وقالت حليمة محمد، من مواليد 1940، لـ"العربي الجديد"، إن "حلم التعلم تحقق أخيرا بعد أن راودني لعقود. كان حلمي أن أصبح طالبة تحمل الكتب إلى المدرسة. جميل أن أحصل الأن على شهادة بعد هذا العمر. لا يمكن وصف سعادتي بتعلم القراءة والكتابة".
وتابعت "والدي رحمه الله لم يرسلني إلى المدرسة. كنا نعيش في قرية، وبعدها انتقلنا إلى كركوك، ثم تزوجت وصار عندي أولاد، وشغلتني الحياة. لكن ظل الحلم حاضرا طوال الوقت. الأن أقرأ وأكتب وأعرف الحساب. وأجمل شيء كان ذهابي إلى المدرسة وجلوسي في الصف والاستماع للدرس. هذه مشاعر جميلة جدا".
وتؤكد الجدة العراقية: "حققت حلمي في عمر 78 سنة، ولبست (روب) التخرج كما يفعل خريجو الكليات. تعلمت وبدأت قراءة الكتب وأسماء الأدوية، وقبل كل شيء القرآن"، مشيرةً إلى أن "التعلم يخرج الإنسان من الظلام إلى النور، ويجعل منه شخصا مختلفا يناقش ويستمع، ورغم كبر سني إلا أني عازمة على الاستمرار في استكمال تعليمي".
وترعى السلطات العراقية بدعم من الأمم المتحدة دورات محو الأمية في البلاد بعد ارتفاعها بشكل كبير عقب الاحتلال الأميركي للبلاد، وتعد السيدة حليمة أكبر عراقية تتخرج من تلك الدورات في البلاد منذ تخرج العراقية خالدة محمد (66 سنة) عام 2011.
وقال مدير عام دائرة التربية والتعليم في كركوك، عبد علي حسين، إن "تربية كركوك تسعى من خلال مشروع محو الأمية لنشر التعليم، وخاصة بين الذين لم يلتحقوا بالمدرسة من مختلف الأعمار"، مبيناً أن "وجود كبار السن بين المتعلمين حافز للشباب والمراهقين بالعودة للتعلم مرة أخرى".
ووصفت منال عمر، المدرسة في مركز محو الأمية بكركوك، السيدة حليمة بأنها مجتهدة،
وأضافت لـ"العربي الجديد"، أنها "كانت تواظب على حضور الدروس، وتسأل بشكل متكرر، وتشجع الآخرين، وكانت طاقة إيجابية حقيقية في الصف. حتى أنني شعرت بسببها أن علي أن أستكمل دراسة درجة الماجستير".
وقالت الدارسة في المركز، خديجة خلف (11 سنة) إن "مراكز محو الأمية ساعدنا على استكمال دراستنا بعد أن تركنا الدراسة عند سيطرة تنظيم داعش على منطقتنا، عودتنا إلى المدرسة كانت أشبه بالحلم، واليوم أنهينا مرحلة جديدة بعد أن نلنا شهادة السادس الابتدائي".