بدأت الحكومة الجزائرية حوارا مجتمعيا حول التخفف من أعباء الدعم الذي تخصصه للمواطنين في سلع مهمة على رأسها الوقود والكهرباء ومياه الشرب، وسط توقعات برفض من جانب الجزائريين الذين فقدوا جزءا كبيرا من قدراتهم الشرائية خلال السنوات الثلاث الماضية نتيجة إجراءات التقشف.
وقال مصدر في وزارة الطاقة لـ "العربي الجديد" إن لجنة تضم خبراء من وزارتي الطاقة والمالية قد بدأت تدرس كيفية رفع الدعم عن أسعار الطاقة بطريقة سلسة، بأمر من رئيس الوزراء.
وأضاف المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه، أن "السيناريو المحتمل هو العمل بنظام البطاقة الاستهلاكية الخاصة بالوقود التي يعتمد في شحنها تسعيرتين، في حين يتم اعتماد نظام التسعيرتين بالنسبة لاستهلاك الكهرباء والغاز بالإضافة إلى الماء، أي تسعيرة للمستهلكين الصغار وتسعيرة للمستهلكين الكبار، وإلى حين المرور إلى نظام الدعم الموجه وما يترتب عنه من تحرير للأسعار.
وتجلت نية الحكومة في مراجعة سياسة الدعم الموجه للطاقة في تصريحات المسؤولين، بداية من رئيس الوزراء أحمد اويحي، الذي يرافع منذ سنوات من أجل تطبيق الدعم الموجه عوضا عن الدعم العام الذي يستفيد منه الجميع.
وفي السياق، قال وزير الطاقة مصطفى قيطوني، نهاية الأسبوع الماضي، إن الوزارة تتجه لإصدار قرار يقضي بأن تدفع الفئات الأكثر استهلاكا للطاقة السعر الحقيقي لهذه الطاقة دون الاستفادة من دعم الدولة، كاشفا فيما يتعلق بأسعار الوقود أن سعرها الحقيقي يبلغ 125 دينارا للتر الواحد (1.1 دولار) في حين يبلغ سعرها في محطات الوقود 30 دينارا.
وليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها الحديث عن مراجعة فاتورة دعم الطاقة في الجزائر، وذلك بالنظر إلى ضخامتها، حيث تصل إلى ثلث الميزانية العامة السنوية للبلاد.
ووفق دراسة أعدها وزير المالية الجزائري السابق عبد اللطيف بن اشنهو، فإن ما يكلفه دعم الطاقة سنويا يقدر بحوالي 20 مليار دولار، حصة الوقود منها حوالي 7 مليارات دولار، مقابل 6 مليارات دولار للكهرباء و5 مليارات دولار للغاز، يضاف إلى ذلك 3 مليارات دولار موجهة لدعم أسعار المياه.
وكشف بن اشنهو في حديث مع "العربي الجديد" أن هذه الفاتورة تمثل 9.1% من الناتج المحلي الإجمالي.
ويرى وزير المالية السابق أن النموذج الاجتماعي الجزائري يعتبر مصدرا لتكريس "اللاعدالة الاجتماعية" لأن 42% من الطاقة تستهلكها الأسر بمختلف مستوياتها المعيشية، في حين يستهلك 58% المتبقية المستثمرون الجزائريون والأجانب على السواء.
وأردف المتحدث قائلا: "لا يُعقل أن يدفع رجل الأعمال الذي يملك المصانع وعشرات السيارات والشاحنات نفس التسعيرة التي يدفعها المواطن البسيط العامل مقابل راتب متوسط في فاتورة الوقود والكهرباء والماء".
ولضمان تقليص جزء من الدعم بطريقة غير مباشرة، يرتقب أن تعتمد الحكومة الجديدة تحت قيادة أحمد اويحي، إلى فرض ضرائب ورسوم مباشرة على مواد الطاقة في قانون الموازنة العامة للسنة المقبلة، لتقريبه جزئيا من سعر السوق، بحيث سيضاف قيمة تدفع في عقود التأمينات، وهذه الأخيرة تقوم بتحويلها إلى الخزينة العامة، في سياق مساعي السلطات العمومية لتوسيع دائرة الجباية العادية، في مواجهة تقلص إيرادات النفط.
ويرى المدير العام السابق لشركة سوناطراك النفطية، عبد المجيد عطار، أن الوقود مثل غيره من السلع الكثيرة في الجزائر، مدعوم بشدة، فالحكومة تعتمد على نظام الدعم لتقاسم الثروة الوطنية من النفط والغاز مع مواطنيها، وبالرغم من أن الهدف نبيل، إلا أن محاولة إعادة توزيع الدخل عن طريق الدعم غير الموجه للمستحقين تشوبه العيوب.
ويضيف عطار في تصريح لـ "العربي الجديد" أن معظم الدعم في الجزائر يفيد الأغنياء أكثر مما يفيد الفقراء، حيث إن أغنى 20% من سكان الجزائر يستهلكون ستة أضعاف ما يستهلكه أفقر 20% من السكان من الوقود، وفق دراسة أعدها صندوق النقد الدولي، وهذا يعني أن دعم الوقود له طابع تنازلي، أي كلما زاد المواطن ثراءً زادت درجة استفادته من الدعم.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن هناك كثيرا من أشكال الدعم الأخرى في الجزائر لها طابع تنازلي، وبدرجات متباينة، قائلا: "على سبيل المثال نجد أن دعم الكهرباء يعود بالنفع بشكل غير متناسب أيضا على الأغنياء، الذين يستهلكون أكثر من الفقراء في المنازل بالإضافة إلى استثماراتهم التي تعود عليهم بالأموال".
وكان صندوق النقد الدولي قد أوصى الجزائر في العديد من المناسبات، بضرورة مراجعة آليات الدعم، خاصة الموجّه إلى الوقود والكهرباء، حيث طالب خبراء الصندوق الجزائر بأن تباشر بخفض معظم الدعم المعمم تدريجيا وإبداله ببرنامج للتحويلات النقدية للأسر منخفضة الدخل.
اقــرأ أيضاً
وقال مصدر في وزارة الطاقة لـ "العربي الجديد" إن لجنة تضم خبراء من وزارتي الطاقة والمالية قد بدأت تدرس كيفية رفع الدعم عن أسعار الطاقة بطريقة سلسة، بأمر من رئيس الوزراء.
وأضاف المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه، أن "السيناريو المحتمل هو العمل بنظام البطاقة الاستهلاكية الخاصة بالوقود التي يعتمد في شحنها تسعيرتين، في حين يتم اعتماد نظام التسعيرتين بالنسبة لاستهلاك الكهرباء والغاز بالإضافة إلى الماء، أي تسعيرة للمستهلكين الصغار وتسعيرة للمستهلكين الكبار، وإلى حين المرور إلى نظام الدعم الموجه وما يترتب عنه من تحرير للأسعار.
وتجلت نية الحكومة في مراجعة سياسة الدعم الموجه للطاقة في تصريحات المسؤولين، بداية من رئيس الوزراء أحمد اويحي، الذي يرافع منذ سنوات من أجل تطبيق الدعم الموجه عوضا عن الدعم العام الذي يستفيد منه الجميع.
وفي السياق، قال وزير الطاقة مصطفى قيطوني، نهاية الأسبوع الماضي، إن الوزارة تتجه لإصدار قرار يقضي بأن تدفع الفئات الأكثر استهلاكا للطاقة السعر الحقيقي لهذه الطاقة دون الاستفادة من دعم الدولة، كاشفا فيما يتعلق بأسعار الوقود أن سعرها الحقيقي يبلغ 125 دينارا للتر الواحد (1.1 دولار) في حين يبلغ سعرها في محطات الوقود 30 دينارا.
وليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها الحديث عن مراجعة فاتورة دعم الطاقة في الجزائر، وذلك بالنظر إلى ضخامتها، حيث تصل إلى ثلث الميزانية العامة السنوية للبلاد.
ووفق دراسة أعدها وزير المالية الجزائري السابق عبد اللطيف بن اشنهو، فإن ما يكلفه دعم الطاقة سنويا يقدر بحوالي 20 مليار دولار، حصة الوقود منها حوالي 7 مليارات دولار، مقابل 6 مليارات دولار للكهرباء و5 مليارات دولار للغاز، يضاف إلى ذلك 3 مليارات دولار موجهة لدعم أسعار المياه.
وكشف بن اشنهو في حديث مع "العربي الجديد" أن هذه الفاتورة تمثل 9.1% من الناتج المحلي الإجمالي.
ويرى وزير المالية السابق أن النموذج الاجتماعي الجزائري يعتبر مصدرا لتكريس "اللاعدالة الاجتماعية" لأن 42% من الطاقة تستهلكها الأسر بمختلف مستوياتها المعيشية، في حين يستهلك 58% المتبقية المستثمرون الجزائريون والأجانب على السواء.
وأردف المتحدث قائلا: "لا يُعقل أن يدفع رجل الأعمال الذي يملك المصانع وعشرات السيارات والشاحنات نفس التسعيرة التي يدفعها المواطن البسيط العامل مقابل راتب متوسط في فاتورة الوقود والكهرباء والماء".
ولضمان تقليص جزء من الدعم بطريقة غير مباشرة، يرتقب أن تعتمد الحكومة الجديدة تحت قيادة أحمد اويحي، إلى فرض ضرائب ورسوم مباشرة على مواد الطاقة في قانون الموازنة العامة للسنة المقبلة، لتقريبه جزئيا من سعر السوق، بحيث سيضاف قيمة تدفع في عقود التأمينات، وهذه الأخيرة تقوم بتحويلها إلى الخزينة العامة، في سياق مساعي السلطات العمومية لتوسيع دائرة الجباية العادية، في مواجهة تقلص إيرادات النفط.
ويرى المدير العام السابق لشركة سوناطراك النفطية، عبد المجيد عطار، أن الوقود مثل غيره من السلع الكثيرة في الجزائر، مدعوم بشدة، فالحكومة تعتمد على نظام الدعم لتقاسم الثروة الوطنية من النفط والغاز مع مواطنيها، وبالرغم من أن الهدف نبيل، إلا أن محاولة إعادة توزيع الدخل عن طريق الدعم غير الموجه للمستحقين تشوبه العيوب.
ويضيف عطار في تصريح لـ "العربي الجديد" أن معظم الدعم في الجزائر يفيد الأغنياء أكثر مما يفيد الفقراء، حيث إن أغنى 20% من سكان الجزائر يستهلكون ستة أضعاف ما يستهلكه أفقر 20% من السكان من الوقود، وفق دراسة أعدها صندوق النقد الدولي، وهذا يعني أن دعم الوقود له طابع تنازلي، أي كلما زاد المواطن ثراءً زادت درجة استفادته من الدعم.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن هناك كثيرا من أشكال الدعم الأخرى في الجزائر لها طابع تنازلي، وبدرجات متباينة، قائلا: "على سبيل المثال نجد أن دعم الكهرباء يعود بالنفع بشكل غير متناسب أيضا على الأغنياء، الذين يستهلكون أكثر من الفقراء في المنازل بالإضافة إلى استثماراتهم التي تعود عليهم بالأموال".
وكان صندوق النقد الدولي قد أوصى الجزائر في العديد من المناسبات، بضرورة مراجعة آليات الدعم، خاصة الموجّه إلى الوقود والكهرباء، حيث طالب خبراء الصندوق الجزائر بأن تباشر بخفض معظم الدعم المعمم تدريجيا وإبداله ببرنامج للتحويلات النقدية للأسر منخفضة الدخل.