أعلنت الحكومة العراقية رفع الحظر عن أملاك وعقارات المواطنين الكويتيين في العراق، وذلك بعد نحو 25 عاما على قرار سابق يمنع التصرف فيها على خلفية الغزو العراقي للكويت عام 1991.
القرار العراقي، والذي أعلن على لسان المتحدث باسم مجلس الوزراء سعد الحديثي أمس الأحد ، فتح باب التساؤلات حول حجم تلك العقارات والأموال الكويتية في العراق، والمشاكل القانونية التي ستلحق بمن استغلها طيلة السنوات الماضية التي أعقبت احتلال البلاد، حيث تعرض بعضها للهدم والآخر للإيجار من قبل متنفذين، بينما تغير وصف بعضها من عقاري إلى زراعي أو العكس.
وكان النظام العراقي السابق، وبعد دخول القوات العراقية إلى الكويت عام 1991، قد حجز على أملاك الكويتيين في بغداد والبصرة وعدد من المحافظات الجنوبية والوسطى، وهي غالبا تتمثل في مشروعات استثمارية تتنوع بين فنادق وأراض زراعية ومنازل ومنتجعات سياحية ومقرات شركات.
وفي مطلع الثمانينيات، دخل المستثمرون الكويتيون والسعوديون عبر بوابة البصرة، مع التسهيلات المقدمة من قبل الحكومة العراقية لرجال الأعمال آنذاك، حيث كانوا يدخلون بدون الحصول على تأشيرة لدعم الحركة الاقتصادية في تلك المدن دعما للعراق الذي تأثر إلى حد بعيد بحربه مع إيران.
وفي عام 1993، أصدرت الحكومة العراقية تعليمات خولت بموجبها المحافظين، حرية التصرف في الأملاك العائدة للكويتيين والمستثمرين الخليجيين، حيث قامت الإدارات المحلية بتأجير تلك البنايات عبر مزادات علنية، كما استولت الحكومة على بعض منها.
ويربط المراقبون بين القرار وسلسلة الشروط التي ألزم العراق بها نفسه مع البنك الدولي مقابل حصوله على قرض مالي، حيث تضمن من بينها تحسين علاقة بغداد الاقتصادية مع الجيران.
وبحسب البيان الصادر من بغداد، فإنه "في سياق رؤية الحكومة العراقية تقوم على إقامة علاقات خارجية على أسس سليمة وإقامة علاقات طبيعية من معالجة أخطاء الماضي"، مشيرا إلى أن القرار جاء بعد رفع الحجز عن أملاك العراقيين العقارية في الكويت، انطلاقا من مبدأ التعامل بالمثل المنصوص عليه في القوانين الدولية والمعمول به في العلاقات الثنائية بين الدول.
ولا يوجد تقدير أو رقم نهائي لحجم تلك الأموال أو العقارات الكويتية، غير أن مراقبين يؤكدون أنها تتجاوز خمسة مليارات دولار للخليجيين عامة، تتوزع بين أراضي بناء وفنادق ومزارع واستثمارات بشركات مختلفة.
وقال مقرر اللجنة المالية في البرلمان العراقي، محمد العبيدي، إن "القرار بات نافذ المفعول، وسيحول الموضوع إلى لجنة مشتركة كويتية عراقية لإعادة كل شيء إلى نصابه".
وأضاف العبيدي، أن "القرار له نتائج طيبة ويمنح ثقة للمستثمر الخليجي، كما أنه حق يجب أن يعاد، ويجب أن يفهم الجيران أن العراق بات يفصل بين المواقف السياسية وبين الملف الاقتصادي بشكل كامل".
ويعتقد الخبير القانوني العراقي والمختص في شؤون العقارات، محمود العزاوي، لـ"العربي الجديد"، إن قرار الحكومة برفع الحظر عن الأملاك جاء بعد سلسلة مناقشات مع الجانب الكويتي الذي لم يكف عن هذا المطلب من الحكومة.
ويتصور العزاوي، أن الأملاك التي تعود للكويتيين في العراق كثيرة وتقدر بمليارات الدولارات، غير أن ثمة عوائق قد تحول دون عودة جزء منها فعليا، ذلك أن شخصيات متنفذة في الدولة تمكنت من الاستيلاء على عدد من هذه العقارات عبر التلاعب بالأوراق الرسمية، خاصة بعد عام 2003.
ويرى أن هذا القرار سينفض الغبار عن كثير من المشاكل الساكنة، منها أن للكويتيين الحق في المطالبة بهذه الممتلكات والأرباح الضائعة طيلة الفترة الماضية للحظر، فضلا عن محاكمة من تسبب في تلف كلي أو جزئي لهذه الأملاك.
وفي السياق ذاته، قال المحامي عبد الله البصري إن "أملاك الكويتيين في البصرة موجودة، وقد شكلت الحكومة المحلية لجنة لحصر أعداد تلك العقارات وتحديد مُلاكها".
وأضاف لـ"العربي الجديد"، أن العمل حاليا يجري لحصر الأملاك التي تعود لكويتيين وكان تم الاستيلاء عليها من جانب مواطنين أو شخصيات سياسية.
وبين العراق والكويت ملفات عالقة إلى اليوم، وهي متعددة، أبرزها ملف الأسرى والمفقودين، حيث تتهم الكويت بغداد بأسر واحتجاز عدد من الكويتيين وزجهم في السجون ودفنهم في مقابر جماعية.
وقد فرضت الأمم المتحدة تعويضات بمليارات الدولارات تُستقطع من واردات النفط العراقية. وما زالت الحكومة العراقية مدينة بما يقدر بـ1.5 مليار دولار من هذه التعويضات التي تعود لحرب 1991.