خطورة هذه الهجمات على النفط السعودي وأسواق النفط عالميا، خاصة أن حقل الشيبة المستهدف أخيراً، الذي يضم 145 بئراً نفطية هو ثاني أكبر الحقول السعودية إنتاجاً (بعد حقل الغوار في الإحساء) بطاقة تبلغ مليون برميل يومياً، ويمثل نحو 10% من إنتاج المملكة في الوقت الحالي، وفقاً للموقع الرسمي لشركة أرامكو.
وحسب بيانات منظمة أوبك، فإن إنتاج السعودية النفطي يبلغ حالياً نحو 9.78 ملايين برميل يوميا، وذلك التزاماً من المملكة بحصتها من تخفيض الإنتاج المتفق عليه بين منظمة أوبك والمستقلين، إذ تبقي الرياض بذلك إنتاجها النفطي دون المستوى المستهدف للإنتاج البالغ نحو 10.3 ملايين برميل يوميا، بموجب هذا الاتفاق.
تراجع الإنتاج
يقول المدير العام للمركز الدولي للاستشارات الاقتصادية في الكويت، مروان سلامة، لـ"العربي الجديد"، إن الضربات الأخيرة على مصادر النفط في السعودية أثرت على إنتاج المملكة، إذ تشير بعض الإحصائيات والتقارير إلى أن تراجعه خلال يونيو/حزيران الماضي بمقدار 11 ألف برميل يومياً، ناتج عن تأثر حقول النفط في المملكة بالضربات الحوثية الأخيرة، خلال شهر مايو/أيار الماضي.
ويضيف سلامة أن تصريحات وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، تنذر بمدى خطورة الأوضاع حالياً في المنطقة، حيث تعاني الإمدادات النفطية من التوترات في الخليج بين إيران والولايات المتحدة، بالإضافة إلى الضربات الحوثية لحقول النفط السعودية، المنتِج الأكبر في المنطقة، لذلك فإن استمرار هذه الهجمات قد يؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار النفط، وهو أمر ستتضرر منه دول كثيرة مستوردة للنفط.
ويشير إلى أن الهجمات الأخيرة تأتي في وقت يتحدث فيه العالم عن أزمة مالية جديدة وركود عالمي وشيك، حيث سيؤدي عدم ضبط سوق النفط وحماية المنشآت الحيوية النفطية، إلى ضرر كبير للاقتصاد العالمي.
ضربات متلاحقة
ومنذ شهر مايو/أيار الماضي، تعيش منطقة الخليج حالة توتر شديدة، حيث أدت التوترات بين إيران وأميركا إلى حوادث لناقلات نفطية تم تخريبها، وتم توجيه الاتهامات وقتها إلى إيران في هذه الهجمات، فيما شهدت محطات ضخ النفط في منطقة الرياض عدة هجمات من طائرات مسيّرة من قبل الحوثيين، أدت إلى حدوث أضرار بهذه المحطات النفطية.
وكان وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، أعلن، يوم 4 مايو الماضي، أن هجوماً بواسطة طائرات "درون" مفخخة استهدف محطتين تضخان النفط عبر خط أنابيب من حقول النفط في المنطقة الشرقية إلى ميناء ينبع على الساحل الغربي.
وفي نهاية شهر يوليو/تموز الماضي، أكدت الرياض تعليق جميع شحنات النفط التي تمر عبر مضيق باب المندب، بعد هجوم جماعة الحوثي على ناقلتَي نفط كبيرتين، قبل أن تستأنف تسيير سفنها مرة أخرى بعد أيام من الحادث. وكان آخر الهجمات على منشآت السعودية النفطية في حقل الشيبة، السبت الماضي، عبر طائرة مسيرة حوثية.
ويضيف الشطي: "من الواضح أن الهجمات الحوثية على المنشآت النفطية السعودية تسبب أضراراً كبيرة للمملكة، لذلك يجب تأمين هذه المنشآت وتدخّل الدول الكبيرة لإيقاف هذا التخريب، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، حتى لا تتضرر مصالح الدول الكبرى نتيجة تعثر الإمدادات إليها".
ويوضح أن استمرار الهجمات على الإمدادات في منطقة الخليج، سيؤدي إلى تضرر المستهلكين والمشترين للنفط الخليجي، إذ أدت ضربات الناقلات في منطقة خليج عمان إلى ارتفاع كلفة الشحن نتيجة ارتفاع كلفة تأمين الناقلات، فيما ستؤدي الضربات على الحقول السعودية إلى ارتفاع أسعار النفط نتيجة المخاوف من نقص الإمدادات نتيجة هذه الهجمات.
وحسب تقارير إخبارية لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، فإن تصعيد الحوثيين حربهم مع السعودية بضرب المنشآت النفطية، يعد انتقالا إلى مرحلة جديدة من الصراع مع السعودية، مرحلة ستكون الحرب الاقتصادية وضرب المنشآت الاقتصادية السعودية عنوانها الأبرز، مشيرة إلى أن السعودية تضيف كل يوم لائحة جديدة من الخصوم والأزمات.
جميع الخطوط مستهدفة
يؤكد الأكاديمي الكويتي والخبير النفطي طلال العوضي، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن الهجمات المستمرة للحوثيين على المنشآت النفطية في العمق السعودي تنذر بأنه لا توجد خطوط آمنة لنقل النفط بعيدا عن مضيق هرمز، حيث ستكون الخطوط البديلة لنقل النفط بعيداً عن المضيق معرّضة للتهديدات الحوثية وطائراتهم المسيرة أيضا، والتي قد تأتي بما لا تشتهيه السفن الخليجية.
ويوضح العوضي أن الوضع الحالي أصبح لا يمكن تجاهله أو السكوت عليه، فجميع المعطيات تشير إلى أن الجانب الإيراني ينوي أن يهدّد جميع العواصم الخليجية، وبالتالي يضغط عليهم سعياً منه لتخفيف ضغوط الولايات المتحدة عليه، كون غالبية الدول الخليجية حليفة قوية لواشنطن، وبالتالي ستراعي مصالحهم وتخفف ضغطها على طهران لحمايتهم من هذه الهجمات المستمرة والمتصاعدة.