من بين 37 مليون عراقي يوجد أكثر من 1.5 مليون صاحب إعاقة موزعين في عموم مدن البلاد. احتلت بغداد ونينوى والبصرة والأنبار وذي قار وديالى مراكز الصدارة من بين مدن محافظات البلاد الــ18 بحسب ما كشف عنه مسؤولون في وزارة التخطيط والصحة العراقية لـ"العربي الجديد".
وأوضح المسؤولون في الوزارة أن ما معدله 50 شخصا يضافون شهرياً إلى قائمة المعاقين بسبب ألغام تنظيم "داعش" الإرهابي ومتفجراته في المدن العراقية المحررة شمال وغرب البلاد بينهم أطفال ونساء.
ويعتبر الرقم المعلن حالياً الأعلى بالعراق لغاية اليوم، إذ سبق لوزارة التخطيط العراقية الإعلان عن عدد ذوي الإعاقة المسجلين لديها حتى منتصف العام الماضي 2017 بواقع مليون و375 ألف شخص، وحال احتلال "داعش" لبعض المناطق في البلاد دون إجراء المسح اللازم لحصر أعداد الإعاقات فيها.
وذكر مسؤول عراقي في بغداد بوزارة التخطيط اليوم الأحد، أن عدد ذوي الإعاقة في البلاد يقترب من حاجز المليون و600 ألف عراقي، وأن نحو 70 بالمائة منهم أصيبوا بالإعاقات نتيجة الحروب والمعارك والعمليات الإرهابية التي مر بها العراق في العقود الثلاثة الماضية، وإن النسبة المتبقية هي إعاقات خلقية أو نتيجة حوادث.
وأكد المسؤول لـ"العربي الجديد"، أن العدد ارتفع عن العام السابق الذي سجل مليونا و375 بسبب مسح مناطق جديدة كانت تحت سيطرة "داعش".
ولفت المسؤول ذاته مفضلاً عدم الكشف عن اسمه إلى أن "ثلث المعاقين فقط يتلقون مساعدات من الدولة وهي عبارة عن مرتبات شهرية بسيطة، أما الباقون فما زالوا يحاولون الحصول على ذلك منذ سنوات".
ولفت إلى أن ما معدله 50 عراقيا يصاب شهريا بإعاقة بسبب مخلفات "داعش" من العبوات الناسفة والمتفجرات والكمائن والفخاخ في الأنبار ونينوى وديالى وصلاح الدين وكركوك وحزام بغداد، وغالبيتهم من القرويين أو أفراد الأمن العاملين في تلك المناطق.
ويقدر عدد الألغام والمواد المنفلقة المزروعة في العراق بأكثر من 25 مليون لغم غالبيتها على الحدود العراقية الإيرانية على امتداد 1450 كلم بين البلدين، زرعها العراق لمنع تسلل الإيرانيين إلى أراضيه خلال حرب الثماني سنوات 1980 ولغاية 1988.
وقال رئيس منظمة الرافدين المختصة في مجال رفع المتفجرات حسين الربيعي لـ "العربي الجديد"، إن "المتفجرات ما زالت تعتبر الخطر الأكبر على أرواح المدنيين في المناطق المحررة، وإن المتفجرات التي تركها تنظيم "داعش" الإرهابي لا تقل خطورتها عن الحرب التي شنها التنظيم، الذي ترك وراءه آلاف الأطنان من المتفجرات التي كان يزرعها لمنع توغل القوات العراقية في مناطق سيطرته"، مبينا أن "ظل "داعش" رغم ما زال يقتل المدنيين أو يصيبهم بإعاقة".
عضو منظمة رعاية المعاقين التابعة لشبكة منظمات المجتمع المدني العراقية محمد أيوب، أوضح لـ"العربي الجديد" بأن نسبة المعاقين من الذكور تبلغ نحو 60 بالمائة، مشيراً إلى الآثار النفسية التي يعانيها المصابون بإعاقات خصوصاً الإناث منهم.
وأضاف أن "الأزمة المالية ألقت بظلالها على هذه الشريحة، وبات الدعم المقدم لهم من الحكومة أقل بالتأكيد، لكنه ليس تقصيرا متعمدا منها"، لافتا إلى أن "العراق بحاجة إلى مستشفى متكامل لرعاية المعاقين وتأهيلهم جسديا ونفسيا، وبناء مصانع للأطراف الصناعية بدلاً من الاعتماد على الأطراف المستوردة من الصين وإيران، والتي تكون عادة غير مناسبة".
وبيّن أن "نحو 5 بالمائة من الشعب يعاني من إعاقات تتطلب برامج وطنية لمعالجتها، لكن المرشحين غابت عن شعاراتهم الرنانة هذه الشريحة كونها مهملة فعلا".
زكي مردان علي، أصيب قبل عامين بانفجار لغم في منطقة مندلي شرق بغداد ضمن محافظة ديالى، قال لـ "العربي الجديد"، إنه سيعطي صوته لمن يوفر له كرسيا كهربائيا يمكنه من الوصول إلى المقهى دون الحاجة لانتظار عودة ابنه من المدرسة كي يوصله إليه.
وأضاف "فقدت ساقي الاثنتين وأريد أن أشعر بالحرية، أريد أن أتحرك وأذهب متى ما أريد. أحاول الحصول على كرسي كهربائي لكن سعره عال جدا بالنسبة لأمثالي، والدولة لا توفره. آمل أن يوفره لي مرشح مقابل منحه صوتي في الانتخابات".
أحد العاملين في مجال نزع المتفجرات وتطهير المناطق المحررة في العراق، أسعد الجبوري، يقول لـ"العربي الجديد " إن "نقص الأجهزة الحديثة لكشف المتفجرات والعمل بالطرق التقليدية ما زال يتسبب بخسائر في صفوف المدنيين والعاملين على نزع المتفجرات، لهذا نحتاج إلى الخبرات الدولية والأجهزة المتطورة في كشف وإزالة المتفجرات حتى نتمكن من تنظيف أحياء المدينة تمهيداً لإعادة الأهالي، رغم الدمار الهائل الذي لحق بها".