الإقبال المتزايد على المدارس الأهلية بالعراق.. دليل ضعف إمكانيات وزارة التربية
أدى تراجع الواقع التعليمي والخدماتي في المدارس الحكومية العراقية خلال السنوات الأخيرة إلى انتشار الآلاف من المدارس الأهلية في عموم مدن ومحافظات البلاد، إذ سجلت إقبالا واسعا من طرف أولياء الأمور الذين يعتبرون المبالغ المالية التي ينفقونها غير مهمة مقابل تعليم جيد لأبنائهم.
وتفتقر المدارس الحكومية العراقية إلى التعليم الجيد رغم وفرة المدرسين والمعلمين فيها، إضافة إلى تردي البنى التحتية فيها، من مقاعد ووسائل إيضاح ومرافق صحية مختلفة، وهو ما توفره المدارس الأهلية بشكل أفضل بكثير من المدارس الحكومية.
وفي السياق، يقول رئيس رابطة المدارس الأهلية في العراق، الدكتور وليد حسن علي الخفاجي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "البلاد تعاني اليوم من الزخم الكبير في أعداد طلاب المدارس الحكومية، نتيجة قلة المباني الدراسية، حتى باتت هناك ثلاث حصص دراسية: صباحا وظهرا ومساءً".
ويضيف الخفاجي: "عدم توفير الخدمات التعليمية الأساسية لطلاب المدارس الحكومية، من تأخير الكتاب المدرسي وتغير المناهج وعدم تطوير الكوادر التعليمية، إضافة إلى الاكتظاظ الكبير في الصفوف، فهناك صفوف سعتها لا تتجاوز 20 طالباً، بينما نجد 60 إلى 70 طالباً يتقاسمون المقاعد ويفترشون الأرض، كلها معوقات سببها عجز الدولة عن توفير العدد الكافي من المدارس، ما تسبب بالتوجه إلى المدارس الأهلية".
ويتابع "نتيجة للثقل الحاصل على قطاع التعليم الحكومي، فتحت الوزارة المجال للمدارس الأهلية لترفع عن كاهلها شيئاً من هذا الثقل الذي بات واضحاً، وكذلك لتخفي إخفاقها في تطوير مستوى التعليم"، ويبين الخفاجي أن نسب النجاح في المدارس الأهلية أعلى من الحكومية، ومعظم الطلاب الأوائل هم من المدارس الأهلية.
وبحسب الخفاجي، فإنّ "التعليم يعتمد على أربع نقاط أساسية، هي: الطالب والمعلم والمنهاج والمبنى المدرسي، فلو بدأنا من النقطة الأخيرة نجد أن مباني المدارس الأهلية رغم صغرها مجهزة بأغلب الخدمات التي يحتاجها الطالب، من نظافة وتبريد وتدفئة وخدمات صحية ومقاعد دراسية تليق بالطلاب من حيث الجودة والنظافة، أما في ما يخص النقطة الثانية، فالتعليم الأهلي يركز على توفير الكتب والقرطاسية من اليوم الأول للدوام الرسمي، وأيضاً هناك منهاج إثرائي، لتبقى نقطتان مهمتان وهما المعلم والطالب، نحن لا نختلف في أن الطالب نفسه موجود في التعليم الأهلي كما الحكومي، لكن المعلم لو عدنا إلى ما قبل عام 2003 نجده مصدر فكر وتنوير سواء للطالب أو للمجتمع، وهذه نقطة جوهرية تحيل على اختلاف معلم الأمس عن اليوم".
ويواصل "بالنظر إلى كل هذه الاعتبارات، تعمل المدارس الأهلية على تطوير إمكانيات المعلمين من خلال دورات تكوينية فعلية تفتقر إليها وزارة التربية"، ويتابع "أقولها بثقة إننا ساهمنا برفد المستوى التعليمي بطلاب متميزين، وساهمنا بتوفير فرص عمل للكثير من أبناء وطننا، وعلى الرغم من هذا نعمل بموجب تعليمات ولم يشرع لنا قانون من قبل وزارة التربية للعمل بموجبه، بل على العكس لا تنظر إلينا الوزارة كشركاء يعود إليهم الفضل في رفد المجتمع بطاقات شبابية واعدة، وتوفير ما عجزت الدولة عنه لأجيال ستعمل على خدمة العراق".
من جهتها، تشرح بتول أحمد أنّ أفضلية التعليم في المدارس الأهلية مردّه إلى عدد الطلاب القليل والتدريس الجيد، والتركيز على النظافة من خلال متابعة الكوادر التدريسية للخدمات العامة في المبنى ونظافة الطلاب الشخصية، وهو ما يغيب عن المدارس الحكومية.
أما علي أحمد ياسين، فيقول لـ"العربي الجديد": إنّ العبء المادي الذي يقع على كاهل العائلة من خلال ضرورة وجود تدريس خصوصي لطلاب المدارس الحكومية وضعف مستوى الطالب، يمكن اختصاره بدفع الاشتراك في المدارس الأهلية دفعة واحدة وإحراز نتيجة إيجابية من خلال طالب متميز.
وتقول كوثر سمير لـ"العربي الجديد": "لمست حرصاً من الكادر التعليمي من خلال متابعتهم للطلاب، وحلّ مشاكل الأطفال ونظافة المؤسسات التعليمية، كل هذه الميزات الإيجابية دعتني لاختيار المدرسة الأهلية لتعليم أبنائي".