في الطريق الوعرة التي تقود إلى منزل عائلة الفلسطيني رامي عواد زغلول في بلدة حزما، شمال شرق القدس المحتلة، تبدو آثار جنازير جرافات الاحتلال الإسرائيلي واضحة، وقد غاصت عميقاً في تربة الأرض المزروعة بالأشجار. بدا المكان وكأنه تعرّض لزلزال شديد.
في باحة المنزل، تجلس والدة رامي، وهي أرملة، تتوسّط نساء من البلدة جئن لمواساتها، هي التي باتت بلا مأوى بعدما هدمت جرافات بلدية الاحتلال في ساعات الصباح الأولى من الثالث من الشهر الجاري الطابق الثاني من المنزل الذي شيّد حديثاً وبات جاهزاً للسكن.
كانت إشارات يديها وهي تلوح بكفيها يميناً وشمالاً تشير إلى حجم الفاجعة التي ألمت بها وعائلتها. تقول لـ "العربي الجديد"، وهي تشير إلى حطام الردم المتناثر في كل اتجاه: "ما خلّوا حجر على بعض، طيب إحنا وين نروح؟ حتى بيتنا، في الطابق الأول، اللي ساكنين فيه من خمسين سنة محرومين من دخوله، المهندس اللي (الذي) أجا (جاء) معهم حكالنا (أخبرنا) هذا البيت خطر وممكن ينزل (يتهدّم) بأي لحظة، حسبي الله عليهم".
في تلك الأثناء، تقدّم مسنّ من أبناء البلدة مع اثنتين من النساء، تبدوان من قريباته، ليواسي السيدة الأرملة: "سلامة الأولاد غنيمة يا أم رامي، اللي (الذي) انهدم (هُدِم) بنبني (نبنيه) من جديد، والشباب ما شاء الله عليهم، ولا يهمك، ولا تزعلي، ربنا بعوضك".
حين اقتربنا من المنزل المهدّم للقاء رامي، كان الطريق إلى تلة صغيرة مليئاً بالحطام والردم والحديد والإسمنت التي دمرتها جرافات الاحتلال. وعلى التلة تلك التي تشرف على طريق حزما أريحا المار بمحاذاة البلدة كان عدد من أبناء البلدة وأقارب أصحاب المنزل قد أمضوا اليوم كله ليساندوا العائلة المنكوبة، في حين أن رامي كان منشغلاً بتأمين مأوى لقطيع من الخراف طاول الهدم حظيرته القريبة.
يقول رامي لـ "العربي الجديد" إنّه استيقظ على نداء أمّه تطلب منه معرفة ما يجري خارج المنزل، حيث احتشد الجنود والجرافات. وحين خرج إليهم مستفسراً عن سبب حضورهم، قال له أحد الضباط: "جئنا نهدم البيت". لكن كيف تهدمونه هكذا ومن دون سابق إنذار أو تبليغ؟ رد رامي. إلا أن الضابط لم يعره اهتماماً وأمر جرافاته بالشروع بالهدم. يضيف: "اشتبكنا معهم بالأيدي وقاومناهم، فاعتدوا علينا بالضرب ودفعونا بعيداً عن البيت إلى أن تم الهدم كله".
الطابق الثاني من المنزل الذي استهدفته عملية الهدم، كما أبلغنا صاحبه، قائم على مبنى قديم شيّد منذ أكثر من خمسين عاماً. بالتالي، لا يحتاج بناء طابق إضافي إلى أي ترخيص. يقول رامي: "مع ذلك، سعينا للحصول على الترخيص من بلدية الاحتلال، حيث يقع المنزل في منطقة نفوذها، وكانت هناك متابعة من قبل المحامي للحصول على ترخيص. لكن قرار الهدم كان مفاجئاً من حيث التوقيت".
يقطن في الطابق الأول من المنزل، والذي تضرر من جراء هدم الطابق الثاني، اثنا عشر شخصاً، هم إخوة وأخوات ووالدة رامي الأرملة، وهو المعيل لعائلته بعد وفاة والده. اليوم، باتت العائلة بلا مأوى بعدما طلب منها عدم الإقامة داخل المنزل المتضرر بسبب التصدعات.
ولم يبق للعائلة سوى ساحة البيت وبعض أشجار الزيتون بعدما حطمت الجرافات بعضها.
اقــرأ أيضاً
وترك لهم الاحتلال غرامة مقدارها 80 ألف شيكل، أي نحو 25 ألف دولار، على العائلة دفعها كرسوم هدم ستذهب إلى صندوق بلدية الاحتلال في القدس، وقوات الاحتلال التي تولت تنفيذ عملية الهدم.
كان غضب رامي واضحاً وهو يبرز أمامنا الغرامة الموقعة من رئيس بلدية الاحتلال في القدس، وقد اختار أن يمزقها إلى قطع صغيرة، لعلّ ذلك يشفي غليله، بينما ينظر إلى جدار ضخم من كتل الإسمنت ومزيد من الوحدات الاستيطانية التي تبنى على أراضي بلدته وتطوقها من الغرب والشرق والجنوب.
حطام الشجر والحجر المتناثر حول المنزل لا يساوي شيئاً أمام ما عانته الأسرة وهي ترى منزلها ومأواها تسقط حجارته على مرأى من كان شاهداً على الجرافات، وهي توغل في الهدم والتخريب وتقطيع أشجار الزيتون وجرف الأرض. الثابت في ما يقوله رامي، هو أنه لن يغادر المكان ولن يتركه حتى لو اضطر للإقامة فوق الأنقاض. لكنّ وجع الأم أكبر من أن تداريه وهي تعبر عن قلقها على نجلها البكر المعيل لها ولإخوته وأخواته، تماماً كما كان شعورها وهي تردد بعض الكلمات عن المصير المجهول للعائلة: "وين بدنا نروح؟".
في باحة المنزل، تجلس والدة رامي، وهي أرملة، تتوسّط نساء من البلدة جئن لمواساتها، هي التي باتت بلا مأوى بعدما هدمت جرافات بلدية الاحتلال في ساعات الصباح الأولى من الثالث من الشهر الجاري الطابق الثاني من المنزل الذي شيّد حديثاً وبات جاهزاً للسكن.
كانت إشارات يديها وهي تلوح بكفيها يميناً وشمالاً تشير إلى حجم الفاجعة التي ألمت بها وعائلتها. تقول لـ "العربي الجديد"، وهي تشير إلى حطام الردم المتناثر في كل اتجاه: "ما خلّوا حجر على بعض، طيب إحنا وين نروح؟ حتى بيتنا، في الطابق الأول، اللي ساكنين فيه من خمسين سنة محرومين من دخوله، المهندس اللي (الذي) أجا (جاء) معهم حكالنا (أخبرنا) هذا البيت خطر وممكن ينزل (يتهدّم) بأي لحظة، حسبي الله عليهم".
في تلك الأثناء، تقدّم مسنّ من أبناء البلدة مع اثنتين من النساء، تبدوان من قريباته، ليواسي السيدة الأرملة: "سلامة الأولاد غنيمة يا أم رامي، اللي (الذي) انهدم (هُدِم) بنبني (نبنيه) من جديد، والشباب ما شاء الله عليهم، ولا يهمك، ولا تزعلي، ربنا بعوضك".
حين اقتربنا من المنزل المهدّم للقاء رامي، كان الطريق إلى تلة صغيرة مليئاً بالحطام والردم والحديد والإسمنت التي دمرتها جرافات الاحتلال. وعلى التلة تلك التي تشرف على طريق حزما أريحا المار بمحاذاة البلدة كان عدد من أبناء البلدة وأقارب أصحاب المنزل قد أمضوا اليوم كله ليساندوا العائلة المنكوبة، في حين أن رامي كان منشغلاً بتأمين مأوى لقطيع من الخراف طاول الهدم حظيرته القريبة.
يقول رامي لـ "العربي الجديد" إنّه استيقظ على نداء أمّه تطلب منه معرفة ما يجري خارج المنزل، حيث احتشد الجنود والجرافات. وحين خرج إليهم مستفسراً عن سبب حضورهم، قال له أحد الضباط: "جئنا نهدم البيت". لكن كيف تهدمونه هكذا ومن دون سابق إنذار أو تبليغ؟ رد رامي. إلا أن الضابط لم يعره اهتماماً وأمر جرافاته بالشروع بالهدم. يضيف: "اشتبكنا معهم بالأيدي وقاومناهم، فاعتدوا علينا بالضرب ودفعونا بعيداً عن البيت إلى أن تم الهدم كله".
الطابق الثاني من المنزل الذي استهدفته عملية الهدم، كما أبلغنا صاحبه، قائم على مبنى قديم شيّد منذ أكثر من خمسين عاماً. بالتالي، لا يحتاج بناء طابق إضافي إلى أي ترخيص. يقول رامي: "مع ذلك، سعينا للحصول على الترخيص من بلدية الاحتلال، حيث يقع المنزل في منطقة نفوذها، وكانت هناك متابعة من قبل المحامي للحصول على ترخيص. لكن قرار الهدم كان مفاجئاً من حيث التوقيت".
يقطن في الطابق الأول من المنزل، والذي تضرر من جراء هدم الطابق الثاني، اثنا عشر شخصاً، هم إخوة وأخوات ووالدة رامي الأرملة، وهو المعيل لعائلته بعد وفاة والده. اليوم، باتت العائلة بلا مأوى بعدما طلب منها عدم الإقامة داخل المنزل المتضرر بسبب التصدعات.
ولم يبق للعائلة سوى ساحة البيت وبعض أشجار الزيتون بعدما حطمت الجرافات بعضها.
وترك لهم الاحتلال غرامة مقدارها 80 ألف شيكل، أي نحو 25 ألف دولار، على العائلة دفعها كرسوم هدم ستذهب إلى صندوق بلدية الاحتلال في القدس، وقوات الاحتلال التي تولت تنفيذ عملية الهدم.
كان غضب رامي واضحاً وهو يبرز أمامنا الغرامة الموقعة من رئيس بلدية الاحتلال في القدس، وقد اختار أن يمزقها إلى قطع صغيرة، لعلّ ذلك يشفي غليله، بينما ينظر إلى جدار ضخم من كتل الإسمنت ومزيد من الوحدات الاستيطانية التي تبنى على أراضي بلدته وتطوقها من الغرب والشرق والجنوب.
حطام الشجر والحجر المتناثر حول المنزل لا يساوي شيئاً أمام ما عانته الأسرة وهي ترى منزلها ومأواها تسقط حجارته على مرأى من كان شاهداً على الجرافات، وهي توغل في الهدم والتخريب وتقطيع أشجار الزيتون وجرف الأرض. الثابت في ما يقوله رامي، هو أنه لن يغادر المكان ولن يتركه حتى لو اضطر للإقامة فوق الأنقاض. لكنّ وجع الأم أكبر من أن تداريه وهي تعبر عن قلقها على نجلها البكر المعيل لها ولإخوته وأخواته، تماماً كما كان شعورها وهي تردد بعض الكلمات عن المصير المجهول للعائلة: "وين بدنا نروح؟".