يغضب الفتى، تلميذ الصف الثانوي الثاني، مدافعاً عن والديه والأسرة التي كوّناها، وهو جزء منها، إذ يتخذه مدرّس علم الاجتماع مثلاً، للدلالة على "مساوئ زيادة عدد الأبناء والبنات في الأسرة". كان المدرّس يربط ما بين الأزمات الاقتصادية المتلاحقة، بما فيها من نموّ بطيء، وبطالة، وثبات في الدخل لدى العاملين، وتدهور في سعر صرف العملة المحلية، وتراجع في القدرة الشرائية، من جهة، والزواج والإنجاب بكثرة في المقابل.
تشاجر الفتى مع مدرّسه، مؤكداً أنّ للأسرة الكبيرة، فوائدها أيضاً، كما في حال أسرته التي يعيش فيها مع والديه، وسبعة أشقاء وشقيقات. وكانت حجته أنّ شقيقيه الأكبر وقد تخرجا قبل سنوات، يساعدان الوالد في إعالة الأسرة. لكنّه حال ذهابه إلى المنزل، تشاجر مع والديه هذه المرة، محتجاً بربط المدرّس ما بين قدرتهم الشرائية الضعيفة وعددهم الكبير، خصوصاً أنّ شقيقيه الأصغر يبلغان خمس سنوات وستاً لا أكثر، فيما يبلغ شقيقاه الأكبر سبعة وعشرين عاماً وخمسة وعشرين. أضاف على ربط مدرّسه مقارنة بسيطة أجراها أمام والديه بين حالهم، هم الذين لا يتمكنون من الحصول على كثير من احتياجاتهم، وحال صديق له، لم ينجب والداه غيره مع شقيقته، ولطالما كان يحصل على ما يشاء، من دون أن يضطر إلى العمل صيفاً، أو حتى شتاء في فترة ما بعد الدوام المدرسي، كما حصل له ولأشقائه الأكبر. بدا أقرب إلى الاقتناع بما قال مدرّسه وإن قرر ألاّ يعترف له بذلك، فالمسألة هنا مختلفة وترتبط بإهانته باتخاذه مثلاً، وطالما أنّ المدرّس لم يأمره بمراجعة الإدارة، فسيتفادى أيّ جدال لاحق معه.
اقــرأ أيضاً
الزواج وقرار الإنجاب مرتبطان بالتأكيد بالمال. لكنّ معظم الناس يتعاملون مع الواقع بنوع من الآمال الكبيرة. لست هنا أستعرض الرائج من أقوال تسكن في المخيال الشعبي عن "رزقة تأتي مع المولود" بل أشير إلى أنّ كثيرين غير قادرين على إدارة مواردهم، والتخطيط لمستقبلهم وفقاً لما يتوفر لديهم من مال، سواء كان ذلك على مستوى إضافة فرد آخر إلى الأسرة، أو على مستوى الغرق في قروض السيارات والبيوت والتعليم والكماليات حتى؛ تلك القروض التي دأبت المصارف التجارية على إغراء العملاء الأضعف دخلاً بها.
وفي واقع الأمور، لا تحتاج المسألة بالتأكيد، إلى كثير من التنظير، للإشارة إلى أنّ البطالة وضعف الدخل وأزمة السكن، كلّها تؤخر سنّ الزواج، وتدفع إجبارياً نحو العنوسة، إلى جانب عوامل ثقافية - اجتماعية ثانوية. عندها، يصبح مفهوماً كلام أيمن، العامل في فرن المناقيش في الحيّ، حين يعرض عليه أحد الزبائن خبراً عن فوز شاب باللوتو، وما الذي سيفعله هو بالذات بالمبلغ إن فاز يوماً ما، فيجيب: "سأتزوج وأنجب خمسة أولاد".
تشاجر الفتى مع مدرّسه، مؤكداً أنّ للأسرة الكبيرة، فوائدها أيضاً، كما في حال أسرته التي يعيش فيها مع والديه، وسبعة أشقاء وشقيقات. وكانت حجته أنّ شقيقيه الأكبر وقد تخرجا قبل سنوات، يساعدان الوالد في إعالة الأسرة. لكنّه حال ذهابه إلى المنزل، تشاجر مع والديه هذه المرة، محتجاً بربط المدرّس ما بين قدرتهم الشرائية الضعيفة وعددهم الكبير، خصوصاً أنّ شقيقيه الأصغر يبلغان خمس سنوات وستاً لا أكثر، فيما يبلغ شقيقاه الأكبر سبعة وعشرين عاماً وخمسة وعشرين. أضاف على ربط مدرّسه مقارنة بسيطة أجراها أمام والديه بين حالهم، هم الذين لا يتمكنون من الحصول على كثير من احتياجاتهم، وحال صديق له، لم ينجب والداه غيره مع شقيقته، ولطالما كان يحصل على ما يشاء، من دون أن يضطر إلى العمل صيفاً، أو حتى شتاء في فترة ما بعد الدوام المدرسي، كما حصل له ولأشقائه الأكبر. بدا أقرب إلى الاقتناع بما قال مدرّسه وإن قرر ألاّ يعترف له بذلك، فالمسألة هنا مختلفة وترتبط بإهانته باتخاذه مثلاً، وطالما أنّ المدرّس لم يأمره بمراجعة الإدارة، فسيتفادى أيّ جدال لاحق معه.
الزواج وقرار الإنجاب مرتبطان بالتأكيد بالمال. لكنّ معظم الناس يتعاملون مع الواقع بنوع من الآمال الكبيرة. لست هنا أستعرض الرائج من أقوال تسكن في المخيال الشعبي عن "رزقة تأتي مع المولود" بل أشير إلى أنّ كثيرين غير قادرين على إدارة مواردهم، والتخطيط لمستقبلهم وفقاً لما يتوفر لديهم من مال، سواء كان ذلك على مستوى إضافة فرد آخر إلى الأسرة، أو على مستوى الغرق في قروض السيارات والبيوت والتعليم والكماليات حتى؛ تلك القروض التي دأبت المصارف التجارية على إغراء العملاء الأضعف دخلاً بها.
وفي واقع الأمور، لا تحتاج المسألة بالتأكيد، إلى كثير من التنظير، للإشارة إلى أنّ البطالة وضعف الدخل وأزمة السكن، كلّها تؤخر سنّ الزواج، وتدفع إجبارياً نحو العنوسة، إلى جانب عوامل ثقافية - اجتماعية ثانوية. عندها، يصبح مفهوماً كلام أيمن، العامل في فرن المناقيش في الحيّ، حين يعرض عليه أحد الزبائن خبراً عن فوز شاب باللوتو، وما الذي سيفعله هو بالذات بالمبلغ إن فاز يوماً ما، فيجيب: "سأتزوج وأنجب خمسة أولاد".