تواصل الحكومة الكويتية تنفيذ خطة واسعة لتوطين الوظائف في القطاع الحكومي وإنهاء خدمات آلاف الوافدين في مختلف الوزارات والهيئات، إذ ستصبح بعضها بلا وافدين خلال أقل من عام.
وصاحبت أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد في الكويت موجة غضب على خلفيات تداعيات صاحبت إجراءات مواجهة الفيروس والصعوبات الكبيرة التي لاقتها السلطات الصحية بشأن التعامل مع المناطق التي يقطنها الوافدون بأعداد كبيرة، الأمر الذي ساهم في انتشار الوباء بشكل متسارع، بحسب مراقبين.
وكشف مصدر حكومي لـ "العربي الجديد" أن هناك نحو 7 وزارات يخطط لها أن تصبح بلا وافدين قبل نهاية العام الجاري وهي (الخارجية والنفط والتجارة والتخطيط والداخلية والدفاع والبلدية)، فضلا عن 3 هيئات حكومية ستتخذ نفس الخطوة نحو الاستغناء عن كافة الوافدين قبل نهاية العام، وهي (ديوان الخدمة المدنية والهيئة العامة للمعلومات المدنية ومؤسسة الرعاية السكنية).
وقال المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، إن خطة تكويت الوظائف أخذت بعين الاعتبار طبيعة العمل في الوزارات الحكومية التي لا يمكنها الاستغناء عن الوافدين نهائياً، مثل وزارة الأشغال، حيث ستصل نسبة التوطين فيها إلى 97%، وفي وزارة العدل إلى 82% وفي المالية 94%.
ولفت إلى أن مجلس الوزراء استثنى وزارتي الصحة والتربية من عملية التكويت الشاملة، غير أنه طالب الوزارتين بإحلال المواطنين في الوظائف الإدارية.
وقررت وزيرة الإسكان الكويتية، رنا الفارس، أول من أمس، إنهاء خدمات أكثر من 135 موظفاً وافداً من أصل 398 بدءاً من سبتمبر/ أيلول المقبل، وذلك في إطار سياسة إحلال الكوادر الكويتية بدلا من الوافدين في قطاعات المؤسسة.
ووفقا للقرار الذي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، فقد تقرر وقف توظيف غير الكويتيين في مؤسسة الرعاية السكنية، كما سيتم إنهاء خدمات الوافدين على 3 مراحل حيث ستبدأ المرحلة الأولى في سبتمبر أيلول/ المقبل بإنهاء خدمات العاملين في الوظائف الإدارية ثم المرحلة الثانية في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل تليها المرحلة الثالثة التي ستشهد إنهاء خدمات كافة الوافدين في إبريل/ نيسان 2021.
وفي السياق، قال خبير الاقتصاد الكويتي، مروان سلامة، لـ "العربي الجديد"، إن خطط الحكومة لتكويت الوظائف جاءت استجابة للرأي العام الغاضب بسبب أزمة تفشي كورونا وزيادة معدلات البطالة بين المواطنين، لافتا إلى أنه كانت هناك خطط سابقة لإحلال المواطنين بدلا من الوافدين من قبل، إلا أن المشكلات التي صاحبت أزمة كورونا عجلت بتنفيذها.
ودعا سلامة الحكومة إلى عدم التسرع في اتخاذ قرارات تسريح الوافدين بشكل عشوائي من أجل إرضاء الرأي العام، مشيرا إلى وجود الكثير من الوظائف والتخصصات التي لا يتوافر كوادر وطنية لشغلها في الوقت الراهن، مثل الأطباء والمهندسين والمعلمين وغيرها من الوظائف، كما طالب الحكومة بالاستعداد بتأهيل المواطنين من خلال برامج تدريبية لشغل وظائف الوافدين من دون مشكلات قد تحدث.
وبحسب الأرقام الرسمية الصادرة عن الإدارة المركزية للإحصاء، فإن عدد الكويتيين العاملين في الجهات الحكومية يبلغ 233 ألفا في حين يبلغ عدد الوافدين 72 ألف وافد فقط، أي أن نسبة الكويتيين في الوزارات 77% ونسبة الوافدين 23%، فيما يأتي الجزء الأكبر من الوافدين في وزارتي التربية بـ29 ألفا والصحة بـ35 ألفا.
على صعيد متصل، أكد أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت، محمد الهاجري، أن سياسة تسريح الوافدين يجب أن تستند إلى أسس ومعايير علمية، وإلا ستواجه الحكومة مشكلات كبيرة في المستقبل، محذرا في الوقت نفسه من اتباع سياسة التوظيف الخاضعة للأهواء وشراء ولاءات النواب والسياسيين التي سينتج عنها مشكلات تتعلق بالفساد والترهل الحكومي الذي تعاني منه الدولة منذ سنوات.
وأوضح الهاجري لـ "العربي الجديد" أن الحكومة ستحتاج إلى سنوات لاتخاذ إجراءات جادة من أجل تكويت الوظائف بنسبة 100%، أولاها إعادة النظر في مخرجات العملية التعليمية لتتماشى مع متطلبات سوق العمل والاحتياجات الحقيقية للعمل في الجهات الحكومية، مشيرا إلى أن عملية إحلال الكويتيين بدلا من الوافدين ستكون لها كلفة كبيرة، حيث يحصل المواطن على 3 أضعاف راتب الوافد.
وكان وزير شؤون البلدية الكويتي، وليد الجاسم، قد أعلن في وقت سابق عن خطة للاستغناء عن الوافدين الذين يعملون في وظائف إدارية في بلدية الكويت والاستفادة من الكوادر الوطنية، ويأتي ذلك تطبيقا لسياسة إحلال الكويتيين في جميع وظائف قطاعات وإدارات البلدية ولمقتضيات المصلحة العامة.
ويتضمن قرار وزير البلدية الكويتي وقف استقبال أي طلبات لتعيين الوافدين في جميع الوظائف، وأيضا وقف استكمال إجراءات أي تعيينات جديدة وعدم تجديد أي عقود عمل للعاملين الوافدين، فضلا عن إلغاء إجراءات استكمال تجديد عقود الموظفين منهم واتخاذ ما يلزم لإنهائها وفقا للقوانين والأنظمة المعمول بها.
ويواصل الوافدون في الكويت دفع ضريبة أزمة كورونا، في ظل الدعوات المكثّفة التي تطالب بتسريحهم من الجهات الحكومية والقطاع الخاص وترحيلهم من البلاد.