وأيدت المَحكمة نفسها نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2015، أحكاما قضائية صادرة في فرنسا تمنع موظفة من ارتداء الحجاب، مؤكدة أن القرار "لا يتعارض مع الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان".
وأعادت المحكمة الأوروبية نفس الرأي تقريبا في قضيتين، إحداهما بلجيكية والأخرى فرنسية، وإن ضم قرارها شروطا تمنح محاكم كل بلد أوروبي البت في قضاياها.
أقامت سميرة شبيطة دعاوى قضائية أمام محاكم بلجيكية وأوروبية ضد تعرضها للتمييز في العمل بسبب ارتداء الحجاب، وهي قضية لا تخلو من التعقيد، لأن شبيطة عند التحاقها بالعمل سنة 2003، لم تكن ترتدي الحجاب.
بعد مرور ثلاث سنوات، عبّرت سميرة، والتي كانت تعمل كموظفة استقبال في شركة "جي 4 إس" لخدمات الأمن، عن نيتها ارتداء الحجاب، رغم سياسة الحياد التي أعلنتها الشركة، شفهياً، ثم بشكل مكتوب، والتي تحظر كل العلامات والرموز السياسية والفلسفية والدينية. ولأن قرار سميرة لا يتوافق مع هذه السياسة تم تسريحها سنة 2006.
عند دراسة القضية قررت محكمة العدل الأوروبية أن حظر ارتداء الحجاب الذي ينبني على قانون داخلي يحظر وضع كل علامة سياسية وفلسفية ودينية أثناء العمل، "لا يُشكل تمييزا مباشرا مرتكِزاً على الدين أو على القناعات". كذلك تركت لمحكمة النقض البلجيكية صلاحية إبداء رأيها.
في فرنسا كانت المهندسة أسماء تعمل في شركة ميركوبول سنة 2008، وكانت حين توظيفها ترتدي الحجاب. لكن أحد الزبائن اشتكى من لباسها وألح على نزعها له في لقائه الثاني بها. وهو طلب نقلته الشركة إليها، فرفضته بشدة. فقررت الشركة الفرنسية تسريحها سنة 2009.
وعلى ضوء القضية، ارتأت محكمة العدل الأوروبية أن "زبوناً ما لشركة لا يمكنه أن يفرِضَ عدم تلقيه لخدمات من طرف عاملة ترتدي الحجاب". كما قالت إنه "لا شيء يسمح بالتأكيد على أن شركة ميكروبول تفرض قانون الحيادية على كل موظفيها".
وإذا كانت المواقف من الحجاب لا تزال مختلفة من بلد أوروبي إلى آخَر، إلا أنه يبقى من اختصاص أعلى هيئة قضائية في هذا البلاد، وفرنسا وبلجيكا، في الواقعتين السابقتين، من أشد دول الاتحاد الأوروبي حساسية تجاه العلمانية.
وما زالت ردود الدوائر الإسلامية في فرنسا نادرة بسبب توافق القرار الأوروبي مع قرارات فرنسية معمول بها، ولا تتوقف المحاكم الفرنسية عن إصدارها، وإن كانت شبكات التواصل الاجتماعي تعج بخطابات منددة بهذا التمييز الجديد التي يستهدف المسلمات.
وعبر "التجمع ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا" عن قلقه، واعتبر "القرار غيرَ واضح"، وسيسهم في زيادة الاحتقان لدى المسلمين، في حين اعتبر "المركز الفدرالي من أجل تساوي الحظوظ"، في بلجيكا، القرار "يحمل وضوحا قانونيا".
واستقبل رموز اليمين الفرنسي القرار بترحاب، فاعتبره فرانسوا فيون "عامل انسجام وسلام اجتماعيين"، وقال نيكولا دوبونت-إنيان، إنه قرار "يوقف نشر الإسلام داخل الشركات". أما جيلبرت كولار، المحامي المقرب من زعيمة اليمين المتشدد مارين لوبان، فعلق مبتهجا: "حتى محكمة العدل الأوروبية تصوّت على مارين لوبان".
وأبدت منظمة العفو الدولية أسفَها لأن القرار "يمنح لأرباب العمل أن يميزوا بين النساء والرجال على قاعدة اعتقاداتهم الدينية"، وهو موقف قريب من موقف الشبكة الأوروبية ضد العنصرية، التي رأت أن "القرار مثير جداً للقلق، لأنه يُقصي النساء المحجبات من العمل".