"صوتك سلاح شرعي". ويترافق الشعار الانتخابيّ مع صورة لمسدّس من ورق. لا يهمّ إن كان المسدّس من ورق أو بلاستيك أو حديد أو أيّ مادة أخرى. الصورة هي لمسدّس، وهذا أمر يكفي.
على طرقات كثيرة في مناطق لبنانيّة مختلفة، رُفِع هذا الشعار. هو شعار خاص بالانتخابات النيابيّة اللبنانيّة المزمع إجراؤها في السادس من مايو/ أيار المقبل. والفريق رافع هذا الشعار أراد توصيل رسالة محدّدة إلى فريق لبنانيّ بعينه. بعيداً عمّا يرمي إليه، تجدر الإشارة إلى أنّه كان واحداً من أطراف كثيرة حملت السلاح خلال الحرب اللبنانيّة. لسنا هنا في وارد تناول ذلك الفريق ولا تلك الأطراف، بل ما يثير القلق وهو السلاح الظاهر في سياق الحملة الانتخابيّة.
هذا السلاح، ولو كان ورقياً، يثير الاستهجان. لا بدّ من أن يفعل. تختلف دوافع الاستهجان، غير أنّه يبقى شعوراً عارماً بالشجب. من جهة، كثيرون لم تندمل بعد جراحهم التي خلّفها سلاح الحرب اللبنانيّة، في أيّ يد كان. من جهة أخرى، ثمّة محاولات كثيرة لنبذ ثقافة السلاح، بعيداً عن الحرب. ويأتي ذلك من منطلقات عدّة، لعلّ أحدها تربويّ.
اقــرأ أيضاً
قبل سنوات طويلة، كانت "الحرب" واحدة من ألعابنا... نحن الصغار حينها. وكانت البيوت لا تخلو من مسدسات وبنادق من البلاستيك، وأحياناً من مواد أخرى أكثر صلابة. في الأعياد والمناسبات، اعتاد الأهل والأصدقاء إهداء الأطفال، الفتيان خصوصاً، مثل تلك الأسلحة. وهؤلاء الصغار اعتادوا لعبة "الحرب". الطفل يحاول التماهي مع محيطه، فيلعب "المدرسة" و"زيارة الطبيب" و"السوق" وغيرها. في ذلك الزمن، كانت الحرب الحدث الأبرز، ورحنا نلعبها بغضّ النظر إن كنّا فتياناً أو فتيات.
تعود بنادق خشبيّة إلى الذاكرة. نحن صنعناها، بمساعدة الكبار بالتأكيد، إذ إنّ الأمر كان يستدعي غرز مسامير لتثبيت أجزائها بعضها ببعض. صنعناها وحملناها ورحنا نتمركز في نقاط محدّدة تمتدّ بين ساحة المنزل الجبليّ وساحة منزل الجيران المقابل. سطحا المنزلَين شكّلا كذلك مساحة لحربنا تلك، عندما لم تكن أسلحة الحرب الحقيقيّة تتهدّدنا. في وقت لاحق، وُضِعت تلك البنادق جانباً، وقد انتهت لعبة الحرب الحقيقيّة أو هكذا يظنّ كثيرون.
خلال السنوات الأخيرة، سُجّل توجّه عالميّ واسع قال به متخصّصون نفسيّون واجتماعيّون وتربويّون، يقضي بالابتعاد عن الألعاب التي تأتي على شكل أسلحة. هؤلاء أكّدوا أنّ الترويج لمثل تلك الألعاب يشجّع الصغار على العنف والعدائيّة. هؤلاء المتخصّصون لم يشيروا إلى شكل السلاح في حملات انتخابيّة، لكن دعونا نتخيّل الأمر في بلاد حيث السلاح ثقافة متجذّرة، في بلاد حيث السلاح الفرديّ متفلّت، في بلاد لم تندمل بعد جراحها من جرّاء حرب أدمتها طويلاً وما زالت تجرجر مآسيها.
على طرقات كثيرة في مناطق لبنانيّة مختلفة، رُفِع هذا الشعار. هو شعار خاص بالانتخابات النيابيّة اللبنانيّة المزمع إجراؤها في السادس من مايو/ أيار المقبل. والفريق رافع هذا الشعار أراد توصيل رسالة محدّدة إلى فريق لبنانيّ بعينه. بعيداً عمّا يرمي إليه، تجدر الإشارة إلى أنّه كان واحداً من أطراف كثيرة حملت السلاح خلال الحرب اللبنانيّة. لسنا هنا في وارد تناول ذلك الفريق ولا تلك الأطراف، بل ما يثير القلق وهو السلاح الظاهر في سياق الحملة الانتخابيّة.
هذا السلاح، ولو كان ورقياً، يثير الاستهجان. لا بدّ من أن يفعل. تختلف دوافع الاستهجان، غير أنّه يبقى شعوراً عارماً بالشجب. من جهة، كثيرون لم تندمل بعد جراحهم التي خلّفها سلاح الحرب اللبنانيّة، في أيّ يد كان. من جهة أخرى، ثمّة محاولات كثيرة لنبذ ثقافة السلاح، بعيداً عن الحرب. ويأتي ذلك من منطلقات عدّة، لعلّ أحدها تربويّ.
قبل سنوات طويلة، كانت "الحرب" واحدة من ألعابنا... نحن الصغار حينها. وكانت البيوت لا تخلو من مسدسات وبنادق من البلاستيك، وأحياناً من مواد أخرى أكثر صلابة. في الأعياد والمناسبات، اعتاد الأهل والأصدقاء إهداء الأطفال، الفتيان خصوصاً، مثل تلك الأسلحة. وهؤلاء الصغار اعتادوا لعبة "الحرب". الطفل يحاول التماهي مع محيطه، فيلعب "المدرسة" و"زيارة الطبيب" و"السوق" وغيرها. في ذلك الزمن، كانت الحرب الحدث الأبرز، ورحنا نلعبها بغضّ النظر إن كنّا فتياناً أو فتيات.
تعود بنادق خشبيّة إلى الذاكرة. نحن صنعناها، بمساعدة الكبار بالتأكيد، إذ إنّ الأمر كان يستدعي غرز مسامير لتثبيت أجزائها بعضها ببعض. صنعناها وحملناها ورحنا نتمركز في نقاط محدّدة تمتدّ بين ساحة المنزل الجبليّ وساحة منزل الجيران المقابل. سطحا المنزلَين شكّلا كذلك مساحة لحربنا تلك، عندما لم تكن أسلحة الحرب الحقيقيّة تتهدّدنا. في وقت لاحق، وُضِعت تلك البنادق جانباً، وقد انتهت لعبة الحرب الحقيقيّة أو هكذا يظنّ كثيرون.
خلال السنوات الأخيرة، سُجّل توجّه عالميّ واسع قال به متخصّصون نفسيّون واجتماعيّون وتربويّون، يقضي بالابتعاد عن الألعاب التي تأتي على شكل أسلحة. هؤلاء أكّدوا أنّ الترويج لمثل تلك الألعاب يشجّع الصغار على العنف والعدائيّة. هؤلاء المتخصّصون لم يشيروا إلى شكل السلاح في حملات انتخابيّة، لكن دعونا نتخيّل الأمر في بلاد حيث السلاح ثقافة متجذّرة، في بلاد حيث السلاح الفرديّ متفلّت، في بلاد لم تندمل بعد جراحها من جرّاء حرب أدمتها طويلاً وما زالت تجرجر مآسيها.