وقد تحول بالنسبة إليهم جرار إلى أسطورة قضّت مضاجع الاحتلال الإسرائيلي ودفعت بعديد قواته ووحداته الخاصة ونخبه العسكرية إلى مطاردة مقاوم، واجه وحده أعتى دولة في المنطقة ومرّغ في التراب هيبتها.
في أسواق القدس العتيقة التي يعاني تجارها من الركود التجاري بفعل إجراءات الاحتلال، كان الجميع متسمرا أمام شاشات التلفزة يتابع الأنباء الواردة من جنين. كانت مشاعرهم مزيجا من الحزن على الشهيد الذي دفع بدولة الاحتلال إلى إرسال المئات من جنودها لتعقبه وفشلوا أكثر من مرة، قبل أن يتمكنوا منه، وقد أجمع معظمهم على أن الاحتلال ما كان لينال منه لولا مساعدة قدمت إليه من عملائه ومعاونيه.
يقول أحد التجار الذي اكتفى بالإشارة إلى اسمه برمز م. الزغير، لـ"العربي الجديد": "بالنسبة لنا أحمد كان أسطورة في شجاعته وفي إقدامه وقدرته على إلحاق الخسائر بالاحتلال.. كان شجاعا بطلا.. وهو خير خلف لخير سلف.. فوالده شهيد أيضا".
الشارع المقدسي الذي استيقظ اليوم، على الأنباء التي توالت باستشهاد جرار سادتْه أجواء الحزن الممزوجة الغضب. بعضهم تساءل عن الكيفية التي وصل بها الاحتلال إلى الشهيد في مبنى كان مقرا للأمن الوطني الفلسطيني كما قيل. هل حصل الاحتلال على خدمة مجانية قدمت له لتمكنه من الشهيد؟ فيما تباهي قادته وزعماؤه بما سموه "تصفية" المطلوب رقم واحد، و"إغلاق الحساب معه"؟
في تدوينة له على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" كتب الشيخ المقدسي نور الرجبي متسائلا: "مش عارف كيف يكتشف الاحتلال من يتخفى بين أهله وربعه؟".
ولم يتأخر الجواب لدى من يتابعون الشيخ الرجبي، حيث كتب الناشط أنس أبو قديح من قطاع غزة يقول: "ألم يوجد بيننا أبي رغال (أحد رموز الخيانة) وتلاميذه..؟...". في حين رد آخر وهو مسعود أبو دية على تساؤل الرجبي بالقول: "سوسة الخشب منه فيه".
في حين، علّق سمير أيوب سالم على ما جرى اليوم بقوله: "بكل الأحوال أحمد انتصر.. اذا عايش انتصر لكونه شخصا واحدا حارب وقاوم ضد آلاف الكلاب وكان سبب رعبهم وخوفهم لشهر كامل .. واذا استشهد ما في أحلى من هيك انتصار.. فطورك بالجنة ... نيالك".
في شارع صلاح الدين بالقدس المحتلة، كانت الأنباء المتواترة عن استشهاد جرار تحشد المقدسيين في مجموعات سواء عند أبواب محلاتهم التجارية، أو على قارعة الطريق قبالة مبنى البريد المركزي، حيث مقر لشرطة الاحتلال هناك، بينما تابع مواطنون في صالون الحلاقة الخاص بعائلة الوعري التغطية المباشرة من اليامون والتي كانت تبثها قنوات تلفزيونية مثل: "القدس"، و"الأقصى"، و"فلسطين اليوم".
بالنسبة لأحد المواطنين المقدسيين وهو عبد الله أبو غربية، لم يكن بمستطاعه تصديق الأنباء عن استشهاد جرار. قال لـ"العربي الجديد": "خلينا نستنّا شوي.. أكيد أحمد حيّ.. ". هنا يتدخل آخر ليقول: "شاهدنا جثة لشهيد. لكن لم يتم تأكيد إن كانت لأحمد أم لا..". في حين عبّر ناصر الوعري عن غضب مكتوم في قلبه كما العديد من المواطنين المقدسيين صادفناهم، واتهموا العملاء والمتعاونين بالإرشاد عن مكان تواجد الشهيد، ولولا هؤلاء المتعاونون لما كانوا وصلوا إليه.
يقول الشاب نادر النتشة لـ"العربي الجديد": "للشهيد أحمد جرار الجنة.. عاش مقاوما وارتقى شهيدا.. فضل من الله ونعمة، نرجو أن يرزقنا الشهادة أيضا". أما المواطنة نعمة خضر من سكان رأس العامود في القدس، فتوجهت لأم الشهيد جرار بالتبريك باستشهاد نجلها.. وقالت لـ"العربي الجديد": "أحمد شهيد القدس. وشهيد فلسطين كلها.. ربنا يبارك له بالشهادة".
كاميرا "العربي الجديد" جالت في محيط المكان الذي استشهد فيه أحمد جرار، وكان للجيران كلمات في رثائه، شاهد الفيديو: