ليس الإنسان وحده ابن بيئته. بل كلّ المخلوقات تتفاعل تأثيراً وتأثراً بالبيئة الحاضنة لها، أو تلك التي تجد نفسها فيها. ومن أجل تأمين الحصول على الغذاء، والعيش في أمان من أيّ عدو فإنها تتكيف مع بيئتها، وفقاً لمفهوم التكيف الذي يعني التحوّر في سلوك الكائن الحي، أو تركيب جسمه، أو وظائفه الحيوية حتى يصبح أكثر قدرة على العيش والتوالد.
لدينا في السودان طائر نسميه "أبو تكو" لعله من فصيلة القرّاع أو نقّار الخشب. إلا أنه يتميّز بمنقار أطول يشبه الساطور أو ما يعرف بالـ"تكو" في إحدى اللهجات المحلية، ومن هنا جاءت تسميته. وقد اشتهر هذا الطائر بأسلوب غريب فى حياته وفي سلطته على أسرته، حتى صار مثلاً في الحكم الجائر، فيقال: "حكم أبو تكو". هذا الطائر ينتف ريش أنثاه كله حين تضع البيض، ليصنع منه فراشاً في بيته الخشبي، ثم يقفل المدخل إلّا من فتحة صغيرة يدخل منها منقاره الحامل للغذاء. ويظل يطعمها حتى يخرج الصغار من البيض، حينها تكون الأنثى قد أنبتت ريشاً جديداً، مثلها مثل صغارها، فيفتح لها لتحلق مع صغارها.
لكن ماذا حدث للطائر بعد التحولات الكبيرة التي طرأت على بيئته وهددت بقاءه؟
يقول المتابعون من الخبراء إنّ الطائر مثله مثل العديد من الطيور والحيوانات قد بدّل عاداته، فلم يعد يحفر بيته في جذوع الأشجار لتناقص أعدادها. وبعدما أصبحت الأشجار الصامدة معرّضة للقطع في أي لحظة، خصوصاً أنّ موئله الأنسب هو الغابات ذات الأشجار القديمة أو الميتة، بات يبني عشه على الأرض بين الشجيرات والصخور. وبعدما تناقص غذاؤه المكوّن من الحشرات الصغيرة والديدان والخنافس بفعل الإكثار من استخدام المبيدات، وعوامل أخرى، سمح لأنثاه بالحركة بحثاً عن الغذاء. كما بات عليه أن يمارس صنوفاً جديدة من تكتيكات الدفاع عن نفسه وعن صغاره.
هذا السلوك يشبّهه البعض بعمليات "توفيق الأوضاع" التي تفرض على التنظيمات المدنية حتى تتواءم مع المتغيرات السياسية في البلدان النامية. وهي ظاهرة من ضمن ظواهر عديدة يعزوها العلماء إلى تغير المناخ، منها ظاهرة تدفق الطيور نحو القطبين الشمالي والجنوبي، والصعود إلى مناطق مرتفعة، من أجل تهيئة وتعديل بيئاتها الطبيعية بحسب دراسة حديثة أشارت إليها صحيفة "ذي غارديان" البريطانية. وفيها يؤكد الباحث في الحياة الطبيعية وخبير الطيور تريس الينسون أنّ "الناس ينظرون إلى تغير المناخ على أنه شيء على وشك الحدوث، لكن الإشارات التي تلقيناها من الطيور تشير إلى تغييرات كبيرة وعميقة تحدث بالفعل".
*متخصص في شؤون البيئة
اقرأ أيضاً: حِكَم نستخلصها من الطيور (2/2)
لدينا في السودان طائر نسميه "أبو تكو" لعله من فصيلة القرّاع أو نقّار الخشب. إلا أنه يتميّز بمنقار أطول يشبه الساطور أو ما يعرف بالـ"تكو" في إحدى اللهجات المحلية، ومن هنا جاءت تسميته. وقد اشتهر هذا الطائر بأسلوب غريب فى حياته وفي سلطته على أسرته، حتى صار مثلاً في الحكم الجائر، فيقال: "حكم أبو تكو". هذا الطائر ينتف ريش أنثاه كله حين تضع البيض، ليصنع منه فراشاً في بيته الخشبي، ثم يقفل المدخل إلّا من فتحة صغيرة يدخل منها منقاره الحامل للغذاء. ويظل يطعمها حتى يخرج الصغار من البيض، حينها تكون الأنثى قد أنبتت ريشاً جديداً، مثلها مثل صغارها، فيفتح لها لتحلق مع صغارها.
لكن ماذا حدث للطائر بعد التحولات الكبيرة التي طرأت على بيئته وهددت بقاءه؟
يقول المتابعون من الخبراء إنّ الطائر مثله مثل العديد من الطيور والحيوانات قد بدّل عاداته، فلم يعد يحفر بيته في جذوع الأشجار لتناقص أعدادها. وبعدما أصبحت الأشجار الصامدة معرّضة للقطع في أي لحظة، خصوصاً أنّ موئله الأنسب هو الغابات ذات الأشجار القديمة أو الميتة، بات يبني عشه على الأرض بين الشجيرات والصخور. وبعدما تناقص غذاؤه المكوّن من الحشرات الصغيرة والديدان والخنافس بفعل الإكثار من استخدام المبيدات، وعوامل أخرى، سمح لأنثاه بالحركة بحثاً عن الغذاء. كما بات عليه أن يمارس صنوفاً جديدة من تكتيكات الدفاع عن نفسه وعن صغاره.
هذا السلوك يشبّهه البعض بعمليات "توفيق الأوضاع" التي تفرض على التنظيمات المدنية حتى تتواءم مع المتغيرات السياسية في البلدان النامية. وهي ظاهرة من ضمن ظواهر عديدة يعزوها العلماء إلى تغير المناخ، منها ظاهرة تدفق الطيور نحو القطبين الشمالي والجنوبي، والصعود إلى مناطق مرتفعة، من أجل تهيئة وتعديل بيئاتها الطبيعية بحسب دراسة حديثة أشارت إليها صحيفة "ذي غارديان" البريطانية. وفيها يؤكد الباحث في الحياة الطبيعية وخبير الطيور تريس الينسون أنّ "الناس ينظرون إلى تغير المناخ على أنه شيء على وشك الحدوث، لكن الإشارات التي تلقيناها من الطيور تشير إلى تغييرات كبيرة وعميقة تحدث بالفعل".
*متخصص في شؤون البيئة
اقرأ أيضاً: حِكَم نستخلصها من الطيور (2/2)