تونس تقاوم التوتر بمياه البحر

11 ابريل 2015
تونس من أهم الوجهات للعلاج بمياه البحر (العربي الجديد)
+ الخط -

تحافظ تونس على مرتبتها الثانية عالميا، من حيث عدد ومستوى الخدمات التي تقدمها المحطات العلاجية ومراكز الاستشفاء بمياه البحر، مما جعلها من أهم الوجهات التي يقصدها الأجانب والعرب من أجل العلاج والسياحة والنقاهة والترفيه.

ورغم المخاوف من تراجع الموسم السياحي بسبب العملية الإرهابية التي أودت بحياة 23 سائحا في متحف باردو، فإن تونس تأمل في المحافظة على استقطاب السياح في مجال الاستشفاء والعلاج بمياه البحر.

ولم تكتف تونس بتجربة العلاج بالمياه المعدنية، بل نجحت أيضا في اقتحام تجربة العلاج بمياه البحر الذي يستغل لعلاج مخلفات الوضع والولادة والتوتر النفسي والعصبي.

ويعود تاريخ العلاج بالمياه إلى عام 3000 قبل الميلاد، فقد كان لسكان تونس تقدير خاص للمياه على مر العصور، فاهتم الرومان بشبكات المياه، وتميزت الحمامات الساخنة بضخامة مساحتها وكانت تستخدم للأغراض الطبية، فيما اعتبر الإغريق العلاج بالمياه مصدرا للجمال، وكانت الحمامات ثروة لكل مدينة.

وكان اليونانيون من الأوائل في استعمال المياه المعدنية ومن تقاليدهم حسب المؤرخين تقديمهم الهدايا والقرابين وإقامة الولائم تقربا وتقديرا وعرفانا لآلهة المياه المعدنية الساخنة والطب.

المدير العام المساعد بالديوان الوطني للمياه المعدنية والاستشفاء بالمياه، رزيق الوسلاتي، قال لـ"العربي الجديد" إنّ قطاع الاستشفاء بمياه البحر شهد نسقا تصاعديا نظرا لوجود ثقافة متجذّرة في استعمال المياه المعدنية والحارة منذ العصور القديمة، كما أن تونس لديها مخزونات هامة من المياه المعدنية الحارة، تتميز بخصوصيات علاجية فائقة، وهو ما أثبتته جلّ البحوث والدراسات.

وقال إنّ الطلب على العلاج والاستشفاء بمياه البحر يشهد نمّوا مطردا على الصعيد العالمي وخصوصا في أوروبا، مضيفا أن تونس تستقبل ما بين 3 و4 ملايين سائح عربي من دول الجوار وتحديدا من الجزائر وليبيا، الذين يأتون خصيصا للحمامات التقليدية الساخنة.

السياحة العلاجية

وتستقبل تونس 150 ألف سائح سنويا للعلاج بمياه البحر، ولكنها تعمل حاليا على بلوغ 300 ألف سائح مع عام 2016.

ويؤكد الوسلاتي أنه يوجد أكثر من 46 حماماً استشفائياً بالمياه المعدنية في تونس، و18 نبعاً جوفياً حاراً، كما يوجد 60 مركزا للعلاج بمياه البحر في تونس، ويتم التركيز على جودة

الخدمات واتباع المواصفات العالمية في هذا المجال، كما تعتبر تجربة الديوان الوطني للمياه المعدنية التجربة الوحيدة في العالم التي تعنى بهيكلة نشاط الاستشفاء بمياه البحر أو المياه الحارة أو المعدنية.

ومن أشهر الحمامات في تونس، حمام بورقيبة وبني مطير وعين أقطر بقربص وبولعابة والسلوم وحمام ملاق والزريبة وسيدي أحمد زروق، وسيالة.. وتوجد عدة مدن استشفائية متكاملة في محافظات قابس ونابل وتوزر وسوسة وجربة، ويرتكز العلاج بمياه البحر على الشريط الساحلي.

ويضيف الوسلاتي: "من المتوقع أن يصل عدد الوافدين على مراكز الاستشفاء بمياه البحر في تونس إلى نحو 375 ألف وافد، في حدود سنة 2020، بطاقة استيعاب تقدر بـ130 وافدا يوميا لكل مركز استشفاء، بما سيرفع من قيمة العائدات المالية لهذا النشاط إلى حدود 204 ملايين دينار، إضافة إلى خلق 1725 فرصة عمل في القطاع بفضل 54 مركزا جديدا سيتم بعثها إلى حدود سنة 2020 ليرتفع عدد المراكز إلى حدود مائة مركز خلال الفترة نفسها".

وأوضح الوسلاتي أنّ النية تتجه إلى مزيد التسهيلات في هذا المجال، ومنها رفع التأشيرة عن الزوّار الراغبين في القدوم إلى تونس للعلاج بمياه البحر، وستكون أولى هذه التجارب مع روسيا، مما قد يقلص الإجراءات ويرفع الحواجز.

وأخيرا، سارع الديوان الوطني للمياه المعدنية والاستشفاء بالمياه إلى وضع خطة عاجلة لتجنب تداعيات العمليات الإرهابية على القطاع، فأرسل فريقا مختصا من خبرائه إلى فرنسا وتركيا وعدد من البلدان الأوروبية، للعمل على تشجيع السياح على القدوم، هذا بالإضافة إلى استغلال وسائل ااإتصال الحديثة وتدشين مواقع إلكترونية أعدت للغرض، كما سيتم قريبا وضع لافتات إشهارية إلكترونية بالمطارات الكبرى.

وتعتبر السوق الفرنسية والإيطالية والسويسرية من أهم الأسواق في مجال العلاج بمياه البحر، رغم أن السوق السويسرية تراجعت في السنوات الأخيرة، لكن تأمل تونس في استعادتها، هذا إلى جانب اقتحام أسواق جديدة.

العلاج بمياه البحر

في السياق ذاته، يشير بعض المختصين في مجال العلاج بمياه البحر لـ"العربي الجديد"، إلى أن مياه البحر تساعد في علاج أمراض العصر كالكآبة والضغط النفسي، التي تنامت بسبب

الضغوطات اليومية ونسق الحياة السريع، إلى جانب معالجة مرض السمنة وآلام المفاصل وأمراض البرد والروماتيزم والالتهابات العظمية والمفصلية وروماتيزم العضلات الليفي والتهاب الأعصاب ومرض النقرس المزمن المعروف بداء الملوك.


إضافة إلى علاج أمراض الجهاز التنفسي، ومنها التهاب الجيوب الأنفية والشعب الهوائية والربو المزمن، وعدد من الأمراض الجلدية مثل الجرب والأكزيما والصدفية، وبعض أمراض العيون.

كما يساعد العلاج بمياه البحر في تنشيط الدورة الدموية وإزالة السموم عن طريق الغدد وتخفيض الوزن وآلام الظهر والمفاصل وتخفيف جهد عضلة القلب، كما ينشط عملية الهضم ويزيد كفاءة جهاز المناعة، وهو يعتبر علاجاً تكميليا لبعض التدخلات الجراحية وللنساء بعد الوضع، وعلاجاً وقائياً لحماية صحة الفرد من التدهور.

وأثبت التحاليل الطبية أن لكل محطة استشفائية في تونس تركيبتها الفيزيوكيميائية الخاصة، كما تعتبر الينابيع الجوفية الحارة ذات خصائص كيميائية وحرارية ومغناطيسية مميزة.

وأثبتت تحاليل كيميائية قام بها عدد من الباحثين التونسيين، أن مياه عدد من الينابيع الجبلية خالية من المعادن الحمضية وغنية جدا بمضادات الأكسدة والأوكسيجين الزائد، مما يجعلها ذات قدرة كبيرة على معادلة وإزالة الفضلات الحمضية السامة التي تعتبر من الأسباب الرئيسية للشيخوخة ولأمراض كبار السن. 

وتجدر الإشارة إلى أن ثلث التونسيين يزورون مراكز العلاج بالمياه المعدنية والحارة سنويا، إلى جانب أكثر من 150 ألف سائح من الدول العربية والأوروبية.

اقرأ أيضا:
الوحل الطبي: طين البحر الميت علاج سحري

المساهمون