وكانت بريطانيا قد أكدت أنّ أولويتها تتمثل في استعادة قرارها الاقتصادي والسياسي مع انتهاء الفترة الانتقالية نهاية العام الجاري، "مهما كان الثمن"، بينما دعت دول الاتحاد لفرض آلية لمعاقبة بريطانيا في حال تراجعت عن التزاماتها في اتفاق "بريكست".
وبناء على توصية فرنسية، يتجه الاتحاد الأوروبي إلى التشدد مع بريطانيا فيما يتعلق بمعايير سلامة الأغذية، وهو ما يصب في الجدل الدائر حول استيراد الدجاج المعقم بالكلور، والذي قد يكون جزءاً من اتفاق تجارة بين بريطانيا والولايات المتحدة، ولكنه يخالف القواعد الأوروبية.
وتطالب فرنسا، التي تقود الموقف المتشدد الأوروبي مع لندن، بأن يشمل الاتفاق التجاري مع بريطانيا الحفاظ على المعايير الصحية الأوروبية الحالية الخاصة بالمنتجات الزراعية كشرط للاتفاق.
ويضع هذا الشرط العراقيل أمام قدرة بريطانيا على إبرام اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة، والتي تتبع معايير يراها الأوروبيون أكثر تساهلاً حول السلامة الغذائية.
وقال وزير أوروبا في الحكومة الألمانية مايكل روث، صباح اليوم الثلاثاء، إنّ على بريطانيا الالتزام بوعودها عند تعليقه على احتمال تراجع حكومة بوريس جونسون عن تطبيق نقاط التفتيش الجمركية كما اتفق عليها في اتفاق "بريكست".
وأضاف "رسالتي واضحة جداً لأصدقائنا في لندن، التزموا بوعودكم، بناء على البروتوكول".
وشدد على أهمية الإعلان السياسي المرفق باتفاق "بريكست"، عندما قال إنّ "الإعلان السياسي أساسي لنا. إنه أساس المفاوضات القادمة بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، ولا شك أننا سنظل ملتزمين به".
وأضاف "يجب أن تضمن العلاقة المستقبلية المنافسة المفتوحة والعادلة"، ما يعكس قلق قادة الاتحاد من نية بريطانيا التخلي عن المنافسة العادلة التي وعدت بها.
ويوقع وزراء الاتحاد الأوروبي، اليوم الثلاثاء، على الموقف التفاوضي الأوروبي المشترك بما يمنح ميشيل بارنييه كبير المفاوضين، التفويض المطلوب للتفاوض نيابة عنهم.
وكانت رئاسة الوزراء البريطانية قد أعلنت، أمس الإثنين، أنّ هدفها الرئيسي من المحادثات التجارية مع الاتحاد الأوروبي هو "استعادة الاستقلال السياسي والاقتصادي ابتداء من 1 يناير/ كانون الثاني" وذلك في إطار استعدادها لإصدار موقفها التفاوضي أيضاً، والمنتظر يوم الخميس.
وتشير هذه التصريحات إلى استعداد بريطانيا عملياً إلى الانسحاب من المفاوضات من دون التوصل إلى اتفاق إن لم تحصل على "الاستقلال" الذي تريد.
وكانت بريطانيا قد أكدت مراراً رغبتها باتفاق تجاري على النموذج الكندي، ولكن بروكسل ترى أنّ النموذج الكندي لا يصلح مع بريطانيا وطالبت بالمزيد من التوافق التنظيمي بين الطرفين كشرط للاتفاق.
وكان وزير البيئة البريطاني جورج يوستيس، قد رفض ضمان عدم قبول بريطانيا باستيراد الدجاج المعقم بالكلور كجزء من الاتفاق مع الولايات المتحدة، وتسبب موقف يوستيس بموجة من القلق في الصناعات الزراعية البريطانية، والتي ستعاني من توفر المنتج الأميركي الأقل كلفة.
وبعد التوافق الأوروبي، نهاية الأسبوع الماضي، ستطالب دول الاتحاد بآلية لمعاقبة بريطانيا في حال فشلها بالالتزام بتعهداتها.
كما كانت وزيرة أوروبا في الحكومة الفرنسية أميلي دومونشالان، قد رفضت محاولات "الابتزاز" البريطانية التي تدفع الاتحاد الأوروبي إلى القبول باتفاق تجاري "سيئ" خوفاً من الانسحاب البريطاني من المفاوضات.
وقالت في تغريدة على "تويتر" "لا تعني رغبة جونسون التوصل إلى اتفاق يوم 31/12 بأي ثمن أننا سنوقع على اتفاق سيئ لفرنسا تحت ضغط الوقت أو الابتزاز".
وكان جونسون قد رفض إمكانية تمديد الفترة الانتقالية لعام أو اثنين، كما يقترح اتفاق بريكست.
وتنطلق المفاوضات التجارية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي في بروكسل، الأسبوع المقبل. ويُنتظر أن تكون الخطوة الأولى تحديد جدول زمني للمفاوضات.