عادت معركة كسر العظم بين منظمة "أوبك" والنفط الصخري الأميركي مجدداً إلى سوق الطاقة العالمي، وعاد معها هاجس التخمة النفطية ليقض مضاجع منظمة "أوبك"، التي سعت في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي إلى تعزيز الأسعار عبر الخفض المنسق مع الدول خارجها، ونجحت إلى حد ما في ذلك، قبل فورة الإنتاج الأميركي الأخيرة.
ويلاحظ أن صعود الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الحكم،شجع شركات النفط الأميركية على الاستثمار بكثافة في حفر آبار جديدة مستغلة التحسن في أسعار النفط فوق حاجز 55 دولاراً للبرميل منذ بداية العام وحتى الشهرالماضي.
ويذكر أن ترامب أصدر مراسيم رئاسية ألغت كل القوانين البيئية في الولايات الأميركية التي كانت تمنع عمليات التنقيب عن النفط الصخري، كما ألغى كذلك اتفاق مؤتمر المناخ في باريس، وهو ما فتح المجال واسعاً أمام المستثمرين في الصناعة النفطية الأميركية.
وما ساهم أكثر في زيادة عدد الحفارات العاملة في استخراج النفط الصخري، التقدم التقني خلال السنوات الثلاث الأخيرة الذي خفض من كلفة استخراج البرميل إلى 40 دولاراً للبرميل في العديد من مكامن النفط الصخري في البلاد.
ولكن رغم ذلك، يرى بعض كبار رجالات الصناعة النفطية في أميركا، أن هذا الاستعجال في التنقيب النفطي سيقود إلى كارثة أسعار، وستكون شركات النفط الصخري أول المتضررين منها.
وكانت العديد من شركات النفط الصخري تعرضت لإفلاس خلال العامين الماضيين، كما باعت بعض المصارف الأميركية سندات ديون على هذه الشركات بما وصل إلى 10 سنتات للدولار.
وفي هذا الصدد، حذر ملياردير النفط الصخري الأميركي هارولد هام، شركات النفط الصخري الأميركي من الاستعجال في زيادة إنتاج النفط الصخري وتكرار الخطأ.
وقال في "أسبوع سيرا النفطي"، الذي اختتم أعماله أمس، في مدينة هيوستن الأميركية: "إن الاستثمار الكثيف في مشاريع النفط الصخري وزيادة الإنتاج بسرعة سيقتلان السوق النفطي".
وأضاف هام، الذي خسر حوالى 10 مليارات دولار أو قرابة 50% من ثروته في دورة انهيار أسعار النفط الأخيرة: "يجب أن يتم الاستثمار في النفط الصخري بطريقة محسوبة وإلا ستخرب السوق".
ويذكر أن شركات النفط الأميركية بدأت تنشط في جمع أموال من سوق "وول ستريت" خلال الشهر الماضي، وهو ما ساعدها على زيادة الحفريات الجديدة، وظهر ذلك جلياً في انتعاش قطاع الطاقة في بورصة "وول ستريت".
وكان المستثمرون في تجارة النفط، ومن بينهم صناديق التحوط، قد اشترت بكثافة عقود النفط الآجلة في بداية العام، ولكنها تراجعت عن هذه المشتريات في أعقاب تقارير زيادة النفط الأميركي.
ويرى خبراء أن المكاسب التي حققتها الأسعار بسبب خفض الإنتاج الأخير بدأت تتبخر مع هبوط أسعار النفط نحو 52 دولاراً لبرميل برنت يوم الخميس. وعلى الرغم من التحسن الذي شهدته أسعار النفط، أمس، في بورصة لندن، إلا أنها لا تزال تقل كثيراً عن السعر الذي استهدفته تخفيضات "أوبك" أو حتى مصارف الاستثمار العالمية.
وكانت أسعار النفط شارفت على بلوغ 60 دولاراً للبرميل في بداية العام الجاري وسط التزام كبير للأعضاء في المنظمة البترولية بتخفيض الإنتاج وفقاً للاتفاق.
وتقلل زيادة إنتاج النفط الصخري فرص تمديد اتفاق خفض الإنتاج الذي أقرته منظمة "أوبك" ومنتجون خارجها لمدة ستة أشهر، بدأت في الأول من يناير/ كانون الثاني الماضي وستنتهي في يونيو/ حزيران.
وقالت وكالة رويترز، إن وزير النفط السعودي خالد الفالح، الذي يزور أميركا حالياً لحضور "أسبوع سيرا النفطي"، التقى نظيره وزير الطاقة الأميركي على هامش المؤتمر.
وحسب رويترز، فإن الوزير السعودي أبلغ نظيره الأميركي أن "أوبك" لن تسمح لشركات النفط الصخري "الركوب مجاناً على ظهر أوبك" والاستفادة من تحسن أسعار النفط. وهو ما يعني أن منظمة "أوبك" ربما لن تمدد اتفاق خفض الإنتاج في اجتماعها المقبل في فيينا. والرسالة ذاتها، وربما بدرجة أشد، أبلغها مستشارو الوزير الفالح لشركات النفط الصخري في اجتماع على هامش المؤتمر النفطي في هيوستن بولاية تكساس.
وتحتاج السعودية بشدة إلى تحسن أسعار النفط خلال الفترة المقبلة، وخاصة أنها تنوي طرح جزء من شركة أرامكو في أسواق المال الأميركية، وبدأت فعلياً في اختيار المصارف الاستثمارية لتجهيز الطرح وتحديد السعر المبدئي للسهم بعد الانتهاء من التقييمات لرأس مال شركة أرامكو.
وسيكون من المهم بالنسبة للسعودية خلال العام الجاري، تحسن أسعار النفط وارتفاعه إلى 60 دولاراً لنجاح هذا الاكتتاب.
وعلى الرغم من أن السعودية بدأت منذ سنوات تقليل الاعتماد على مبيعات النفط الخام وانتهجت أسلوب "القيمة المضافة"، ورفعت حيازاتها لصناعة التكرير فوق 5 ملايين برميل يومياً، إلا أنها بحاجة إلى سعر مرتفع للنفط لتحقيق أكبر دخل ممكن من طرح شركة أرامكو المقبل.
وبهذا الارتفاع في إنتاج النفط الأميركي، تكون معركة كسر العظم التي بدأت في نهاية العام 2014، بين "أوبك" وشركات النفط الصخري الأميركي، قد عادت مرة أخرى وربما تكون أشد ضراوة في عهد الرئيس ترامب الذي ألغى كل القيود على إنتاج النفط في أميركا.
وبالتالي فإن دول منظمة "أوبك" ترى حالياً، وحسب خبراء في لندن، أنها إذا خفضت الإنتاج، فإن شركات النفط الصخري ستأخذ جزءاً من حصتها في السوق النفطية العالمية دون أن تكون حققت هدف زيادة الأسعار. وهو المنطق ذاته الذي جعلها تتخلى في العام 2014 عن تحديد سقف للإنتاج وتحديد سعر مستهدف لبرميل النفط.
(العربي الجديد)
اقــرأ أيضاً
ويلاحظ أن صعود الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الحكم،شجع شركات النفط الأميركية على الاستثمار بكثافة في حفر آبار جديدة مستغلة التحسن في أسعار النفط فوق حاجز 55 دولاراً للبرميل منذ بداية العام وحتى الشهرالماضي.
ويذكر أن ترامب أصدر مراسيم رئاسية ألغت كل القوانين البيئية في الولايات الأميركية التي كانت تمنع عمليات التنقيب عن النفط الصخري، كما ألغى كذلك اتفاق مؤتمر المناخ في باريس، وهو ما فتح المجال واسعاً أمام المستثمرين في الصناعة النفطية الأميركية.
وما ساهم أكثر في زيادة عدد الحفارات العاملة في استخراج النفط الصخري، التقدم التقني خلال السنوات الثلاث الأخيرة الذي خفض من كلفة استخراج البرميل إلى 40 دولاراً للبرميل في العديد من مكامن النفط الصخري في البلاد.
ولكن رغم ذلك، يرى بعض كبار رجالات الصناعة النفطية في أميركا، أن هذا الاستعجال في التنقيب النفطي سيقود إلى كارثة أسعار، وستكون شركات النفط الصخري أول المتضررين منها.
وكانت العديد من شركات النفط الصخري تعرضت لإفلاس خلال العامين الماضيين، كما باعت بعض المصارف الأميركية سندات ديون على هذه الشركات بما وصل إلى 10 سنتات للدولار.
وفي هذا الصدد، حذر ملياردير النفط الصخري الأميركي هارولد هام، شركات النفط الصخري الأميركي من الاستعجال في زيادة إنتاج النفط الصخري وتكرار الخطأ.
وقال في "أسبوع سيرا النفطي"، الذي اختتم أعماله أمس، في مدينة هيوستن الأميركية: "إن الاستثمار الكثيف في مشاريع النفط الصخري وزيادة الإنتاج بسرعة سيقتلان السوق النفطي".
وأضاف هام، الذي خسر حوالى 10 مليارات دولار أو قرابة 50% من ثروته في دورة انهيار أسعار النفط الأخيرة: "يجب أن يتم الاستثمار في النفط الصخري بطريقة محسوبة وإلا ستخرب السوق".
ويذكر أن شركات النفط الأميركية بدأت تنشط في جمع أموال من سوق "وول ستريت" خلال الشهر الماضي، وهو ما ساعدها على زيادة الحفريات الجديدة، وظهر ذلك جلياً في انتعاش قطاع الطاقة في بورصة "وول ستريت".
وكان المستثمرون في تجارة النفط، ومن بينهم صناديق التحوط، قد اشترت بكثافة عقود النفط الآجلة في بداية العام، ولكنها تراجعت عن هذه المشتريات في أعقاب تقارير زيادة النفط الأميركي.
ويرى خبراء أن المكاسب التي حققتها الأسعار بسبب خفض الإنتاج الأخير بدأت تتبخر مع هبوط أسعار النفط نحو 52 دولاراً لبرميل برنت يوم الخميس. وعلى الرغم من التحسن الذي شهدته أسعار النفط، أمس، في بورصة لندن، إلا أنها لا تزال تقل كثيراً عن السعر الذي استهدفته تخفيضات "أوبك" أو حتى مصارف الاستثمار العالمية.
وكانت أسعار النفط شارفت على بلوغ 60 دولاراً للبرميل في بداية العام الجاري وسط التزام كبير للأعضاء في المنظمة البترولية بتخفيض الإنتاج وفقاً للاتفاق.
وتقلل زيادة إنتاج النفط الصخري فرص تمديد اتفاق خفض الإنتاج الذي أقرته منظمة "أوبك" ومنتجون خارجها لمدة ستة أشهر، بدأت في الأول من يناير/ كانون الثاني الماضي وستنتهي في يونيو/ حزيران.
وقالت وكالة رويترز، إن وزير النفط السعودي خالد الفالح، الذي يزور أميركا حالياً لحضور "أسبوع سيرا النفطي"، التقى نظيره وزير الطاقة الأميركي على هامش المؤتمر.
وحسب رويترز، فإن الوزير السعودي أبلغ نظيره الأميركي أن "أوبك" لن تسمح لشركات النفط الصخري "الركوب مجاناً على ظهر أوبك" والاستفادة من تحسن أسعار النفط. وهو ما يعني أن منظمة "أوبك" ربما لن تمدد اتفاق خفض الإنتاج في اجتماعها المقبل في فيينا. والرسالة ذاتها، وربما بدرجة أشد، أبلغها مستشارو الوزير الفالح لشركات النفط الصخري في اجتماع على هامش المؤتمر النفطي في هيوستن بولاية تكساس.
وتحتاج السعودية بشدة إلى تحسن أسعار النفط خلال الفترة المقبلة، وخاصة أنها تنوي طرح جزء من شركة أرامكو في أسواق المال الأميركية، وبدأت فعلياً في اختيار المصارف الاستثمارية لتجهيز الطرح وتحديد السعر المبدئي للسهم بعد الانتهاء من التقييمات لرأس مال شركة أرامكو.
وسيكون من المهم بالنسبة للسعودية خلال العام الجاري، تحسن أسعار النفط وارتفاعه إلى 60 دولاراً لنجاح هذا الاكتتاب.
وعلى الرغم من أن السعودية بدأت منذ سنوات تقليل الاعتماد على مبيعات النفط الخام وانتهجت أسلوب "القيمة المضافة"، ورفعت حيازاتها لصناعة التكرير فوق 5 ملايين برميل يومياً، إلا أنها بحاجة إلى سعر مرتفع للنفط لتحقيق أكبر دخل ممكن من طرح شركة أرامكو المقبل.
وبهذا الارتفاع في إنتاج النفط الأميركي، تكون معركة كسر العظم التي بدأت في نهاية العام 2014، بين "أوبك" وشركات النفط الصخري الأميركي، قد عادت مرة أخرى وربما تكون أشد ضراوة في عهد الرئيس ترامب الذي ألغى كل القيود على إنتاج النفط في أميركا.
وبالتالي فإن دول منظمة "أوبك" ترى حالياً، وحسب خبراء في لندن، أنها إذا خفضت الإنتاج، فإن شركات النفط الصخري ستأخذ جزءاً من حصتها في السوق النفطية العالمية دون أن تكون حققت هدف زيادة الأسعار. وهو المنطق ذاته الذي جعلها تتخلى في العام 2014 عن تحديد سقف للإنتاج وتحديد سعر مستهدف لبرميل النفط.
(العربي الجديد)